4217 - أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أنا ، أنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار ، [ ص: 5 ] نا ، نا أحمد بن منصور الرمادي ، أنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الأعمش ، عن زيد بن وهب حذيفة ، قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين قد رأيت أحدهما، وأنا أنتظر الآخر، حدثنا، "أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال، ونزل القرآن، فقرؤوا من القرآن، وعملوا من السنة " ، ثم حدثنا عن رفعها، قال: "ترفع الأمانة، فينام الرجل، ثم يستيقظ، وقد رفعت الأمانة من قلبه، ويبقى أثرها كالوكت، أو كالمجل كجمر دحرجته على رجلك، فهو يرى أن فيه شيئا، وليس فيه شيء، وترفع الأمانة، حتى يقال: إن في بني فلان رجلا أمينا، ولقد رأيتني حديثا، وما أبالي أيكم أبايع، لئن كان مسلما ليردنه علي إسلامه، ولئن كان معاهدا ليردنه علي ساعيه، فأما اليوم، فإني لم أكن لأبايع منكم إلا فلانا وفلانا " .
هذا حديث متفق على صحته، أخرجه ، عن محمد ، عن محمد بن كثير ، وأخرجه سفيان ، عن مسلم ، أبي كريب ، عن وأبي بكر بن أبي شيبة ، كلاهما عن أبي معاوية ، وقالا فيه: "فتقبض الأمانة، [ ص: 6 ] فيبقى أثرها مثل أثر المجل دحرجته على رجلك فنفط، فتراه منتبرا وليس فيه شيء، ويصبح الناس يتبايعون ولا يكاد أحد يؤدي الأمانة، ويقال للرجل: ما أعقله! وما أظرفه! وما أجلده! وما في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان". الأعمش
قوله: "في جذر قلوب الرجال" ، الجذر: الأصل من كل شيء.
الوكت: جمع وكتة، وهي الأثر اليسير، ومنه قيل للبسر إذا وقعت فيه نكتة من الأرطاب: قد وكت.
والمجل من قولهم: مجلت يده مجلا: إذا خرج منها شيء يشبه البثر من العمل، ويغلظ جلدها.
وقوله: "فتراه منتبرا"، المنتبر: المنتفط، يقال: انتبرت يده، أي: انتفطت.
وقوله: "ليردنه علي ساعيه"، يعني: رئيسهم الذي يصدرون عن رأيه، ولا يمضون أمرا دونه، ويقال: أراد بالساعي الوالي عليه، يقول: ينصفني منه وإن لم يكن مسلما، وكل من ولي شيئا على قوم، فهو ساع عليهم، ومنه يقال لعامل الصدقة: ساع، وتأوله بعضهم على بيعة الخلافة.
وقال رحمه الله: وهو خطأ، لأنه قال: وإن كان معاهدا رد علي ساعيه، ولا يبايع المعاهد، إنما أراد مبايعة البيع والشراء، يريد: ذهبت الأمانة من الناس، فلست أثق اليوم بأحد أأتمنه على بيع، أو شراء إلا فلانا، وفلانا لقلة الأمانة في الناس، وقبل هذا كنت لا أبالي من بايعته، فإن بايعت مسلما، قلت: لا يظلمني لأنه مسلم ، وإن بايعت نصرانيا، قلت: إن لم ينصفني، أعانني عليه ساعيه، وقد فسد اليوم الأمر. الخطابي