المسألة الثالثة
إذا قال قوم : علم من ذلك صدقه لأنه يمتنع عادة أن لا يطلع واحد منهم على كذبه ، وبتقدير الاطلاع يمتنع عادة سكوت الجمع العظيم عن التكذيب مع اختلاف أمزجتهم وطباعهم واختلاف دواعيهم . فحيث سكتوا عن التكذيب دل على صدقه وليس بحق ؛ لأنه من الجائز أن لا يكون لهم اطلاع على ما أخبر به ، ولا يعلمون كونه صادقا ولا كاذبا ، ولا واحد منهم ، ولا العادة مما تحيل اطلاع بعض الناس على أمر لم يطلع عليه غيره . أخبر واحد بخبر عن أمر محس بين يدي جماعة عظيمة وسكتوا عن تكذيبه
وبتقدير أن يعلم واحد منهم أو اثنان كذبه ، فالعادة لا تحيل سكوت الواحد والاثنين عن تكذيبه ، وبتقدير أن يعلم الكل بكذبه ، فيحتمل أن مانعا منعهم من تكذيبه ، ومع هذه الاحتمالات يمتنع القطع بتصديقه وإن كان صدقه مظنونا .