ذكر تلبيس إبليس على المنجمين وأصحاب الفلك
قال أبو محمد النوبختي: ذهب قوم إلى أن الفلك قديم لا صانع له، وحكى جالينوس عن قوم أنهم قالوا: زحل وحده قديم، وزعم قوم أن الفلك طبيعة خالصة ليست فيها حرارة، ولا برودة، ولا رطوبة، ولا يبوسة، وليس بخفيف، ولا ثقيل، وكان بعضهم يرى أن الفلك جوهر ناري، وأنه اختطف من الأرض بقوة دورانه. وقال بعضهم: الكواكب من جسم تشابه الحجارة. وقال بعضهم: هي من غيم تطفأ كل يوم، وتستنير بالليل; مثل الفحم يشتعل وينطفئ. وقال بعضهم: جسم القمر مركب من نار وهوى. وقال آخرون: الفلك من الماء، والريح، والنار، وأنه بمنزلة الكرة، وأنه يتحرك بحركتين من المشرق إلى المغرب، ومن المغرب إلى المشرق. قالوا: وزحل يدور الفلك في نحو من ثلاثين سنة، والمشترى في نحو من اثنتي عشرة سنة، والمريخ في نحو سنتين، والشمس، والزهرة، وعطارد في سنة، والقمر في ثلاثين يوما. وقال بعضهم: أفلاك الكواكب سبعة، فالذي يلينا فلك القمر، ثم فلك عطارد، ثم فلك الزهرة، ثم فلك الشمس، ثم فلك المريخ، ثم فلك المشترى، ثم فلك زحل، ثم فلك الكواكب الثابتة، واختلفوا في مقادير أجرام الكواكب، فقال أكثر الفلاسفة: أعظمها جرما الشمس، وهو نحو من مائة وست وستين مرة مثل الأرض، والكواكب الثابتة مقدار كل واحد منها نحو من أربعة وتسعين مرة مثل الأرض، والمشترى نحو من اثنتين وثمانين مرة مثل الأرض، والمريخ نحو من مرة ونصف مثل الأرض. قالوا: ومن كل موضع من أعلى الفلك إلى أن يعود إليه مائة ألف فرسخ وألف فرسخ وأربعة وستون فرسخا. وقال بعضهم: الفلك حي، والسماء حيوان، وفي كل كوكب نفس. قال قدماء الفلاسفة: النجوم تفعل الخير والشر، وتعطي، وتمنع على حسب طبائعها من السعود والنحوس، وتؤثر في النفوس، وأنها حية فعالة.