باب . المضطر إلى الميتة
قال الله سبحانه وتعالى : ( فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم ) ، قوله : ( غير باغ ) ، قيل : معناه لا يبغي ، فيأكله غير مضطر إليه ، ( ولا عاد ) ، أي : لا يعدو شبعه .
وقيل : ( غير باغ ) ، أي : لا يتجاوز القدر الذي أبيح له ، ( ولا عاد ) ، أي : لا يقصر عنه ، فلا يأكل .
وقيل : ( غير باغ ) ، أي : غير طالبها وهو يجد غيرها ، ( ولا عاد ) ، أي : غير متعد [ ص: 344 ] ما حد له .
وقيل : ( غير باغ ) ، أي : غير ظالم بتحليل ما حرم الله سبحانه وتعالى ، ( ولا عاد ) ، أي : غير مجاوز القصد .
وقيل : ( غير باغ ) أي : غير خارج عن السلطان ، أو قاطع للطريق ، فإن خرج لمعصية لفساد في الأرض ، أو لقطع طريق ، فاضطر إلى ميتة لا يحل له تناولها ، وهو قول مجاهد ، وإليه ذهب وسعيد بن جبير ، ولم يجوز الترخص لأحد خرج لسفر معصية ، وجوز الشافعي ، أصحاب الرأي الترخص للعاصي بسفره ، وقالوا : البغي والعدوان راجعان إلى الأكل .
وقال الله سبحانه وتعالى : ( فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم ) ، والمخمصة : المجاعة ، لأن البطن يضمر بها ، قوله : ( غير متجانف لإثم ) ، أي : غير مائل إلى حرام ، ويقال للمائل : أجنف ، ومنه قوله سبحانه وتعالى : ( فمن خاف من موص جنفا ) قال من اضطر إلى الميتة والدم ولحم الخنزير ، فلم يأكل ولم يشرب حتى يموت ، دخل النار . مسروق :
قال ولم أسمع في الخمر رخصة ، قال [ ص: 345 ] معمر : لا يحل شرب أبوال الناس لشدة تنزل به ، لأنه رجس ، قال الله سبحانه وتعالى : ( الزهري : أحل لكم الطيبات ) .