قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=21وبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء قالوا لو هدانا الله لهديناكم سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتموني من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=21وبرزوا لله جميعا أي برزوا من قبورهم ، يعني يوم القيامة . والبروز الظهور . والبراز المكان الواسع لظهوره ; ومنه امرأة برزة أي تظهر للناس ; فمعنى ، برزوا ظهروا من قبورهم . وجاء بلفظ الماضي ومعناه الاستقبال ، واتصل هذا بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=15وخاب كل جبار عنيد أي وقاربوا لما استفتحوا فأهلكوا ، ثم بعثوا للحساب فبرزوا لله جميعا لا يسترهم عنه ساتر . " لله " لأجل أمر الله إياهم بالبروز .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=21فقال الضعفاء يعني الأتباع
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=21للذين استكبروا وهم القادة .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=21إنا كنا لكم تبعا يجوز أن يكون " تبع " مصدرا ; التقدير : ذوي تبع . ويجوز أن يكون جمع تابع ; مثل حارس وحرس ، وخادم وخدم ، وراصد ورصد ، وباقر وبقر .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=21فهل أنتم مغنون أي دافعون
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=21عنا من عذاب الله من شيء أي شيئا ، و " من " صلة ; يقال : أغنى عنه إذا دفع عنه الأذى ، وأغناه إذا أوصل إليه النفع .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=21قالوا لو هدانا الله لهديناكم أي لو هدانا الله إلى الإيمان لهديناكم إليه . وقيل : لو هدانا الله إلى طريق الجنة لهديناكم إليها . وقيل ; لو نجانا الله من العذاب لنجيناكم منه .
" سواء علينا " هذا ابتداء خبره " أجزعنا " أي :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=21سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص أي من مهرب وملجأ . ويجوز أن يكون بمعنى المصدر ، وبمعنى الاسم ; يقال : حاص فلان عن كذا أي فر وزاغ يحيص حيصا وحيوصا وحيصانا ; والمعنى : ما لنا وجه نتباعد به عن النار . وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=839455يقول أهل النار إذا اشتد بهم العذاب تعالوا نصبر فيصبرون خمسمائة [ ص: 311 ] عام فلما رأوا أن ذلك لا ينفعهم قالوا هلم فلنجزع فيجزعون ويصيحون خمسمائة عام فلما رأوا أن ذلك لا ينفعهم قالوا nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=21سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي : ذكر لنا أن أهل النار يقول بعضهم لبعض : يا هؤلاء ! قد نزل بكم من البلاء والعذاب ما قد ترون ، فهلم فلنصبر ; فلعل الصبر ينفعنا كما صبر أهل الطاعة على طاعة الله فنفعهم الصبر إذ صبروا ; فأجمعوا رأيهم على الصبر فصبروا ; فطال صبرهم فجزعوا ، فنادوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=21سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص أي منجى ، فقام إبليس عند ذلك فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=22إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم
يقول : لست بمغن عنكم شيئا
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=22وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتموني من قبل الحديث بطوله ، وقد كتبناه في كتاب التذكرة بكماله .
nindex.php?page=treesubj&link=28985قوله تعالى nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=22وقال الشيطان لما قضي الأمر قال
الحسن : يقف إبليس يوم القيامة خطيبا في جهنم على منبر من نار يسمعه الخلائق جميعا . ومعنى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=22لما قضي الأمر أي حصل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار ، على ما يأتي بيانه في "
مريم " عليها السلام .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=22إن الله وعدكم وعد الحق يعني البعث والجنة والنار وثواب المطيع وعقاب العاصي فصدقكم وعده ، ووعدتكم أن لا بعث ولا جنة ولا نار ولا ثواب ولا عقاب فأخلفتكم . وروى
ابن المبارك من حديث
عقبة بن عامر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث الشفاعة قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835338فيقول عيسى أدلكم على النبي الأمي ، فيأتوني فيأذن الله لي أن أقوم فيثور مجلسي من أطيب ريح شمها أحد حتى آتي ربي فيشفعني ويجعل لي نورا من شعر رأسي إلى ظفر قدمي ثم يقول الكافرون قد وجد المؤمنون من يشفع لهم فمن يشفع لنا فيقولون ما هو غير إبليس هو الذي أضلنا ، فيأتونه فيقولون قد وجد المؤمنون من يشفع لهم فاشفع لنا فإنك أضللتنا فيثور مجلسه من أنتن ريح شمها أحد ثم يعظم نحيبهم ويقول عند ذلك : nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=22إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم الآية . " وعد الحق " هو إضافة الشيء إلى نعته كقولهم : مسجد الجامع ; قال
الفراء قال البصريون : وعدكم وعد اليوم الحق أو وعدكم وعد الوعد الحق فصدقكم ; فحذف المصدر لدلالة الحال .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=22وما كان لي عليكم من سلطان أي من حجة وبيان ; أي ما أظهرت لكم حجة على ما وعدتكم وزينته لكم في الدنيا ،
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=22إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي أي أغويتكم فتابعتموني . وقيل : لم أقهركم على ما دعوتكم إليه .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=22إلا أن دعوتكم هو استثناء منقطع ;
[ ص: 312 ] أي لكن دعوتكم بالوسواس فاستجبتم لي باختياركم ،
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=22فلا تلوموني ولوموا أنفسكم وقيل :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=22وما كان لي عليكم من سلطان أي على قلوبكم وموضع إيمانكم لكن دعوتكم فاستجبتم لي ; وهذا على أنه خطب العاصي المؤمن والكافر الجاحد ; وفيه نظر ; لقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=22لما قضي الأمر فإنه يدل على أنه خطب الكفار دون العاصين الموحدين ; والله أعلم .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=22فلا تلوموني ولوموا أنفسكم إذا جئتموني من غير حجة .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=22ما أنا بمصرخكم أي بمغيثكم .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=22وما أنتم بمصرخي أي بمغيثي . والصارخ والمستصرخ هو الذي يطلب النصرة والمعاونة ، والمصرخ هو المغيث . قال
سلامة بن جندل :
كنا إذا ما أتانا صارخ فزع وكان الصراخ له قرع الظنابيب
وقال
أمية بن أبي الصلت :
ولا تجزعوا إني لكم غير مصرخ وليس لكم عندي غناء ولا نصر
. يقال : صرخ فلان أي استغاث يصرخ صرخا وصراخا وصرخة . واصطرخ بمعنى صرخ . والتصرخ تكلف الصراخ . والمصرخ المغيث ، والمستصرخ المستغيث ; تقول منه : استصرخني فأصرخته . والصريخ صوت المستصرخ . والصريخ أيضا الصارخ ، وهو المغيث والمستغيث ، وهو من الأضداد ; قاله
الجوهري . وقراءة العامة بمصرخي بفتح الياء . وقرأ
الأعمش وحمزة بمصرخي بكسر الياء . والأصل فيها بمصرخيين فذهبت النون للإضافة ، وأدغمت ياء الجماعة في ياء الإضافة ، فمن نصب فلأجل التضعيف ، ولأن ياء الإضافة إذا سكن ما قبلها تعين فيها الفتح مثل : هواي وعصاي ، فإن تحرك ما قبلها جاز الفتح والإسكان ، مثل : غلامي وغلامتي ، ومن كسر فلالتقاء الساكنين حركت إلى الكسر ; لأن الياء أخت الكسرة . وقال
الفراء : قراءة
حمزة وهم منه ، وقل من سلم منهم عن خطأ . وقال
الزجاج : هذه قراءة رديئة ولا وجه لها إلا وجه ضعيف . وقال
قطرب : هذه لغة
بني يربوع يزيدون على ياء الإضافة ياء .
القشيري : والذي يغني عن هذا أن ما يثبت بالتواتر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا يجوز أن يقال فيه هو خطأ أو قبيح أو رديء ، بل هو في القرآن فصيح ، وفيه ما هو أفصح منه ، فلعل هؤلاء أرادوا أن غير هذا الذي قرأ به حمزة أفصح .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=22إني كفرت بما أشركتموني من قبل أي كفرت بإشراككم إياي مع الله تعالى في الطاعة ; ف " ما " بمعنى المصدر . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : إني كفرت اليوم بما كنتم تدعونه في الدنيا من الشرك بالله تعالى .
قتادة : إني عصيت الله .
الثوري : كفرت بطاعتكم إياي في الدنيا .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=22إن الظالمين لهم عذاب أليم . وفي هذه الآيات رد على
القدرية والمعتزلة والإمامية ومن كان على طريقهم ; انظر إلى قول المتبوعين :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=21لو هدانا الله لهديناكم [ ص: 313 ] وقول إبليس :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=22إن الله وعدكم وعد الحق كيف اعترفوا بالحق في صفات الله تعالى وهم في دركات النار ; كما قال في موضع آخر :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=8كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها إلى قول :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=11فاعترفوا بذنبهم واعترافهم في دركات لظى بالحق ليس بنافع ، وإنما ينفع الاعتراف صاحبه في الدنيا ; قال الله - عز وجل - :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=102وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم و " عسى " من الله واجبة .