التعريف بموضوع الكتاب
وبعد هذا النظم في الأصول لمن أراد منهج الرسول سألني إياه من لا بد لي
من امتثال سؤله الممتثل
.
( وبعد ) تقدم الكلام عليه قريبا ، أي وبعد الشهادتين ، والصلاة والسلام على
محمد - صلى الله عليه وسلم - وآله وصحبه ، ( هذا النظم ) الألف واللام للعهد الحضوري ، موضوعه ( في الأصول ) ، والمراد بها هنا أصول الدين من الإيمان بالله - عز وجل - وأسمائه وصفاته ، وملائكته وكتبه ، ورسله واليوم الآخر ، وبالقدر خيره وشره ،
nindex.php?page=treesubj&link=28633_28664_844_2332_2646_3273وأركان الإسلام : الشهادتين ، والصلاة ، والزكاة ، والصوم ، والحج ، وما يتعلق بكل منها ، والكلام على رسالة نبينا
محمد وما يتعلق بها ، والكلام في مسألة الخلافة ، والاعتصام بالكتاب والسنة ، وما تحتوي عليه كل مسألة من ذلك ، وسترى - إن شاء الله تعالى - تبيانها مفصلا ( لمن أراد ) من المؤمنين ( منهج الرسول ) : سبيله ومسلكه ، وهو ما عليه أهل السنة والجماعة . ( سألني . . . إلخ ) البيت بين واضح .
فقلت مع عجزي ومع إشفاقي معتمدا على القدير الباقي
.
( قلت ) جواب ( سألني ) ، ( مع عجزي ) عدم قدرتي على ذلك ، ( ومع إشفاقي ) خوفي من الغلط في هذا الباب الذي المسألة منه أكبر من الدنيا وما فيها ، وذلك
[ ص: 77 ] لقصر باعي وقلة اطلاعي ، والذي قوى عزمي على ذلك هو كوني ( معتمدا ) أي متوكلا ( على القدير ) الذي لا يعجزه شيء في السماوات ولا في الأرض ، ( الباقي ) الذي كل شيء هالك إلا وجهه ، له الحكم وإليه ترجعون ، ومن يتوكل على الله فهو حسبه ، وما توفيقي إلا بالله ، عليه توكلت وإليه أنيب ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
التَّعْرِيفُ بِمَوْضُوعِ الْكِتَابِ
وَبَعْدُ هَذَا النَّظْمُ فِي الْأُصُولِ لِمَنْ أَرَادَ مَنْهَجَ الرَّسُولِ سَأَلَنِي إِيَّاهُ مَنْ لَا بُدَّ لِي
مِنِ امْتِثَالِ سُؤْلِهِ الْمُمْتَثَلِ
.
( وَبَعْدُ ) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ قَرِيبًا ، أَيْ وَبَعْدَ الشَّهَادَتَيْنِ ، وَالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى
مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَآلِهِ وَصَحِبِهِ ، ( هَذَا النَّظْمُ ) الْأَلِفُ وَاللَّامُ لِلْعَهْدِ الْحُضُورِيِّ ، مَوْضُوعُهُ ( فِي الْأُصُولِ ) ، وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا أُصُولُ الدِّينِ مِنَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ ، وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ ، وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ، وَبِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=28633_28664_844_2332_2646_3273وَأَرْكَانِ الْإِسْلَامِ : الشَّهَادَتَيْنِ ، وَالصَّلَاةِ ، وَالزَّكَاةِ ، وَالصَّوْمِ ، وَالْحَجِّ ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِكُلٍّ مِنْهَا ، وَالْكَلَامِ عَلَى رِسَالَةِ نَبِيِّنَا
مُحَمَّدٍ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا ، وَالْكَلَامِ فِي مَسْأَلَةِ الْخِلَافَةِ ، وَالِاعْتِصَامِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، وَمَا تَحْتَوِي عَلَيْهِ كُلُّ مَسْأَلَةٍ مِنْ ذَلِكَ ، وَسَتَرَى - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - تِبْيَانَهَا مُفَصَّلًا ( لِمَنْ أَرَادَ ) مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ( مَنْهَجَ الرَّسُولِ ) : سَبِيلَهُ وَمَسْلَكَهُ ، وَهُوَ مَا عَلَيْهِ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ . ( سَأَلَنِي . . . إلخ ) الْبَيْتُ بَيِّنٌ وَاضِحٌ .
فَقُلْتُ مَعَ عَجْزِي وَمَعَ إِشْفَاقِي مُعْتَمِدًا عَلَى الْقَدِيرِ الْبَاقِي
.
( قُلْتُ ) جَوَابُ ( سَأَلَنِي ) ، ( مَعَ عَجْزِي ) عَدَمِ قُدْرَتِي عَلَى ذَلِكَ ، ( وَمَعَ إِشْفَاقِي ) خَوْفِي مِنَ الْغَلَطِ فِي هَذَا الْبَابِ الَّذِي الْمَسْأَلَةُ مِنْهُ أَكْبَرُ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ، وَذَلِكَ
[ ص: 77 ] لِقِصَرِ بَاعِي وَقِلَّةِ اطِّلَاعِي ، وَالَّذِي قَوَّى عَزْمِي عَلَى ذَلِكَ هُوَ كَوْنِي ( مُعْتَمِدًا ) أَيْ مُتَوِكِّلًا ( عَلَى الْقَدِيرِ ) الَّذِي لَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ ، ( الْبَاقِي ) الَّذِي كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ، لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ، وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ، وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ .