[فصل]
: وقد اعتقد قوم من الصوفية أن هذا الغناء الذي ذكرنا عن قوم تحريمه وعن آخر كراهته مستحب في حق قوم . وأنبأنا عبد المنعم بن عبد الكريم بن هوازن القشيري قال حدثنا أبي قال سمعت أبا علي الدقاق يقول : لحصول مجاهداتهم ، مستحب لأصحابنا لحياة قلوبهم . السماع حرام على العوام لبقاء نفوسهم ، مباح للزهاد
قال المصنف رحمه الله قلت : وهذا غلط من خمسة أوجه : أحدها أنا قد ذكرنا عن أبي حامد الغزالي أنه يباح سماعه لكل أحد وأبو حامد كان أعرف من هذا القائل . والثاني أن طباع النفوس لا تتغير وإنما المجاهدة تكف عملها . فمن ادعى تغير الطباع ادعى المحال . فإذا جاء ما يحرك الطباع . واندفع الذي كان يكفها عنه عادت العادة . والثالث أن العلماء اختلفوا في تحريمه وإباحته وليس فيهم من نظر في السامع لعلمهم أن الطباع تتساوى . والرابع أن الإجماع انعقد على أنه ليس بمستحب وإنما غايته الإباحة فادعاء الاستحباب خروج عن الإجماع . والخامس أنه يلزم من هذا أن يكون سماع العود مباحا أو مستحبا عند من لا يغير طبعه لأنه إنما حرم لأنه يؤثر في الطباع ويدعوها إلى الهوى فإذا أمن ذلك فينبغي أن يباح وقد ذكرنا هذا عن فمن ادعى خروج طبعه عن طباع الآدميين ادعى المحال أبي الطيب الطبري .