الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وإذا اشترى المكاتب زوجته ثم مات وترك وفاء فأدت المكاتبة فسد النكاح قبل الموت بلا فصل ووجبت عليها العدة من فساد النكاح حيضتان إذا كانت لم تلد منه وقد دخل بها ، أما فساد النكاح قبل موته بلا فصل فلأن المكاتب إذا مات وترك وفاء فأدي يحكم بعتقه في آخر جزء من أجزاء حياته وإذا أعتق ملكها الآن ففسد نكاحها .

                                                                                                                                وأما وجوب العدة عليها حيضتان فلأنها بانت وهي أمة فإن كانت ولدت فعليها تمام ثلاث حيض ; لأنها أم ولد فيجب عليها حيضتان بالنكاح والعتق وحيضة بالعتق خاصة ، فإن لم يترك وفاء ولم تلد منه فعليها شهران وخمسة أيام دخل بها أو لم يدخل بها إذا لم تكن ولدت منه ; لأنه لما مات عاجزا لم يفسد نكاحها ; لأنه مات عبدا فلم يملكها فمات عن منكوحته وهي زوجته أمة فيجب عليها شهران وخمسة أيام عدة الأمة في الوفاة ويستوي فيه الدخول وعدم الدخول ; لأن العدة عدة الوفاة فإن كانت ولدت منه سعت وسعى ولدها على نجومه .

                                                                                                                                فإن عجزا فعدتها شهران وخمسة أيام لما بينا فإن أديا عتقا وعتق المكاتب ، فإن كان الأداء في العدة فعليها ثلاث حيض مستأنفة من يوم عتقا يستكمل فيها شهرين وخمسة أيام من يوم مات المكاتب ; لأن الأصل أن المكاتب إذا ترك ولدا ولم يترك وفاء فاكتسب الولد وأدى يحكم بعتق المكاتب في الحال ويستند إلى ما قبل الموت من طريق الحكم ; لأنه إذا لم يترك وفاء فقد مات عاجزا في الظاهر فلم يحكم بعتقه قبل موته مع العجز وإنما يحكم عند الأداء فيحكم بعتقه للحال ثم يستند فيعتق بعتقه ويجب عليها الحيض بعد العتق ، بخلاف ما إذا ترك وفاء ; لأنه إذا كان له مال فالدين وهو بدل الكتابة ينتقل من ذمته إلى المال فيمنع ظهور العجز فإذا أدى يحكم بسقوط دين الكتابة عنه وسلامته للمولى في آخر جزء من أجزاء حياته فيعتق في ذلك الوقت ، وعند زفر في الفصلين جميعا يحكم بعتقه قبل الموت ويجعل الولد إذا أدى كالكسب إذا أدى عنه والمسألة تعرف في موضع آخر فإن أديا فعتقا بعدما انقضت العدة بالشهرين وخمسة أيام فعليها ثلاث حيض مستقبلة ; لأن عدة الوفاة لما [ ص: 204 ] انقضت تجدد وجوب عدة أخرى بالعتق فكان عليها أن تعتد بها .

                                                                                                                                وذكر ابن سماعة في نوادره عن محمد إذا اشترى المكاتب امرأته وولده منها ومات وترك وفاء من ديون له أو مال فعدتها ثلاث حيض في شهرين وخمسة أيام لأني لا أعلم يؤدى المال فيحكم بعتقه أو ينوي فيحكم بعجزه فوجب الجمع بين العدتين ، ولو تزوج المكاتب بنت مولاه ثم مات المولى ومات المكاتب وترك وفاء فعليها أربعة أشهر وعشر دخل بها أو لم يدخل بها ; لأن النكاح عندنا لا يفسد بموت المولى ، فإذا مات المكاتب عن منكوحته الحرة وجبت عليها عدة الحرائر ، وإن لم يترك وفاء فعليها ثلاث حيض إن كان قد دخل بها ، وإن لم يكن دخل بها فلا عدة عليها ; لأنه مات عاجزا فملكته قبل موته وانفسخ النكاح ووجبت عليها العدة بالفرقة في حال الحياة إن كان دخل بها وإلا فلا .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية