[ ص: 203 ] المسألة الثامنة
اتفقوا على أن لا يجوز نقضه في المسائل الاجتهادية لمصلحة الحكم ، فإنه لو جاز نقض حكمه إما بتغير اجتهاده ، أو بحكم حاكم آخر ، لأمكن نقض الحكم بالنقض ونقض النقض إلى غير النهاية . ويلزم من ذلك اضطراب الأحكام وعدم الوثوق بحكم الحاكم ، وهو خلاف المصلحة التي نصب الحاكم لها . حكم الحاكم
وإنما يمكن نقضه بأن يكون حكمه مخالفا لدليل قاطع من نص أو إجماع أو قياس جلي ، وهو ما كانت العلة فيه منصوصة أو كان قد قطع فيه بنفي الفارق بين الأصل والفرع كما سبق تحقيقه [1] ، ولو كان حكمه مخالفا لدليل ظني من نص أو غيره ، فلا ينقض ما حكم به بالظن لتساويهما في الرتبة .
. [2] ولو حكم على خلاف اجتهاده مقلدا لمجتهد آخر فقد اتفقوا على امتناعه وإبطال حكمه ، ولو كان الحاكم مقلدا لإمام وحكم بحكم يخالف مذهب إمامه ، فإن قضينا بصحة حكم المقلد ضرورة عدم المجتهد في زماننا ، فنقض حكمه مبني على الخلاف في أنه هل يجوز له تقليد غير إمامه ؟ فإن منعنا من ذلك نقض ، وإلا فلا .
وأما المجتهد إذا أداه اجتهاده إلى حكم في حق نفسه كتجويز نكاح المرأة بلا ولي ، ثم تغير اجتهاده فإما أن يتصل بذلك حكم حاكم آخر ، أو لا يتصل .
فإن كان الأول : لم ينقض الاجتهاد السابق ; نظرا إلى المحافظة على حكم الحاكم ومصلحته .
وإن كان الثاني : لزمه مفارقة الزوجة ، وإلا كان مستديما لحل الاستمتاع بها على خلاف معتقده ، وهو خلاف الإجماع .
وأما إن كان قد أفتى بذلك لغيره ، وعمل ذلك الغير بفتواه ، ثم تغير اجتهاده ، فقد اختلفوا في أن المقلد هل يجب عليه مفارقة الزوجة لتغير اجتهاد مفتيه ؟ والحق وجوبه ، كما لو قلد من ليس له أهلية الاجتهاد في القبلة من هو من أهل الاجتهاد فيها ، ثم تغير اجتهاده إلى جهة أخرى في أثناء صلاة المقلد له ، فإنه يجب عليه التحول إلى الجهة الأخرى كما لو تغير اجتهاده هو في نفسه .