الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  وإن كانوا من الصابئين فهم من الصابئين [1] المشركين ، لا من الصابئين الحنفاء الذين أثنى عليهم القرآن ، فإن أولئك يعبدون [2] الكواكب ويبنون لها [3] الهياكل ، ويتخذون فيها الأصنام ، وهذا دين [ ص: 410 ] المشركين ، وهو دين أهل مقدونية وغيرها من مدائن هؤلاء الفلاسفة الصابئة  المشركين .

                  والإسكندر الذي وزر له أرسطو هو [4] الإسكندر بن فيلبس المقدوني الذي تؤرخ له اليهود والنصارى ، وكان قبل المسيح [ عليه السلام ] [5] بثلاثمائة عام ، ليس هو ذا القرنين المذكور في القرآن ، فإن هذا كان متقدما عليه وهو من الحنفاء ، وذاك هو ووزيره [ أرسطو ] [6] كفار يقولون بالسحر والشرك .

                  ولهذا كانت الإسماعيلية أخذت ما يقوله هؤلاء في [7] العقل والنفس ، وما تقوله المجوس من النور والظلمة ، فركبوا من ذلك ومن التشيع ، وعبروا عن ذلك بالسابق والتالي ، كما قد بسط في موضعه .

                  وأصل المشركين والمعطلة [8] باطل ، وكذلك أصل المجوس ، والقدرية تخرج بعض [9] الحوادث عن خلق الله وقدرته ، ويجعلون له شريكا في الملك .

                  وهؤلاء الدهرية شر منهم في ذلك ، فإن قولهم يستلزم إخراج جميع الحوادث عن خلق الله وقدرته  وإثبات شركاء كثيرين له في الملك ، بل يستلزم تعطيل الصانع بالكلية . ولهذا كان [10] معلمهم الأول أرسطو [ ص: 411 ] وأتباعه إنما يثبتون الأول - الذي يسمونه العلة الأولى - بالاستدلال بحركة الفلك [11] ، فإنهم قالوا : هي اختيارية شوقية ، فلا بد أن يكون لها محرك [ منفصل ]  [12] عنها ، وزعموا أن المتحرك بالإرادة لا بد له من محرك منفصل عنه ، وإن كان هذا قولا لا دليل عليه ، بل هو باطل .

                  قالوا : والمحرك لها يحركها ، كما يحرك الإمام المقتدى به للمأموم المقتدي ، وقد يشبهونها بحركة المعشوق للعاشق ، فإن المحبوب المراد يتحرك [ إليه ] [13] المحب المريد من غير حركة من [14] المحبوب . قالوا : وذلك العشق هو عشق التشبه بالأول [15] .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية