106 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد قال : ثنا قال : أحمد بن منصور الرمادي ، عن قول الله تعالى : نعيم بن حماد وهو معكم أين ما كنتم ما معناها ؟ فقال : معناها أنه لا يخفى عليه خافية بعلمه ، ألا ترى أنه قال في كتابه : ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم ؟ ، أراد أنه تعالى لا يخفى عليه خافية في الأرض ، ولا في السماء ، ولا في شيء من خلقه . سألت
ولو كان الله شاهدا يحضر منهم ما عملوا ، لم يكن في علمه فضل على غيره من الخلائق ؛ لأنه ليس أحد من الخلق يحضر أمرا ويشهده إلا علمه ، فلو كان الله حاضرا كحضور الخلق من الخلق في أفعالهم لم يكن له في علمه فضل على خلقه ، ولكنه تعالى على عرشه كما وصف نفسه لا يخفى عليه خافية خلقه [ ص: 147 ] .
وإنك لتجد في الصغير من خلق الله أنه ليرى الشيء ، وليس هو فيه ، وبينه وبينه حائل ، فالله تعالى بعظمته ، وقدرته على خلقه أعظم .
ألا ترى أنه يأخذ الرجل القدح بيده وفيه الشراب أو الطعام ، فينظر إليه الناظر ، فيعلم ما في القدح ، والله على عرشه ، وهو محيط بخلقه بعلمه فيهم ، ورؤيته إياهم ، وقدرته عليهم ، وإنما دل ربنا تعالى على فضل عظمته ، وقدرته أنه في أعلى عليين ، وهو يعلم الصغير التافه الحقير الذي هو في أسفل السافلين ، أي فليس علمه كعلمهم ؛ لأن الخلق لا يعلمون إلا ما يشاهدون ، والله عز وجل يتعالى عن ذلك ، وقد بين ذلك في كتابه فقال : لتعلموا أن الله على كل شيء قدير ، وأن الله قد أحاط بكل شيء علما .
وقال تعالى : وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور .
وقال : ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور ، فرد ذلك كله إلى علم الغيب لا إلى المشاهدة والحلول في الصدور حتى يكون فيها .
وقال تعالى : ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ؟ فأخبر تعالى أن ذلك إنما هو بالخبر والعلم . [ ص: 148 ]