الفصل التاسع : حكم من استخف بالقرآن الكريم
واعلم أن من أو سبهما أو جحده ، أو حرفا منه أو آية أو كذب به أو بشيء منه ، أو كذب بشيء مما صرح به فيه من حكم أو خبر ، أو أثبت ما نفاه أو نفى ما أثبته على علم منه بذلك ، أو شك في شيء من ذلك فهو كافر عند أهل العلم بإجماع ، قال الله - تعالى - : استخف بالقرآن أو المصحف أو بشيء منه وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد [ فصلت : 41 - 42 ] .
[ حدثنا الفقيه أبو الوليد هشام بن أحمد - رحمه الله - ، حدثنا أبو علي ، حدثنا ، حدثنا ابن عبد البر حدثنا ابن عبد المؤمن ابن داسة ، حدثنا أبو داود ، حدثنا حدثنا أحمد بن حنبل ، حدثنا يزيد بن هارون محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ] ، عن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : أبي هريرة ، تؤول بمعنى الشك ، وبمعنى الجدال وعن المراء في القرآن كفر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ابن عباس ، وكذلك إن من جحد آية من كتاب الله من المسلمين فقد حل ضرب عنقه ، أو كفر بها أو لعنها أو سبها أو استخف بها فهو كافر . جحد التوراة والإنجيل وكتب الله المنزلة
وقد أجمع المسلمون أن القرآن المتلو في جميع أقطار الأرض المكتوب في المصحف بأيدي المسلمين ، مما جمعه الدفتان من أول الحمد لله رب العالمين [ الفاتحة : 2 ] إلى آخر : قل أعوذ برب الناس [ الناس : 1 ] أنه كلام الله ووحيه المنزل على نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - وأن جميع ما فيه حق ، وأن من نقص منه حرفا قاصدا لذلك ، أو بدله بحرف آخر مكانه أو زاد فيه حرفا مما لم يشتمل عليه المصحف الذي وقع الإجماع عليه ، وأجمع على أنه ليس من القرآن عامدا لكل هذا أنه كافر .
ولهذا رأى مالك قتل عائشة - رضي الله عنها - بالفرية ، لأنه خالف القرآن ومن خالف القرآن قتل ، لأنه كذب بما فيه . من سب
وقال ابن القاسم من موسى تكليما يقتل ، وقاله قال إن الله - تعالى - لم [ ص: 598 ] يكلم . عبد الرحمن بن مهدي
وقال فيمن محمد بن سحنون يضرب عنقه إلا أن يتوب . قال : المعوذتان ليستا من كتاب الله
وكذلك كل من كذب بحرف منه . قال : وكذلك إن شهد شاهد على من قال : إن الله لم يكلم موسى تكليما ، وشهد آخر عليه أنه قال : إن الله ما اتخذ إبراهيم خليلا ، لأنهما اجتمعا على أنه كذب النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وقال : جميع من ينتحل التوحيد متفقون أن الجحد لحرف من التنزيل كفر . أبو عثمان بن الحداد
وكان أبو العالية إذا قرأ عنده رجل لم يقل له ليس كما قرأت ، ويقول : أما أنا فأقرأ كذا ، فبلغ ذلك إبراهيم ، فقال : أراه سمع أنه من كفر بحرف منه فقد كفر به كله .
وقال من أصبغ بن الفرج فقد كذب به كله ، ومن كذب به فقد كفر به ، ومن كفر به فقد كفر بالله . كذب ببعض القرآن
وقد سئل القابسي عمن خاصم يهوديا فحلف له بالتوراة ، فقال الآخر لعن الله التوراة ، فشهد عليه بذلك شاهد ، ثم شهد آخر أنه سأله عن القضية فقال : إنما لعنت توراة اليهود ، فقال أبو الحسن : الشاهد الواحد لا يوجب القتل ، والثاني علق الأمر بصفة تحتمل التأويل ، إذ لعله لا يرى اليهود متمسكين بشيء من عند الله لتبديلهم وتحريفهم .
ولو اتفق الشاهدان على لعن التوراة مجردا لضاق التأويل .
وقد اتفق فقهاء بغداد على استتابة أحد أئمة المقرئين المتصدرين بها مع ابن شنبوذ المقرئ ابن مجاهد ، لقراءته ، وإقرائه بشواذ من الحروف مما ليس في المصحف ، وعقدوا عليه بالرجوع عنه والتوبة عنه سجلا أشهد فيه بذلك على نفسه في مجلس الوزير سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة ، وكان فيمن أفتى عليه بذلك أبي علي بن مقلة وغيره . أبو بكر الأبهري
وأفتى بالأدب فيمن أبو محمد بن أبي زيد . قال : أردت سوء الأدب ، ولم أرد القرآن . قال لصبي : لعن الله معلمك ، وما علمك
قال أبو محمد : وأما من فإنه يقتل . لعن المصحف