nindex.php?page=treesubj&link=29434فاليهود كذبوا بدين النصارى ، وقالوا ليسوا على شيء ، والنصارى كذبوا بجميع ما تميز به اليهود عنهم ، حتى في شرائع التوراة التي لم ينسخها
المسيح ، بل أمرهم بالعمل بها ، وكذبوا بكثير من الذين تميزوا به عنهم ، حتى كذبوا بما جاء به
عيسى عليه السلام من الحق .
لكن
النصارى - وإن بالغوا في تكفير
اليهود ومعاداتهم على الحد الواجب عما ابتدعوه من الغلو والضلال - فلا ريب أن
اليهود لما كذبوا
المسيح صاروا كفارا ، كما قال تعالى
للمسيح :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=55إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=14قال عيسى ابن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين .
[ ص: 116 ] nindex.php?page=treesubj&link=32431_29434وكفر النصارى بتكذيب محمد صلى الله عليه وسلم ، وبمخالفة المسلمين أعظم من كفر اليهود بمجرد تكذيب المسيح ، فإن
المسيح لم ينسخ من شرع التوراة إلا قليلا ، وسائر شرعه إحالة على التوراة ، ولكن
nindex.php?page=treesubj&link=29434عامة دين النصارى أحدثوه بعد المسيح ، فلم يكن في مجرد تكذيب
اليهود له من مخالفة شرع الله الذي جاء بكتاب مستقل من عند الله لم يحل شيئا من شرعه على شرع غيره .
قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=51أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون .
والقرآن أصل كالتوراة وإن كان أعظم منها ; ولهذا علماء
النصارى يقرنون بين
موسى ومحمد صلى الله عليه وسلم ،
nindex.php?page=treesubj&link=31589_29290كما قال nindex.php?page=showalam&ids=888النجاشي ملك النصارى لما سمع القرآن : إن هذا والذي جاء به
[ ص: 117 ] موسى ليخرج من مشكاة واحدة .
وكذلك
nindex.php?page=hadith&LINKID=650003قال nindex.php?page=treesubj&link=31724ورقة بن نوفل ، وهو من أحبار نصارى العرب ، لما سمع كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال له : إنه يأتيك الناموس الذي يأتي موسى ، يا ليتني فيها جذعا ، حين يخرجك [ ص: 118 ] قومك ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أومخرجي هم ؟ قال : نعم ، لم يأت أحد بمثل ما أتيت به إلا عودي ، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا .
ولهذا يقرن سبحانه بين التوراة والقرآن ، في مثل قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=48فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا سحران تظاهرا ويعني التوراة والقرآن ، وفي القراءة الأخرى ( قالوا ساحران ) أي
محمد [ ص: 119 ] وموسى .
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=48وقالوا إنا بكل كافرون nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=49قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين .
فلم ينزل كتاب من عند الله أهدى من التوراة والقرآن .
ثم قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=50فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين .
وهؤلاء
النصارى ، ذكر كاتب كتابهم في كتابه : أنه لما سأله سائل أن يفحص له فحصا بينا عما يعتقده
النصارى المسيحيون المختلفة ألسنتهم المتفرقة في أربع زوايا العالم ، من المشرق إلى المغرب ، ومن الجنوب الى الشمال ، والقاطنون
بجزائر البحر ، والمقيمون بالبر المتصل إلى مغيب الشمس ، وإن الأسقف
[ ص: 120 ] دميان الملك الرومي اجتمع بمن اجتمع به من أجلائهم ورؤسائهم ، وفاوض من فاوض من أفاضلهم ، وعلمائهم ، فيما علمه من رأي القوم الذين رآهم
بجزائر البحر قبل دخوله إلى
قبرص ، وخاطبهم في دينهم وما يعتقدونه ويحتجون به عن أنفسهم ، قال الكاتب على لسان الأسقف : إنهم يقولون إنا سمعنا أن قد ظهر إنسان من العرب اسمه
محمد يقول إنه رسول الله ، وأتى بكتاب ، فذكر أنه منزل عليه من الله ، فلم نزل إلى أن حصل الكتاب عندنا ، قال فقلت لهم إذا كنتم قد سمعتم بهذا الكتاب ، وهذا الإنسان واجتهدتم على تحصيل هذا الكتاب الذي أتى به عندكم ، فلأي حال لم تتبعوه ولا سيما وفي الكتاب يقول :
[ ص: 121 ] nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=85ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين .
أجابوا قائلين : لأحوال شتى ، قال : فقلت وما هي ؟ قالوا : منها أن الكتاب عربي ، وليس بلساننا حسب ما جاء فيه ، يقول :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=2إنا أنزلناه قرآنا عربيا .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=195بلسان عربي مبين . وقال في سورة الشعراء :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=198ولو نزلناه على بعض الأعجمين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=199فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين .
وقال في سورة البقرة :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=151كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون . وقال في سورة آل عمران :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=164لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته . وقال تعالى في سورة القصص :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=46لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون .
[ ص: 122 ] وقال في سورة السجدة :
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=3لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون .
وقال في سورة يس :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=6لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون .
قالوا : فلما رأينا هذا علمنا أنه لم يأت إلينا ، بل إلى جاهلية العرب ، الذين قال إنه لم يأتهم رسول ولا نذير من قبله ، وإنه لا يلزمنا اتباعه ; لأننا نحن قد أتانا رسل من قبله ، خاطبونا بألسنتنا ، وأنذرونا بديننا الذي نحن متمسكون به يومنا هذا ، وسلموا إلينا التوراة والإنجيل بلغاتنا ، على ما يشهد لهم هذا الكتاب الذي أتى به هذا الرجل حيث يقول في سورة إبراهيم :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=4وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم .
وقال في سورة النحل :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=36ولقد بعثنا في كل أمة رسولا .
وقال في سورة الروم :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=47ولقد أرسلنا من قبلك رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات .
[ ص: 123 ] فقد صح في هذا الكتاب ، أنه لم يأت إلا في الجاهلية من العرب ، وأما قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=85ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين .
فيريد بحسب مقتضى العدل قومه الذين أتاهم بلغتهم ، لا غيرهم ممن لم يأتهم بما جاء فيه .
ونعلم أن
nindex.php?page=treesubj&link=30364الله عدل ، وليس من عدله أن يطالب يوم القيامة أمة باتباع إنسان لم يأت إليهم ، ولا وقفوا له على كتاب بلسانهم ، ولا من جهة داع من قبله .
هذه ألفاظهم بأعيانها في الفصل الأول ، وهذا الفصل لم يتعرضوا فيه لا لتصديقه ولا لتكذيبه ، بل
nindex.php?page=treesubj&link=28747_31048زعموا أن في نفس هذا الكتاب أنه لم يقل إنه مرسل إليهم ، بل إلى جاهلية العرب ، وإن العقل أيضا يمنع أن يرسل إليهم .
فنحن نبدأ بالجواب عن هذا ، ونبين أنه صلى الله عليه
[ ص: 124 ] وسلم أخبر أنه مرسل إليهم ، وإلى جميع الإنس والجن ، وأنه لم يقل قط أنه لم يرسل إليهم ، ولا في كتابه ما يدل على ذلك .
وأن ما احتجوا به من الآيات التي غلطوا في معرفة معناها ، فتركوا النصوص الكثيرة الصريحة في كتابه ، التي تبين أنه مرسل إليهم ، من جنس ما فعلوه في التوراة والإنجيل والزبور وكلام الأنبياء ، حيث تركوا النصوص الكثيرة الصريحة ، وتمسكوا بقليل من المتشابه الذي لم يفهموا معناه .
ومعلوم أن الكلام في صدق مدعي الرسالة وكذبه متقدم على الكلام في عموم رسالته وخصوصها ، وإن كان قد يعلم أحدهما قبل الآخر لكن هؤلاء القوم ادعوا خصوص رسالته ، وذكروا أن القرآن يدل على ذلك . فنجيب عما ذكروه على حسب ترتيبهم فصلا فصلا فنقول وبالله التوفيق :
الكلام فيمن خاطب الخلق بأنه رسول الله إليهم ، كما فعل
محمد صلى الله عليه وسلم وغيره ممن قال إنه رسول الله ،
كإبراهيم وموسى ، ونحوهما من الرسل الصادقين ، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، وآل كل من الصالحين ،
وكمسيلمة الكذاب [ ص: 125 ] والأسود العنسي ، ونحوهما من المتنبئين الكذابين ، ينبني على أصلين :
أحدهما : أن نعرف ما يقوله في خبره وأمره فنعرف ما يخبر به ويأمر به ، وهل قال إنه رسول الله إلى جميع الناس ، أو قال إنه لم يرسل إلا إلى طائفة معينة لا إلى غيرها ؟
والثاني : أن يعرف هل هو صادق أو كاذب ؟
وبهذين الأصلين يتم الإيمان المفصل وهو معرفة صدق الرسول ومعرفة ما جاء به .
وأما الإيمان المجمل ، فيحصل بالأول ، وهو معرفة صدقه فيما جاء به ، كإيماننا بالرسل المتقدمة ، وقد نعلم صدقه أو كذبه
[ ص: 126 ] وهؤلاء بدءوا في كتابهم هذا بما ذكره الرسول ، مما زعموا أنه حجة لهم على عدم وجوب اتباعه ، وعلى مدح دينهم الذي هم اليوم عليه بعد النسخ ، والتبديل ، ثم ذكروا حججا مستقلة على صحة دينهم ثم ذكروا ما يقدح فيه وفي دينه ; فلهذا قدمنا الجواب عما احتجوا به من القرآن ، كما قدموه في كتابهم .
nindex.php?page=treesubj&link=29434فَالْيَهُودُ كَذَّبُوا بِدِينِ النَّصَارَى ، وَقَالُوا لَيْسُوا عَلَى شَيْءٍ ، وَالنَّصَارَى كَذَّبُوا بِجَمِيعِ مَا تَمَيَّزَ بِهِ الْيَهُودُ عَنْهُمْ ، حَتَّى فِي شَرَائِعِ التَّوْرَاةِ الَّتِي لَمْ يَنْسَخْهَا
الْمَسِيحُ ، بَلْ أَمَرَهُمْ بِالْعَمَلِ بِهَا ، وَكَذَّبُوا بِكَثِيرٍ مِنَ الَّذِينَ تَمَيَّزُوا بِهِ عَنْهُمْ ، حَتَّى كَذَّبُوا بِمَا جَاءَ بِهِ
عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنَ الْحَقِّ .
لَكِنَّ
النَّصَارَى - وَإِنْ بَالَغُوا فِي تَكْفِيرِ
الْيَهُودِ وَمُعَادَاتِهِمْ عَلَى الْحَدِّ الْوَاجِبِ عَمَّا ابْتَدَعُوهُ مِنَ الْغُلُوِّ وَالضَّلَالِ - فَلَا رَيْبَ أَنَّ
الْيَهُودَ لَمَّا كَذَّبُوا
الْمَسِيحَ صَارُوا كُفَّارًا ، كَمَا قَالَ تَعَالَى
لِلْمَسِيحِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=55إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=14قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ .
[ ص: 116 ] nindex.php?page=treesubj&link=32431_29434وَكُفْرُ النَّصَارَى بِتَكْذِيبِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَبِمُخَالَفَةِ الْمُسْلِمِينَ أَعْظَمُ مِنْ كُفْرِ الْيَهُودِ بِمُجَرَّدِ تَكْذِيبِ الْمَسِيحِ ، فَإِنَّ
الْمَسِيحَ لَمْ يَنْسَخْ مِنْ شَرْعِ التَّوْرَاةِ إِلَّا قَلِيلًا ، وَسَائِرُ شَرْعِهِ إِحَالَةٌ عَلَى التَّوْرَاةِ ، وَلَكِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=29434عَامَّةُ دِينِ النَّصَارَى أَحْدَثُوهُ بَعْدَ الْمَسِيحِ ، فَلَمْ يَكُنْ فِي مُجَرَّدِ تَكْذِيبِ
الْيَهُودِ لَهُ مِنْ مُخَالَفَةِ شَرْعِ اللَّهِ الَّذِي جَاءَ بِكِتَابٍ مُسْتَقِلٍّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لَمْ يُحِلْ شَيْئًا مِنْ شَرْعِهِ عَلَى شَرْعِ غَيْرِهِ .
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=51أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ .
وَالْقُرْآنُ أَصْلٌ كَالتَّوْرَاةِ وَإِنْ كَانَ أَعْظَمَ مِنْهَا ; وَلِهَذَا عُلَمَاءُ
النَّصَارَى يَقْرِنُونَ بَيْنَ
مُوسَى وَمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،
nindex.php?page=treesubj&link=31589_29290كَمَا قَالَ nindex.php?page=showalam&ids=888النَّجَاشِيُّ مَلِكُ النَّصَارَى لَمَّا سَمِعَ الْقُرْآنَ : إِنَّ هَذَا وَالَّذِي جَاءَ بِهِ
[ ص: 117 ] مُوسَى لَيَخْرُجُ مِنْ مِشْكَاةٍ وَاحِدَةٍ .
وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=650003قَالَ nindex.php?page=treesubj&link=31724وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ ، وَهُوَ مِنْ أَحْبَارِ نَصَارَى الْعَرَبِ ، لَمَّا سَمِعَ كَلَامَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ لَهُ : إِنَّهُ يَأْتِيكَ النَّامُوسُ الَّذِي يَأْتِي مُوسَى ، يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا ، حِينَ يُخْرِجُكَ [ ص: 118 ] قَوْمُكَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِمِثْلِ مَا أَتَيْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا .
وَلِهَذَا يَقْرِنُ سُبْحَانَهُ بَيْنَ التَّوْرَاةِ وَالْقُرْآنِ ، فِي مِثْلِ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=48فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَيَعْنِي التَّوْرَاةَ وَالْقُرْآنَ ، وَفِي الْقِرَاءَةِ الْأُخْرَى ( قَالُوا سَاحِرَانِ ) أَيْ
مُحَمَّدٌ [ ص: 119 ] وَمُوسَى .
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=48وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=49قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ .
فَلَمْ يَنْزِلْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ أَهْدَى مِنَ التَّوْرَاةِ وَالْقُرْآنِ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=50فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ .
وَهَؤُلَاءِ
النَّصَارَى ، ذَكَرَ كَاتِبُ كِتَابِهِمْ فِي كِتَابِهِ : أَنَّهُ لَمَّا سَأَلَهُ سَائِلٌ أَنْ يُفَحِّصَ لَهُ فَحْصًا بَيِّنًا عَمَّا يَعْتَقِدُهُ
النَّصَارَى الْمَسِيحِيُّونَ الْمُخْتَلِفَةُ أَلْسِنَتُهُمُ الْمُتَفَرِّقَةُ فِي أَرْبَعِ زَوَايَا الْعَالَمِ ، مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ ، وَمِنَ الْجَنُوبِ الى الشَّمَالِ ، وَالْقَاطِنُونَ
بِجَزَائِرِ الْبَحْرِ ، وَالْمُقِيمُونَ بِالْبَرِّ الْمُتَّصِلِ إِلَى مَغِيبِ الشَّمْسِ ، وَإِنَّ الْأُسْقُفَّ
[ ص: 120 ] دِمْيَانَ الْمَلِكَ الرُّومِيَّ اجْتَمَعَ بِمَنِ اجْتَمَعَ بِهِ مِنْ أَجِلَّائِهِمْ وَرُؤَسَائِهِمْ ، وَفَاوَضَ مَنْ فَاوَضَ مِنْ أَفَاضِلِهِمْ ، وَعُلَمَائِهِمْ ، فِيمَا عَلِمَهُ مِنْ رَأْيِ الْقَوْمِ الَّذِينَ رَآهُمْ
بِجَزَائِرِ الْبَحْرِ قَبْلَ دُخُولِهِ إِلَى
قُبْرُصَ ، وَخَاطَبَهُمْ فِي دِينِهِمْ وَمَا يَعْتَقِدُونَهُ وَيَحْتَجُّونَ بِهِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ ، قَالَ الْكَاتِبُ عَلَى لِسَانِ الْأُسْقُفِّ : إِنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّا سَمِعْنَا أَنْ قَدْ ظَهَرَ إِنْسَانٌ مِنَ الْعَرَبِ اسْمُهُ
مُحَمَّدٌ يَقُولُ إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ ، وَأَتَى بِكِتَابٍ ، فَذَكَرَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ ، فَلَمْ نَزَلْ إِلَى أَنْ حَصَلَ الْكِتَابُ عِنْدَنَا ، قَالَ فَقُلْتُ لَهُمْ إِذَا كُنْتُمْ قَدْ سَمِعْتُمْ بِهَذَا الْكِتَابِ ، وَهَذَا الْإِنْسَانِ وَاجْتَهَدْتُمْ عَلَى تَحْصِيلِ هَذَا الْكِتَابِ الَّذِي أَتَى بِهِ عِنْدَكُمْ ، فَلِأَيِّ حَالٍ لَمْ تَتَّبِعُوهُ وَلَا سِيَّمَا وَفِي الْكِتَابِ يَقُولُ :
[ ص: 121 ] nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=85وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ .
أَجَابُوا قَائِلِينَ : لِأَحْوَالٍ شَتَّى ، قَالَ : فَقُلْتُ وَمَا هِيَ ؟ قَالُوا : مِنْهَا أَنَّ الْكِتَابَ عَرَبِيٌّ ، وَلَيْسَ بِلِسَانِنَا حَسْبَ مَا جَاءَ فِيهِ ، يَقُولُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=2إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=195بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ . وَقَالَ فِي سُورَةِ الشُّعَرَاءِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=198وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=199فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ .
وَقَالَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=151كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ . وَقَالَ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=164لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ . وَقَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْقَصَصِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=46لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ .
[ ص: 122 ] وَقَالَ فِي سُورَةِ السَّجْدَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=3لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ .
وَقَالَ فِي سُورَةِ يس :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=6لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ .
قَالُوا : فَلَمَّا رَأَيْنَا هَذَا عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ إِلَيْنَا ، بَلْ إِلَى جَاهِلِيَّةِ الْعَرَبِ ، الَّذِينَ قَالَ إِنَّهُ لَمْ يَأْتِهِمْ رَسُولٌ وَلَا نَذِيرٌ مِنْ قَبْلِهِ ، وَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُنَا اتِّبَاعُهُ ; لِأَنَّنَا نَحْنُ قَدْ أَتَانَا رُسُلٌ مِنْ قَبْلِهِ ، خَاطَبُونَا بِأَلْسِنَتِنَا ، وَأَنْذَرُونَا بِدِينِنَا الَّذِي نَحْنُ مُتَمَسِّكُونَ بِهِ يَوْمَنَا هَذَا ، وَسَلَّمُوا إِلَيْنَا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ بِلُغَاتِنَا ، عَلَى مَا يَشْهَدُ لَهُمْ هَذَا الْكِتَابُ الَّذِي أَتَى بِهِ هَذَا الرَّجُلُ حَيْثُ يَقُولُ فِي سُورَةِ إِبْرَاهِيمَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=4وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ .
وَقَالَ فِي سُورَةِ النَّحْلِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=36وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا .
وَقَالَ فِي سُورَةِ الرُّومِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=47وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ .
[ ص: 123 ] فَقَدْ صَحَّ فِي هَذَا الْكِتَابِ ، أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ إِلَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ الْعَرَبِ ، وَأَمَّا قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=85وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ .
فَيُرِيدُ بِحَسَبِ مُقْتَضَى الْعَدْلِ قَوْمَهُ الَّذِينَ أَتَاهُمْ بِلُغَتِهِمْ ، لَا غَيْرَهُمْ مِمَّنْ لَمْ يَأْتِهِمْ بِمَا جَاءَ فِيهِ .
وَنَعْلَمُ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30364اللَّهَ عَدْلٌ ، وَلَيْسَ مِنْ عَدْلِهِ أَنْ يُطَالِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمَّةً بِاتِّبَاعِ إِنْسَانٍ لَمْ يَأْتِ إِلَيْهِمْ ، وَلَا وَقَفُوا لَهُ عَلَى كِتَابٍ بِلِسَانِهِمْ ، وَلَا مِنْ جِهَةِ دَاعٍ مِنْ قِبَلِهِ .
هَذِهِ أَلْفَاظُهُمْ بِأَعْيَانِهَا فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ ، وَهَذَا الْفَصْلُ لَمْ يَتَعَرَّضُوا فِيهِ لَا لِتَصْدِيقِهِ وَلَا لِتَكْذِيبِهِ ، بَلْ
nindex.php?page=treesubj&link=28747_31048زَعَمُوا أَنَّ فِي نَفْسِ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ إِنَّهُ مُرْسَلٌ إِلَيْهِمْ ، بَلْ إِلَى جَاهِلِيَّةِ الْعَرَبِ ، وَإِنَّ الْعَقْلَ أَيْضًا يَمْنَعُ أَنْ يُرْسَلَ إِلَيْهِمْ .
فَنَحْنُ نَبْدَأُ بِالْجَوَابِ عَنْ هَذَا ، وَنُبَيِّنُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
[ ص: 124 ] وَسَلَّمَ أَخْبَرَ أَنَّهُ مُرْسَلٌ إِلَيْهِمْ ، وَإِلَى جَمِيعِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ ، وَأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ قَطُّ أَنَّهُ لَمْ يُرْسَلْ إِلَيْهِمْ ، وَلَا فِي كِتَابِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ .
وَأَنَّ مَا احْتَجُّوا بِهِ مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي غَلِطُوا فِي مَعْرِفَةِ مَعْنَاهَا ، فَتَرَكُوا النُّصُوصَ الْكَثِيرَةَ الصَّرِيحَةَ فِي كِتَابِهِ ، الَّتِي تُبَيِّنُ أَنَّهُ مُرْسَلٌ إِلَيْهِمْ ، مِنْ جِنْسِ مَا فَعَلُوهُ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَكَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ ، حَيْثُ تَرَكُوا النُّصُوصَ الْكَثِيرَةَ الصَّرِيحَةَ ، وَتَمَسَّكُوا بِقَلِيلٍ مِنَ الْمُتَشَابِهِ الَّذِي لَمْ يَفْهَمُوا مَعْنَاهُ .
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي صِدْقِ مُدَّعِي الرِّسَالَةِ وَكَذِبِهِ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الْكَلَامِ فِي عُمُومِ رِسَالَتِهِ وَخُصُوصِهَا ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يُعْلَمُ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ لَكِنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ ادَّعَوْا خُصُوصَ رِسَالَتِهِ ، وَذَكَرُوا أَنَّ الْقُرْآنَ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ . فَنُجِيبُ عَمَّا ذَكَرُوهُ عَلَى حَسَبِ تَرْتِيبِهِمْ فَصْلًا فَصْلًا فَنَقُولُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ :
الْكَلَامُ فِيمَنْ خَاطَبَ الْخَلْقَ بِأَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْهِمْ ، كَمَا فَعَلَ
مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ قَالَ إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ ،
كَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى ، وَنَحْوِهِمَا مِنَ الرُّسُلِ الصَّادِقِينَ ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ ، وَآلِ كُلٍّ مِنَ الصَّالِحِينَ ،
وَكَمُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ [ ص: 125 ] وَالْأَسْوَدِ الْعَنْسِيِّ ، وَنَحْوِهِمَا مِنَ الْمُتَنَبِّئِينَ الْكَذَّابِينَ ، يَنْبَنِي عَلَى أَصْلَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنْ نَعْرِفَ مَا يَقُولُهُ فِي خَبَرِهِ وَأَمْرِهِ فَنَعْرِفَ مَا يُخْبِرُ بِهِ وَيَأْمُرُ بِهِ ، وَهَلْ قَالَ إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ ، أَوْ قَالَ إِنَّهُ لَمْ يُرْسَلْ إِلَّا إِلَى طَائِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ لَا إِلَى غَيْرِهَا ؟
وَالثَّانِي : أَنْ يُعْرَفَ هَلْ هُوَ صَادِقٌ أَوْ كَاذِبٌ ؟
وَبِهَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ يَتِمُّ الْإِيْمَانُ الْمُفَصَّلُ وَهُوَ مَعْرِفَةُ صِدْقِ الرَّسُولِ وَمَعْرِفَةُ مَا جَاءَ بِهِ .
وَأَمَّا الْإِيْمَانُ الْمُجْمَلُ ، فَيَحْصُلُ بِالْأَوَّلِ ، وَهُوَ مَعْرِفَةُ صِدْقِهِ فِيمَا جَاءَ بِهِ ، كَإِيْمَانِنَا بِالرُّسُلِ الْمُتَقَدِّمَةِ ، وَقَدْ نَعْلَمُ صِدْقَهُ أَوْ كَذِبَهُ
[ ص: 126 ] وَهَؤُلَاءِ بَدَءُوا فِي كِتَابِهِمْ هَذَا بِمَا ذَكَرَهُ الرَّسُولُ ، مِمَّا زَعَمُوا أَنَّهُ حُجَّةٌ لَهُمْ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ اتِّبَاعِهِ ، وَعَلَى مَدْحِ دِينِهِمُ الَّذِي هُمُ الْيَوْمَ عَلَيْهِ بَعْدَ النَّسْخِ ، وَالتَّبْدِيلِ ، ثُمَّ ذَكَرُوا حُجَجًا مُسْتَقِلَّةً عَلَى صِحَّةِ دِينِهِمْ ثُمَّ ذَكَرُوا مَا يَقْدَحُ فِيهِ وَفِي دِينِهِ ; فَلِهَذَا قَدَّمْنَا الْجَوَابَ عَمَّا احْتَجُّوا بِهِ مِنَ الْقُرْآنِ ، كَمَا قَدَّمُوهُ فِي كِتَابِهِمْ .