الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                معلومات الكتاب

                الأشباه والنظائر على مذاهب أبي حنيفة النعمان

                ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                صفحة جزء
                110 - وكذا إذا أقر الوارث أنه قبض جميع ما على الناس من تركة أبيه ثم ادعى على رجل دينا ، تسمع . كذا في الخانية . 111 - وبحث فيه الطرسوسي بحثا رده ابن وهبان

                التالي السابق


                ( 110 ) قوله : وكذا إذا أقر الوارث إلخ . فيه : أن هذا إقرار لغير معين لإبراء المعين ، وهو لا يقتضي منع الدعوى ; لأنه إقرار لمجهول ، حيث لم يخاطب معينا ، والإقرار لمجهول باطل فلا يمنع التناقض به الدعوى . وقد اشتبه على المصنف رحمه الله فظنه من قبيل البراءة العامة ، وجعلها غير مانعة للوارث من الدعوى على الوصي بعد صدورها عامة ، وساق مسائل أخر ظنها مستثناة من البراءة العامة . وقد حررت الحكم وبينت أنها ليست كما ظنه ، وأنه لا يستثنى من البراءة العامة شيء فهي مانعة من الدعوى بما تقدم عليها مطلقا ، وأوضحته برسالة سميتها تنقيح الأحكام في حكم الإقرار والإبراء العام . وصورة الإبراء العام أن يقول : لا حق لي قبل فلان أو فلان بريء من حقي ، أو لا دعوى لي على فلان أو لا خصومة لي عليه أو لا خصومة لي قبله أو لا تعلق لي عليه أو لا دعوى لي قبله أو ليس لي معه أمر شرعي أو لا أستحق عليه شيئا أو أبرأتك من حقي أو أبرأتك مما لي عليك ( انتهى ) .

                أقول فيه إنه وإن لم يكن ما ذكره المصنف رحمه الله إبراء عاما فهو إقرار عام يمنع صحة الدعوى بعد ذلك للمناقضة . ويجاب بأن الإقرار فيما ذكر لمجهول حيث لم يخاطب معينا بالإقرار ، والإقرار لمجهول باطل والتناقض إنما يمنع إذا تضمن إبطال حق على أحد .

                ( 111 ) قوله : وبحث فيه الطرسوسي بحثا رده ابن وهبان . أي بحث فيما لو [ ص: 345 ] أبرأ الوارث الوصي إبراء عاما إلخ . لا فيما إذا أقر الوارث أنه قبض إلخ . وإن أوهمت عبارته ذلك ، باعتبار أن الضمير يرجع إلى أقرب مذكور ، والبحث الذي بحثه الطرسوسي هو أن قولهم : إن النكرة في سياق النفي تعم النقض ; لأن قوله ، ولم يبق لي حق نكرة في سياق النفي فعلى مقتضى القاعدة لا تصح دعواه ولا بينته ، وأجاب ابن وهبان بأنه لا تناقض فإن اعترافه بأنه لم يبق له حق يمكن حمله على ما قبضه ، يعني لم يبق لي حق مما قبضته ألا ترى أن صورة المسألة فيما لو رأى شيئا من تركة والده في يد وصيه وتحققه ساغ له طلبه ، وله مخرج عما أقر به بأن يؤله على ما مر ( انتهى ) .

                قال قاضي القضاة عبد البر بن الشحنة في شرحه أن العمادي نقل المسألة عن المنتقى ، وقال : وأشهد الابن على نفسه أنه قبض منه فعين المبرأ من الحقوق إذ لا بد من التعيين حتى يمتنع عليه الطلب ، ثم قال : يظهر لي في الوجه للمسألة الأولى أنه إنما تسمع دعواه استحسانا لا قياسا لفوات شبهة عدم معرفته بما يستحقه من قبل والده ، لقيام الجهل بمعرفة ما لوالده على جهة التفصيل والتحرير ، بخلاف ما إذا كان مثل هذا الإشهاد مجردا عن سابقة الجهل المذكور فاستحسنوا سماع دعواه هنا فتأمله




                الخدمات العلمية