المسألة الأولى
اختلف الأصوليون في ، فأثبته قوم ونفاه آخرون اشتراط مناسبة الوصف المومأ إليه وأتباعه . كالغزالي
حجة من قال باشتراط المناسبة أن الغالب من تصرفات الشارع أن تكون على وفق تصرفات العقلاء وأهل العرف [1] ، ولو قال الواحد من أهل العرف لغيره : ( أكرم الجاهل وأهن العالم ) قضى كل عاقل أنه لم يأمر بإكرام الجاهل لجهله ، ولا أن أمره بإهانة العالم لعلمه ، وأن ذلك لا يصلح للتعليل نظرا إلى أن تصرفات العقلاء لا تتعدى مسالك الحكمة وقضايا العقل .
وأيضا فإن الاتفاق من الفقهاء واقع على امتناع خلو الأحكام الشرعية عن الحكم إما بطريق الوجوب على رأي المعتزلة ، وإما بحكم الاتفاق على رأي أصحابنا [2] وسواء ظهرت الحكمة أم لم تظهر .
وما يعلم قطعا أنه لا مناسبة فيه ولا وهم المناسبة يعلم امتناع التعليل به .
والمختار أن تقول : أما ما كان من القسم السادس الذي فهم التعليل فيه مستندا إلى ذكر الحكم مع الوصف المناسب ، فلا يتصور فهم التعليل فيه دون فهم المناسبة ; لأن عدم المناسبة فيما المناسبة شرط فيه يكون تناقضا ، وأما ما سواه من [ ص: 262 ] الأقسام فلا يمتنع التعليل فيها بما لا مناسبة فيه ، إلا أن تكون العلة بمعنى الباعث ، وأما بمعنى الأمارة والعلامة فلا .
وعلى هذا فما ذكروه من الحجة على امتناع التعليل بالوصف الطردي إنما يصح أن لو قيل : إن التعليل بالوصف الطردي بمعنى الباعث ، ولا اتجاه لها في التعليل بمعنى الأمارة والعلامة .
وعلى هذا فلا امتناع في جعل الجهل علامة على الإكرام والعلم علامة على الإهانة ، إذا لم يكن هو الباعث بل الباعث غيره .