وقد ظهرت - في ليلة الإسراء والمعراج ، بتقدمه عليهم إماما ، وعلوه فوق الجميع مقاما ، حتى جاوز السبع الطباق إلى سدرة المنتهى إلى حيث شاء الله - عز وجل ، واختص - صلى الله عليه وسلم - بأشياء أخر في سماحة شريعته ، ووضع الآصار عن أمته ، وكونه أكثرهم تابعا ، وكذلك يبدو فضله في الآخرة بكونه أول من تنشق عنه الأرض ، وأول شافع وأول مشفع ، وأول من يستفتح باب الجنة ، وأول من يدخلها من الأمم أمته ، وله الحوض المورود ، وهو الكوثر ، وهو أكثر الأنبياء واردا ، وله اللواء المعقود ، وهو لواء الحمد تحته فضيلته - صلى الله عليه وسلم آدم فمن دونه ، وله المقام المحمود الذي يغبطه به الأولون والآخرون ، ويرغب إليه كل الخلائق حتى إبراهيم خليل الرحمن ، وهو وأمته أول من يجوز الصراط ، وهم ثلث أهل الجنة ، لما جاء أنهم ثمانون صفا ، وغيرهم من الأمم أربعون صفا ، وهذه عدة صفوف أهل الجنة مائة وعشرون صفا ، ويشفع الواحد من أمته في مثل ربيعة ومضر ، وله - صلى الله عليه وسلم - الوسيلة ، وهي أعلى درجة في الجنة ، ليس فوقها إلا عرش الرحمن - عز وجل ، وليست هي لأحد غيره - صلى الله عليه وسلم - ، وغير ذلك من مقاماته العلية التي لا ينالها غيره ، ولا يدركها سواه ، وهذا مقام يطول ذكره ، ولا يحيط بغايته إلا الذي اصطفاه له وأكرمه به ، جعلنا الله - عز وجل - ممن اقتدى به ، واهتدى بهديه ، وكان هواه تبعا لما جاء به ، آمين .