579 - أخبركم أبو عمر بن حيويه ، وأبو بكر الوراق قالا : أخبرنا يحيى قال : حدثنا الحسين قال : أخبرنا قال : أخبرنا ابن المبارك قال : سمعت جرير بن حازم يقول : قدم على أمير المؤمنين الحسن عمر أهل البصرة مع قال : فكنا ندخل عليه ، وله كل يوم خبز يلت ، وربما وافيناه ما دوم بسمن ، وأحيانا بزيت ، وأحيانا باللبن ، وربما وافقنا القدائد اليابسة قد دقت ، ثم أغلي بماء ، وربما وافقنا اللحم الغريض وهو قليل ، فقال لنا يوما : إني والله لقد أرى تعذيركم ، وكراهيتكم طعامي ، وإني والله لو شئت لكنت أطيبكم طعاما ، أبي موسى الأشعري ، وأرقكم عيشا ، أما والله ما أجهل عن كراكر وأسنمة ، وعن صلاء ، وعن صلائق ، وصناب قال وفد من جرير : الصلاء الشواء ، والصناب الخردل ، والصلائق الخبز الرقاق ولكني سمعت الله تعالى عير قوما بأمر فعلوه ، فقال : [ ص: 205 ] أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها ، قال : فكلمنا فقال : لو كلمتم أمير المؤمنين ، ففرض لكم من بيت المال طعاما تأكلونه ، قال : فكلمناه ، فقال : يا معشر الأمراء! أما ترضون لأنفسكم ما أرضى لنفسي ، قال : فقلنا : يا أمير المؤمنين! إن أبو موسى الأشعري ، المدينة أرض العيش بها شديد ، ولا نرى طعامك يغشى ، ولا يؤكل ، وإنا بأرض ذات ريف ، وإن أميرنا يغشى ، وإن طعامه يؤكل ، قال : فنكس عمر ساعة ، ثم رفع رأسه فقال : قد فرضت لكم من بيت المال شاتين ، وجريبين ، فإذا كان بالغداة فضع إحدى الشاتين على أحد الجريبين ، فكل أنت وأصحابك ، ثم ادع بشراب فاشرب قال ابن صاعد : يعني الشراب الحلال ثم اسق الذي عن يمينك ، ثم الذي يليه ، ثم قم لحاجتك ، فإذا كان بالعشي فضع الشاة الغابرة على الجريب الغابر ، فكل أنت وأصحابك ، ألا وأشبعوا الناس في بيوتهم ، وأطعموا عيالهم ، فإن تجفينكم للناس لا يحسن أخلاقهم ، ولا يشبع جائعهم ، والله مع ذلك ما أظن رستاقا يؤخذ منه كل يوم شاتان وجريبان إلا يسرع ذلك في خرابه .
[ ص: 206 ]