وقد سألني من لا تسعني مخالفته من المحبين أن أنظم مختصرا ، يسهل حفظه على الطالبين ، ويقرب مناله للراغبين ، يفصح عن عقيدة السلف الصالح ويبين ، فأجبته إلى ذلك مستعينا بالله ، راجيا الثواب من الله ، قائلا لا حول ولا قوة إلا بالله ، وضممت إلى ذلك مسائل نافعة تتعلق بهذه العصور من التنبيه على ما افتتن به العامة من عبادة الأشجار ، والأحجار والقبور ، ومناقضتهم التوحيد بالشرك الذي هو [ ص: 63 ] أقبح المحظور ، وصرف جل العبادة لغير الله من الدعاء ، والرجاء والخوف والمحبة والذبح والنذور ، فيسر الله - تعالى - ذلك بمنه وإفضاله ، وأعانني وله الحمد والمنة على إكماله .
وسميته ( سلم الوصول إلى مباحث علم الأصول ) ، فلما انتشر بأيدي الطلاب وعظمت فيه رغبة الأحباب ، سئل مني أن أعلق تعليقا لطيفا يحل مشكله ، ويفصل مجمله ، مقتصرا على ذكر الدليل ومدلوله من كلام الله - تعالى - وكلام رسوله ، فاستخرت الله - تعالى - بعلمه ، واستقدرته بقدرته ، فعن لي أن أعزم على ذلك الأمر المسئول ، مستمدا من الله - تعالى - الإعانة على نيل السول ، وسميته ( معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول ) . والله أسأل أن يعين على إكماله بمنه وفضله ، وأن ينفعني وطلاب العلم به وبأصله ، وأن يهدينا الصراط المستقيم ، ويجعلنا من أنصار التوحيد وأهله ، إنه سميع قريب مجيب ، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
[ ص: 64 ] [ ص: 65 ] بسم الله الرحمن الرحيم
شرح مقدمة المنظومة
أبدأ باسم الله مستعينا راض به مدبرا معينا
( أبدأ ) في جميع حركاتي وسكناتي ، وأقوالي وأعمالي ، وفي شأني كله ، ومنه هذا التصنيف ( باسم الله ) متبركا و ( مستعينا ) به ، أو إياه بالباء وبدونه ، أي طالبا منه العون على فعل طاعته ، وترك معصيته ، كما قال - تعالى - معلما لنا في فاتحة الكتاب : ( إياك نعبد وإياك نستعين ) ، ( الفاتحة 5 ) ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لابن عمه رضي الله عنهما : عبد الله بن عباس . وهو خطاب شامل لجميع الأمة ، وفي ضمن ذلك الأمر الواقع في جواب الشرط نهي لنا عن الاستعانة بغير الله - عز وجل ; لأنه لا خالق للعباد وأفعالهم غيره تعالى ، فإذا كان المخلوق لا يقدر على فعل نفسه إلا بما أقدره الله - تعالى - عليه ، فكيف يجوز أن تطلب الإعانة منه على فعل غيره ، والعاقل يفهم ذلك بادئ بدء . إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله