الباب السابع: في تلبيس إبليس على الولاة والسلاطين
قال المصنف: قد لبس عليهم إبليس من وجوه كثيرة نذكر أمهاتها. فالوجه الأول أنه
nindex.php?page=treesubj&link=20080_20085_20090يريهم أن الله عز وجل يحبهم ولولا ذلك ما ولاهم سلطانه ولا جعلهم نوابا عنه في عباده. وينكشف هذا التلبيس بأنهم إن كانوا نوابا عنه في الحقيقة فليحكموا بشرعه وليتبعوا مراضيه فحينئذ يحبهم لطاعته، فأما صورة الملك والسلطنة فإنه قد أعطاها خلقا ممن يبغضه وقد بسط الدنيا لكثير ممن لا ينظر إليه وسلط جماعة من أولئك على الأولياء والصالحين فقتلوهم وقهروهم فكان ما أعطاهم عليهم لا لهم ودخل ذلك في قوله تعالى: (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=178إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ) .
والثاني أنه
nindex.php?page=treesubj&link=20123_20139يقول لهم الولاية تفتقر إلى هيبة فيتكبرون عن طلب العلم ومجالسة العلماء بآرائهم فيتلفون الدين والمعلوم أن الطبع يسرق من خصال المخالطين فإذا خالطوا مؤثري الدنيا الجهال بالشرع سرق الطبع من خصالهم مع ما عنده منها ولا يرى ما يقاومها ولا ما يزجره عنها وذلك سبب الهلاك.
والثالث أنه
nindex.php?page=treesubj&link=20169يخوفهم الأعداء ويأمرهم بتشديد الحجاب فلا يصل إليهم أهل المظالم. ويتوانى من جعل بصدد رفع المظالم، وقد روى
أبو مريم الأسدي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=674482nindex.php?page=treesubj&link=20141_20139_20131_20116_20169 "من ولاه الله شيئا من أمر المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم احتجب الله عز وجل دون حاجته وخلته وفقره".
والرابع أنهم
nindex.php?page=treesubj&link=20167_20147_20117_20114_20106_20094_20089يستعملون من لا يصلح ممن لا علم عنده ولا تقوى فيجتلب الدعاء عليهم بظلمه الناس ويطعمهم الحرام بالبيوع الفاسدة ويحد من لا يجب عليه الحد ويظنون أنهم يتخلصون من الله عز وجل مما جعلوه في عنق الوافي هيهات إن العامل على الزكاة إذا وكل الفساق بتفرقتها فخانوا ضمن. والخامس أنه
nindex.php?page=treesubj&link=20357_20366_20154يحسن لهم العمل برأيهم فيقطعون من لا يجوز قطعه ويقتلون من لا يحل قتله ويوهمهم أن هذه سياسة وتحت هذا من المعنى أن الشريعة ناقصة تحتاج إلى إتمام ونحن نتمها بآرائنا.
وهذا من أقبح التلبيس لأن الشريعة سياسة إلهية ومحال أن يقع في سياسة
[ ص: 129 ] الإله خلل يحتاج معه إلى سياسة الخلق قال الله عز وجل: (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=38ما فرطنا في الكتاب من شيء ) وقال: (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=41لا معقب لحكمه ) فمدعي السياسة مدعي الخلل في الشريعة. وهذا يزاحم الكفر. وقد روينا عن
عضد الدولة أنه كان يميل إلى جارية فكانت تشغل قلبه فأمر بتغريقها لئلا يشتغل قلبه عن تدبير الملك. وهذا هو الجنون المطبق لأن
nindex.php?page=treesubj&link=32211_34466_20358_20357قتل مسلم بلا جرم لا يحل واعتقاده أن هذا جائز كفر وإن اعتقده غير جائز لكنه رآه مصلحة فلا مصلحة فيما يخالف الشرع.
والسادس أنه
nindex.php?page=treesubj&link=33513_20125يحسن لهم الانبساط في الأموال ظانين أنها بحكمهم.
وهذا تلبيس يكشفه وجوب الحجر على المفرط في مال نفسه فكيف بالمستأجر في حفظ مال غيره. وإنما له من المال بقدر عمله فلا وجه للانبساط. قال
nindex.php?page=showalam&ids=13371ابن عقيل: وقد روي عن
حماد الرواية أنه أنشد
الوليد بن يزيد أبياتا فأعطاه خمسين ألفا وجاريتين قال وهذا مما يروى على وجه المدح لهم وهو غاية القدح فيهم لأنه تبذير في بيت مال المسلمين. وقد يزين لبعضهم منع المستحقين وهو نظير التبذير.
والسابع أنه
nindex.php?page=treesubj&link=20137_30525_30536_20125يحسن لهم الانبساط في المعاصي ويلبس عليهم أن حفظكم للسبيل وأمن البلاد بكم يمنع عنكم العقاب وجواب هذا أن يقال: إنما وليتم لتحفظوا البلاد وتؤمنوا السبل وهذا وجب عليهم وما انبسطوا فيه من المعاصي منهي عنه فلا يرفع هذا ذلك.
والثامن أنه
nindex.php?page=treesubj&link=20118_20114_20090_20105يلبس على أكثرهم بأنه قد قام بما يجب من جهة أن ظواهر الأحوال مستقيمة ولو حقق النظر لرأى اختلالا كثيرا. وقد روينا عن
القاسم بن طلحة بن محمد الشاهد قال رأيت
علي بن عيسى الوزير وقد وكل بدور البطيخ رجلا برزق يطوف على باعة العنب فإذا اشترى أحد سلة عنب خمري لم يعرض له، وإن اشترى سلتين فصاعدا طرح عليها الملح لئلا يتمكن من عملها خمرا. قال: وأدركت السلاطين يمنعون المنجمين من القعود في الطرق حتى لا يفشو العمل بالنجوم، وأدركنا الجند ليس فيهم أحد معه غلام أمرد له طرة ولا شعر إلى أن بدئ بحكم العجم.
والتاسع أنه
nindex.php?page=treesubj&link=20125_20132_20131_20147_20146يحسن لهم استجلاب الأموال واستخراجها بالضرب العنيف وأخذ كل ما يملكه الخائن واستخلافه وإنما الطريق إقامة البينة على الخائن، وقد روينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز أن غلاما كتب له: أن قوما خانوا في مال الله ولا أقدر على استخلاص ما في أيديهم إلا أن أنالهم بعذاب فكتب إليه: لأن يلقوا الله
[ ص: 130 ] بخيانتهم أحب إلي من أن ألقاه بدمائهم.
والعاشر أنه
nindex.php?page=treesubj&link=23505_23507يحسن لهم التصدق بعد الغصب. يريهم أن هذا يمحو ذلك. ويقول: إن درهما من الصدقة يمحو إثم عشرة من الغصب، وهذا محال لأن إثم الغصب باق ودرهم الصدقة إن كان من الغصب لم يقبل، وإن كانت الصدقة من الحلال لم يدفع أيضا إثم الغصب لأن إعطاء الفقير لا يمنع تعلق الذمة بحق آخر.
والحادي عشر أنه
nindex.php?page=treesubj&link=30515_34139_34146يحسن لهم مع الإصرار على المعاصي زيارة الصالحين وسؤالهم الدعاء ويريهم أن هذا يخفف ذلك الإثم، وهذا الخير لا يدفع ذلك الشر، وفي الحديث عن
الحسين بن زياد قال سمعت
منيعا يقول مر تاجر بعشار فحبسوا عليه سفينته فجاء إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16871مالك بن دينار فذكر له ذلك فقام مالك فمشى معه إلى العشار فلما رأوه قالوا يا
nindex.php?page=showalam&ids=16202أبا يحيى ألا بعثت إلينا في حاجتك قال حاجتي أن تخلو عن سفينة هذا الرجل. قالوا قد فعلنا. قال وكان عندهم كوز يجعلون ما يأخذون من الناس من الدراهم فيه فقالوا ادع لنا يا
nindex.php?page=showalam&ids=16202أبا يحيى قال قولوا للكوز يدعو لكم كيف أدعو لكم وألف يدعون عليكم أترى يستجاب لواحد ولا يستجاب لألف.
والثاني عشر أن
nindex.php?page=treesubj&link=29512_32526_25988من الولاة من يعمل لمن فوقه فيأمره بالظلم فيظلم ويلبس عليهم إبليس بأن الإثم على الأمير لا عليك وهذا باطل لأنه معين على الظلم، وكل معين على المعاصي عاص، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن في الخمر عشرة ولعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه ومن هذا الفن أن يجبي المال لمن هو فوقه وقد علم أنه يبذل فيه ويخون فهذا معين على الظلم أيضا، وفي الحديث بإسناد مرفوع إلى
nindex.php?page=showalam&ids=15634جعفر بن سليمان قال: سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=16871مالك بن دينار يقول:
nindex.php?page=treesubj&link=25988_19369_18270كفى بالمرء خيانة أن يكون أمينا للخونة. والله الهادي إلى الصواب.
الْبَابُ السَّابِعُ: فِي تَلْبِيسِ إِبْلِيسَ عَلَى الْوُلَاةِ وَالسَّلَاطِينِ
قَالَ الْمُصَنِّفُ: قَدْ لَبَّسَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ نَذْكُرُ أُمَّهَاتِهَا. فَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=20080_20085_20090يُرِيهِمْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّهُمْ وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا وَلَّاهُمْ سُلْطَانَهُ وَلَا جَعَلَهُمْ نُوَّابًا عَنْهُ فِي عِبَادِهِ. وَيَنْكَشِفُ هَذَا التَّلْبِيسُ بِأَنَّهُمْ إِنْ كَانُوا نُوَّابًا عَنْهُ فِي الْحَقِيقَةِ فَلْيَحْكُمُوا بِشَرْعِهِ وَلْيَتْبَعُوا مَرَاضِيهِ فَحِينَئِذٍ يُحِبُّهُمْ لِطَاعَتِهِ، فَأَمَّا صُورَةُ الْمُلْكِ وَالسَّلْطَنَةِ فَإِنَّهُ قَدْ أَعْطَاهَا خَلْقًا مِمَّنْ يَبْغَضُهُ وَقَدْ بَسَطَ الدُّنْيَا لِكَثِيرٍ مِمَّنْ لَا يَنْظُرُ إِلَيْهِ وَسَلَّطَ جَمَاعَةً مِنْ أُولَئِكَ عَلَى الْأَوْلِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ فَقَتَلُوهُمْ وَقَهَرُوهُمْ فَكَانَ مَا أَعْطَاهُمْ عَلَيْهِمْ لَا لَهُمْ وَدَخَلَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=178إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا ) .
وَالثَّانِي أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=20123_20139يَقُولُ لَهُمُ الْوِلَايَةُ تَفْتَقِرُ إِلَى هَيْبَةٍ فَيَتَكَبَّرُونَ عَنْ طَلَبِ الْعِلْمِ وَمُجَالَسَةِ الْعُلَمَاءِ بِآرَائِهِمْ فَيُتْلِفُونَ الدِّينَ وَالْمَعْلُومُ أَنَّ الطَّبْعَ يَسْرِقُ مِنْ خِصَالِ الْمُخَالِطِينَ فَإِذَا خَالَطُوا مُؤْثِرِي الدُّنْيَا الْجُهَّالَ بِالشَّرْعِ سَرَقَ الطَّبْعُ مِنْ خِصَالِهِمْ مَعَ مَا عِنْدَهُ مِنْهَا وَلَا يَرَى مَا يُقَاوِمُهَا وَلَا مَا يَزْجُرُهُ عَنْهَا وَذَلِكَ سَبَبُ الْهَلَاكِ.
وَالثَّالِثُ أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=20169يُخَوِّفُهُمُ الْأَعْدَاءَ وَيَأْمُرُهُمْ بِتَشْدِيدِ الْحِجَابِ فَلَا يَصِلُ إِلَيْهِمْ أَهْلُ الْمَظَالِمِ. وَيَتَوَانَى مَنْ جُعِلَ بِصَدَدِ رَفْعِ الْمَظَالِمِ، وَقَدْ رَوَى
أَبُو مَرْيَمَ الْأَسَدِيُّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=674482nindex.php?page=treesubj&link=20141_20139_20131_20116_20169 "مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ فَاحْتَجَبَ دُونَ حَاجَتِهِمْ وَخُلَّتِهِمْ وَفَقْرِهِمُ احْتَجَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ دُونَ حَاجَتِهِ وَخُلَّتِهِ وَفَقْرِهِ".
وَالرَّابِعُ أَنَّهُمْ
nindex.php?page=treesubj&link=20167_20147_20117_20114_20106_20094_20089يَسْتَعْمِلُونَ مَنْ لَا يَصْلُحُ مِمَّنْ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ وَلَا تَقْوَى فَيَجْتَلِبُ الدُّعَاءَ عَلَيْهِمْ بِظُلْمِهِ النَّاسَ وَيُطْعِمُهُمُ الْحَرَامَ بِالْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ وَيَحِدُّ مَنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَيَظُنُّونَ أَنَّهُمْ يَتَخَلَّصُونَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِمَّا جَعَلُوهُ فِي عُنُقِ الْوَافِي هَيْهَاتَ إِنَّ الْعَامِلَ عَلَى الزَّكَاةِ إِذَا وَكَّلَ الْفُسَّاقَ بِتَفْرِقَتِهَا فَخَانُوا ضَمِنَ. وَالْخَامِسُ أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=20357_20366_20154يُحَسِّنُ لَهُمُ الْعَمَلَ بِرَأْيِهِمْ فَيَقْطَعُونَ مَنْ لَا يَجُوزُ قَطْعُهُ وَيَقْتُلُونَ مَنْ لَا يَحُلُّ قَتْلُهُ وَيُوهِمُهُمْ أَنَّ هَذِهِ سِيَاسَةٌ وَتَحْتَ هَذَا مِنَ الْمَعْنَى أَنَّ الشَّرِيعَةَ نَاقِصَةٌ تَحْتَاجُ إِلَى إِتْمَامٍ وَنَحْنُ نُتِمُّهَا بِآرَائِنَا.
وَهَذَا مِنْ أَقْبَحِ التَّلْبِيسِ لِأَنَّ الشَّرِيعَةَ سِيَاسَةٌ إِلَهِيَّةٌ وَمُحَالٌ أَنْ يَقَعَ فِي سِيَاسَةِ
[ ص: 129 ] الْإِلَهِ خَلَلٌ يُحْتَاجُ مَعَهُ إِلَى سِيَاسَةِ الْخَلْقِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=38مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ) وَقَالَ: (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=41لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ) فَمُدَّعِي السِّيَاسَةِ مُدَّعِي الْخَلَلِ فِي الشَّرِيعَةِ. وَهَذَا يُزَاحِمُ الْكُفْرَ. وَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ
عَضُدِ الدَّوْلَةِ أَنَّهُ كَانَ يَمِيلُ إِلَى جَارِيَةٍ فَكَانَتْ تَشْغَلُ قَلْبَهُ فَأَمَرَ بِتَغْرِيقِهَا لِئَلَّا يَشْتَغِلَ قَلْبُهُ عَنْ تَدْبِيرِ الْمُلْكِ. وَهَذَا هُوَ الْجُنُونُ الْمُطْبِقُ لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=32211_34466_20358_20357قَتْلَ مُسْلِمٍ بِلَا جُرْمٍ لَا يَحُلُّ وَاعْتِقَادُهُ أَنَّ هَذَا جَائِزٌ كُفْرٌ وَإِنِ اعْتَقَدَهُ غَيْرَ جَائِزٍ لَكِنَّهُ رَآهُ مَصْلَحَةً فَلَا مَصْلَحَةَ فِيمَا يُخَالِفُ الشَّرْعَ.
وَالسَّادِسُ أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=33513_20125يُحَسِّنُ لَهُمُ الِانْبِسَاطَ فِي الْأَمْوَالِ ظَانِّينَ أَنَّهَا بِحُكْمِهِمْ.
وَهَذَا تَلْبِيسٌ يَكْشِفُهُ وُجُوبُ الْحَجْرِ عَلَى الْمُفَرِّطِ فِي مَالِ نَفْسِهِ فَكَيْفَ بِالْمُسْتَأْجَرِ فِي حِفْظِ مَالِ غَيْرِهِ. وَإِنَّمَا لَهُ مِنَ الْمَالِ بِقَدْرِ عَمَلِهِ فَلَا وَجْهَ لِلِانْبِسَاطِ. قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13371ابْنُ عَقِيلٍ: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ
حَمَّادٍ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ أَنْشَدَ
الْوَلِيدَ بْنَ يَزِيدَ أَبْيَاتًا فَأَعْطَاهُ خَمْسِينَ أَلْفًا وَجَارِيَتَيْنِ قَالَ وَهَذَا مِمَّا يُرْوَى عَلَى وَجْهِ الْمَدْحِ لَهُمْ وَهُوَ غَايَةُ الْقَدْحِ فِيهِمْ لِأَنَّهُ تَبْذِيرٌ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ. وَقَدْ يُزَيِّنُ لِبَعْضِهِمْ مَنْعَ الْمُسْتَحِقِّينَ وَهُوَ نَظِيرُ التَّبْذِيرِ.
وَالسَّابِعُ أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=20137_30525_30536_20125يُحَسِّنُ لَهُمُ الِانْبِسَاطَ فِي الْمَعَاصِي وَيُلَبِّسُ عَلَيْهِمْ أَنَّ حِفْظَكُمْ لِلسَّبِيلِ وَأَمْنَ الْبِلَادِ بِكُمْ يَمْنَعُ عَنْكُمُ الْعِقَابَ وَجَوَابُ هَذَا أَنْ يُقَالَ: إِنَّمَا وُلِّيتُمْ لِتَحْفَظُوا الْبِلَادَ وَتُؤَمِّنُوا السُّبُلَ وَهَذَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ وَمَا انْبَسَطُوا فِيهِ مِنَ الْمَعَاصِي مَنْهِيٌّ عَنْهُ فَلَا يَرْفَعُ هَذَا ذَلِكَ.
وَالثَّامِنُ أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=20118_20114_20090_20105يُلَبِّسُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ بِأَنَّهُ قَدْ قَامَ بِمَا يَجِبُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ ظَوَاهِرَ الْأَحْوَالِ مُسْتَقِيمَةٌ وَلَوْ حَقَّقَ النَّظَرَ لَرَأَى اخْتِلَالًا كَثِيرًا. وَقَدْ رَوَيْنَا عَنِ
الْقَاسِمِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ الشَّاهِدِ قَالَ رَأَيْتُ
عَلِيَّ بْنَ عِيسَى الْوَزِيرَ وَقَدْ وَكَّلَ بِدُورِ الْبِطِّيخِ رَجُلًا بِرِزْقٍ يَطُوفُ عَلَى بَاعَةِ الْعِنَبِ فَإِذَا اشْتَرَى أَحَدٌ سَلَّةَ عِنَبٍ خَمْرِيٍّ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ، وَإِنِ اشْتَرَى سَلَّتَيْنِ فَصَاعِدًا طَرَحَ عَلَيْهَا الْمِلْحَ لِئَلَّا يَتَمَكَّنَ مِنْ عَمَلِهَا خَمْرًا. قَالَ: وَأَدْرَكْتُ السَّلَاطِينَ يَمْنَعُونَ الْمُنَجِّمِينَ مِنَ الْقُعُودِ فِي الطُّرُقِ حَتَّى لَا يَفْشُوَ الْعَمَلُ بِالنُّجُومِ، وَأَدْرَكْنَا الْجُنْدَ لَيْسَ فِيهِمْ أَحَدٌ مَعَهُ غُلَامٌ أَمْرَدُ لَهُ طُرَّةٌ وَلَا شَعْرٌ إِلَى أَنْ بُدِئَ بِحُكْمِ الْعَجَمِ.
وَالتَّاسِعُ أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=20125_20132_20131_20147_20146يُحَسِّنُ لَهُمُ اسْتِجْلَابَ الْأَمْوَالِ وَاسْتِخْرَاجَهَا بِالضَّرْبِ الْعَنِيفِ وَأَخْذَ كُلِّ مَا يَمْلِكُهُ الْخَائِنُ وَاسْتِخْلَافَهُ وَإِنَّمَا الطَّرِيقُ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْخَائِنِ، وَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16673عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّ غُلَامًا كَتَبَ لَهُ: أَنَّ قَوْمًا خَانُوا فِي مَالِ اللَّهِ وَلَا أَقْدِرُ عَلَى اسْتِخْلَاصِ مَا فِي أَيْدِيهِمْ إِلَّا أَنْ أَنَالَهُمْ بِعَذَابٍ فَكَتَبَ إِلَيْهِ: لِأَنْ يَلْقَوُا اللَّهَ
[ ص: 130 ] بِخِيَانَتِهِمْ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَلْقَاهُ بِدِمَائِهِمْ.
وَالْعَاشِرُ أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=23505_23507يُحَسِّنُ لَهُمُ التَّصَدُّقَ بَعْدَ الْغَصْبِ. يُرِيهِمْ أَنَّ هَذَا يَمْحُو ذَلِكَ. وَيَقُولُ: إِنَّ دِرْهَمًا مِنَ الصَّدَقَةِ يَمْحُو إِثْمَ عَشَرَةٍ مِنَ الْغَصْبِ، وَهَذَا مُحَالٌ لِأَنَّ إِثْمَ الْغَصْبِ بَاقٍ وَدِرْهَمُ الصَّدَقَةِ إِنْ كَانَ مِنَ الْغَصْبِ لَمْ يُقْبَلْ، وَإِنْ كَانَتِ الصَّدَقَةُ مِنَ الْحَلَالِ لَمْ يَدْفَعْ أَيْضًا إِثْمَ الْغَصْبِ لِأَنَّ إِعْطَاءَ الْفَقِيرِ لَا يَمْنَعُ تَعَلُّقَ الذِّمَّةِ بِحَقٍّ آخَرَ.
وَالْحَادِي عَشَرَ أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=30515_34139_34146يُحَسِّنُ لَهُمْ مَعَ الْإِصْرَارِ عَلَى الْمَعَاصِي زِيَارَةَ الصَّالِحِينَ وَسُؤَالَهُمُ الدُّعَاءَ وَيُرِيهِمْ أَنَّ هَذَا يُخَفِّفُ ذَلِكَ الْإِثْمَ، وَهَذَا الْخَيْرُ لَا يَدْفَعُ ذَلِكَ الشَّرَّ، وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ
الْحُسَيْنِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ
مَنِيعًا يَقُولُ مَرَّ تَاجِرٌ بِعَشَّارٍ فَحَبَسُوا عَلَيْهِ سَفِينَتَهُ فَجَاءَ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=16871مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ فَقَامَ مَالِكٌ فَمَشَى مَعَهُ إِلَى الْعَشَّارِ فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا يَا
nindex.php?page=showalam&ids=16202أَبَا يَحْيَى أَلَا بَعَثْتَ إِلَيْنَا فِي حَاجَتِكَ قَالَ حَاجَتِي أَنْ تَخْلُوَ عَنْ سَفِينَةِ هَذَا الرَّجُلِ. قَالُوا قَدْ فَعَلْنَا. قَالَ وَكَانَ عِنْدَهُمْ كُوزٌ يَجْعَلُونَ مَا يَأْخُذُونَ مِنَ النَّاسِ مِنَ الدَّرَاهِمِ فِيهِ فَقَالُوا ادْعُ لَنَا يَا
nindex.php?page=showalam&ids=16202أَبَا يَحْيَى قَالَ قُولُوا لِلْكُوزِ يَدْعُو لَكُمْ كَيْفَ أَدْعُو لَكُمْ وَأَلْفٌ يَدْعُونَ عَلَيْكُمْ أَتُرَى يُسْتَجَابُ لِوَاحِدٍ وَلَا يُسْتَجَابُ لِأَلْفٍ.
وَالثَّانِي عَشَرَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29512_32526_25988مِنَ الْوُلَاةِ مَنْ يَعْمَلُ لِمَنْ فَوْقَهُ فَيَأْمُرُهُ بِالظُّلْمِ فَيَظْلِمُ وَيُلَبِّسُ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ بِأَنَّ الْإِثْمَ عَلَى الْأَمِيرِ لَا عَلَيْكَ وَهَذَا بَاطِلٌ لِأَنَّهُ مُعِينٌ عَلَى الظُّلْمِ، وَكُلُّ مُعِينٍ عَلَى الْمَعَاصِي عَاصٍ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ فِي الْخَمْرِ عَشَرَةً وَلَعَنَ آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ وَمَنْ هَذَا الْفَنِّ أَنْ يَجْبِيَ الْمَالَ لِمَنْ هُوَ فَوْقَهُ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ يَبْذُلُ فِيهِ وَيَخُونُ فَهَذَا مُعِينٌ عَلَى الظُّلْمِ أَيْضًا، وَفِي الْحَدِيثِ بِإِسْنَادٍ مَرْفُوعٍ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=15634جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=16871مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ يَقُولُ:
nindex.php?page=treesubj&link=25988_19369_18270كَفَى بِالْمَرْءِ خِيَانَةً أَنْ يَكُونَ أَمِينًا لِلْخَوَنَةِ. وَاللَّهُ الْهَادِي إِلَى الصَّوَابِ.