[ ص: 333 ] المسألة العاشرة
مذهب في القول الجديد ، ومذهب أكثر الفقهاء والأصوليين أن الشافعي ، وسواء كان هو الراوي أو لم يكن لا يكون مخصصا للعموم ، خلافا لأصحاب مذهب الصحابي إذا كان على خلاف ظاهر العموم أبي حنيفة والحنابلة وجماعة من الفقهاء . وعيسى بن أبان
ودليله أن ظاهر العموم حجة شرعية يجب العمل بها باتفاق القائلين بالعموم ، ومذهب الصحابي ليس بحجة على ما سنبينه [1] ، فلا يجوز ترك العموم به ، فإن قيل : إذا خالف مذهب الصحابي العموم فلا يخلو ، إما أن يكون ذلك لدليل ، لا جائز أن يكون لا لدليل ، وإلا وجب تفسيقه والحكم بخروجه عن العدالة ، وهو خلاف الإجماع .
وإن كان ذلك لدليل وجب تخصيص العموم به جمعا بين الدليلين ، إذ هو أولى من تعطيل أحدهما كما علم غير مرة .
قلنا : مخالفة الصحابي للعموم إنما كانت لدليل عن له في نظره ، وسواء كان في نفس الأمر مخطئا فيه أو مصيبا .
فلذلك لم نقض بتفسيقه لكونه مأخوذا باتباع اجتهاده وما أوجبه ظنه ، ومع ذلك فلا يكون ما عن له في نظره حجة متبعة بالنسبة إلى غيره ، بدليل جواز مخالفة صحابي آخر له من غير تفسيق ولا تبديع .
وإذا لم يكن ما صار إليه حجة واجبة الاتباع بالنسبة إلى الغير فلا يكون العموم المتفق على صحة الاحتجاج به مطلقا .