الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          معلومات الكتاب

          الإحكام في أصول الأحكام

          الآمدي - علي بن محمد الآمدي

          [ ص: 49 ] المسألة السادسة

          الذين اتفقوا على امتناع تأخير البيان إلى وقت الحاجة ، اختلفوا في جواز إسماع الله تعالى للمكلف العام دون إسماعه للدليل المخصص له .

          [1] فذهب الجبائي وأبو الهذيل [2] إلى امتناع ذلك في الدليل المخصص السمعي ، وأجاز أن يسمعه العام المخصص بدليل العقل ، وإن لم يعلم السامع دلالته على التخصيص .

          وذهب أبو هاشم والنظام وأبو الحسين البصري إلى جواز إسماع العام من لم يعرف الدليل المخصص له ، سواء كان المخصص سمعيا أو عقليا .

          وهو الحق لوجهين :

          الأول : أنا قد بينا جواز تأخير المخصص عن الخطاب إذا كان سمعيا ، مع أن عدم سماعه لعدمه في نفسه أتم من عدم سماعه مع وجوده في نفسه .

          فإذا جاز تأخير المخصص ، فجواز تأخير إسماعه مع وجوده أولى .

          الثاني : هو أن وقوع ذلك يدل على جوازه ، ودليله إسماع فاطمة قوله تعالى ( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ) مع أنها لم تسمع بقوله : " نحن معاشر الأنبياء لا نورث ، ما تركناه صدقة " إلا بعد حين .

          وكذلك أسمعت الصحابة قوله تعالى ( فاقتلوا المشركين ) ولم يسمع أكثرهم الدليل المخصص للمجوس وهو قوله - صلى الله عليه وسلم - ( سنوا بهم سنة أهل الكتاب ) إلا بعد حين ، إلى وقائع كثيرة غير محصورة .

          وكل ما يتشبث به الخصوم في المنع من ذلك فغير خارج عما ذكرناه لهم من الشبه المتقدمة ، وجوابها ما سبق مع أنه منتقض بجواز إسماعه العام مع عدم معرفته بالدليل المخصص ، إذا كان عقليا .

          التالي السابق


          الخدمات العلمية