الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                معلومات الكتاب

                الأشباه والنظائر على مذاهب أبي حنيفة النعمان

                ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                صفحة جزء
                [ ص: 100 ] الثانية : القصاص الموروث يثبت لكل من الورثة على الكمال ، [ ص: 101 ] حتى قال الإمام للوارث الكبير استيفاؤه قبل بلوغ الصغير ، بخلاف ما إذا كان لبالغين فإن الحاضر لا يملكه في غيبة الآخر اتفاقا ، لاحتمال العفو

                التالي السابق


                ( 3 ) قوله : الثانية القصاص الموروث يثبت لكل من الورثة على الكمال إلخ . قال بعض الفضلاء : فيه كلام ، لأنه مخالف لكلام الأصوليين ، فقد صرحوا بأن القصاص غير موروث عند الإمام لأن الغرض به درك الثأر ، وذلك معنى يحصل لهم ، فكان القصاص حقهم من الابتداء لا أن يكون موروثا . لا يقال ينبغي حينئذ أن لا يجوز استيفاء القصاص إلا بحضور الكل ومطالبتهم ، وليس كذلك فإنه لو عفا أحدهم أو استوفاه بطل أصلا ولا يضمن العافي والمستوفي للآخرين شيئا . لأنا نقول : القصاص واحد لأنه جزاء قتل واحد . وكل واحد منهم كأنه يملكه وحده كولاية الإنكاح للإخوة ، فإذا بادر واستوفى أو عفا ، لا يضمن شيئا للآخرين لأنه تصرف في خالص حقه ولهذا قال الإمام : للكبير ولاية الاستيفاء قبل كبر الصغير لأنه يتصرف في خالص حقه لا في حق الصغير وإنما لم يملكه إذا كان فيهم كبير غائب لاحتمال عفو الغائب ورجحان جهة وجوده لأن العفو عن القصاص مندوب إليه وهنا احتمال العفو معدوم ولا عبرة لتوهم العفو بعد البلوغ لأن فيه إبطال حق ثابت للكبير . كذا في كشف الأسرار شرح المنار . فإذا علمت ذلك علمت ما في قول المصنف رحمه الله تعالى . والثانية : القصاص الموروث ( انتهى ) .

                أقول : لا عبرة بما في كتب الأصول إذا خالف ما ذكر في كتب الفروع ، كما صرحوا به . بقي أن يقال : جزم المصنف رحمه الله هنا بأن القصاص موروث يقتضي أن لا خلاف ، وسيأتي في كتاب الفرائض التنصيص على الخلاف حيث ذكر ما يورث من الحقوق فقال : واختلفوا في القصاص . فذكر في الأصل أنه يورث ومنهم من جعله للوارث ابتداء . ويجوز أن يقال : لا يورث عنده [ ص: 101 ] خلافا لهما آخذا من مسألة لو برهن أحد الورثة على القصاص والباقي غيب فلا بد من إعادته إذا حضروا عنده ، خلافا لهما كذا في آخر اليتيمة ( انتهى ) .

                فلو عارض هذا الفاضل كلامه بكلامه لكان له وجه ، فتأمل . وقد وقعت حادثة : وهي أن شخصا قتل وليس له إلا أولاد صغار فهل ينتظر بلوغهم أو يقتص الحاكم أو يأخذ الدية ؟ ويفهم مما تقدم أنه ينتظر بلوغهم لأنه ليس فيه إبطال حق ثابت للغير . ( 4 ) قوله : حتى قال الإمام للوارث الكبير إلخ . استيفاء هذه المسألة تحتاج إلى تفصيل ، وهو أن الكبير لو كان وليا للصغير كمن له التصرف في ماله كالأب والجد ، يستوفيه قبل أن يبلغ الصغير ، بإجماع أصحابنا سواء كانت الولاية له بالملك أو القرابة ، وإن كان وليا للصغير لا يقدر على التصرف في المال كالأخ والعم ، فعلى الخلاف فإن كان الكبير أجنبيا عن الصغير لا يملك الكبير الاستيفاء بالإجماع حتى يبلغ ، وعند الشافعي رحمه الله : لا يملك الكبير الاستيفاء في الكل . كذا في الزيلعي




                الخدمات العلمية