( فصل ) :
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=12265_12264_12263_12225_12219_12198شرائط وجوب اللعان وجوازه فأنواع : بعضها يرجع إلى القاذف خاصة ، وبعضها يرجع إلى المقذوف خاصة ، وبعضها يرجع إليهما جميعا ، وبعضها يرجع إلى المقذوف به ، وبعضها يرجع إلى المقذوف فيه ، وبعضها يرجع إلى نفس القذف .
أما الذي يرجع إلى القاذف خاصة فواحد وهو
nindex.php?page=treesubj&link=12208عدم إقامة البينة ; لأن الله تعالى شرط ذلك في آية اللعان بقوله عز وجل {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=6والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله } الآية حتى لو أقام أربعة من الشهود على المرأة بالزنا لا يثبت اللعان ويقام عليها حد الزنا ; لأنه قد ظهر زناها بشهادة الشهود
nindex.php?page=treesubj&link=15991_15993_10293_12212_12213ولو شهد أربعة أحدهم الزوج فإن لم يكن من الزوج قذف قبل ذلك تقبل شهادتهم ويقام عليها الحد عندنا ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي لا تقبل شهادة الزوج عليها .
وجه قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أن الزوج متهم في شهادته لاحتمال أنه حمله الغيظ على ذلك ولا شهادة للمتهم على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأنه يدفع المغرم عن نفسه وهو اللعان ولا شهادة لدافع المغرم على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ولنا أن شهادته بالقبول أولى من شهادة الأجنبي ; لأنها أبعد من التهمة إذ العادة أن الرجل يستر على امرأته ما يلحقه به شين فلم يكن متهما في شهادته فتقبل كشهادة الوالد على ولده ، وقوله إنه يدفع المغرم عن نفسه بهذه الشهادة ممنوع فإنه لم يسبق منه قذف يوجب اللعان فإنه لم يسبق هذه الشهادة قذف ليدفع اللعان بها فصار كشهادة الأجنبي فإنها تقبل ولا يجعل دافعا للحد عن نفسه كذا هذا ، وإن
nindex.php?page=treesubj&link=12300_26930_15991_10534_10496_10293_12212كان الزوج قذفها أولا ثم جاء بثلاثة سواه فشهدوا فهم قذفة يحدون وعلى الزوج اللعان ; لأنه لما سبق منه القذف فقد وجب عليه اللعان فهو بشهادته جعل دافعا للضرر عن نفسه فلا تقبل شهادته والزنا لا يثبت بشهادة ثلاثة فصار قذفة فيحدون حد القذف ، ويلاعن الزوج لقذف زوجته فإن
nindex.php?page=treesubj&link=12212_12300_10288_10534_12194جاء هو وثلاثة شهدوا أنها قد زنت فلم يعدلوا فلا
[ ص: 241 ] حد عليها ; لأن زناها لم يثبت إلا بشهادة الفساق ولا حد عليهم ; لأن الفاسق من أهل الشهادة .
ألا ترى أن الله تعالى أمر بالتوفيق في بيانه ؟ فقد وجد إتيان أربعة شهداء فكيف يجب عليهم الحد ؟ ولا لعان على الزوج ; لأنه شاهد وليس بقاذف فإن
nindex.php?page=treesubj&link=12211_26930_15968_10534_10293_15960شهدوا معه ثلاثة عمي حد وحدوا أي يلاعن الزوج ويحدون في القذف ; لأن العميان لا شهادة لهم قطعا فلم يكن قولهم حجة أصلا فكانوا قذفة فيحدون حد القذف ويلاعن الزوج ; لأن قذف الزوج يوجب اللعان إذا لم يأت بأربعة شهداء ولم يأت بهم .
وأما الذي يرجع إلى المقذوف خاصة فشيئان : أحدهما
nindex.php?page=treesubj&link=12221_12220إنكارها وجود الزنا منها حتى لو أقرت بذلك لا يجب اللعان ويلزمها حد الزنا وهو الجلد إن كانت غير محصنة والرجم إن كانت محصنة لظهور زناها بإقرارها ، والثاني عفتها عن الزنا فإن لم تكن عفيفة لا يجب اللعان بقذفها كما لا يجب الحد في قذف الأجنبية إذا لم تكن عفيفة ; لأنه إذا لم تكن عفيفة فقد صدقته بفعلها فصار كما لو صدقته بقولها ولما نذكر في كتاب الحدود ونذكر تفسير العفة عن الزنا فيه إن شاء الله تعالى .
وعلى هذا قالوا في المرأة
nindex.php?page=treesubj&link=12223إذا وطئت بشبهة ثم قذفها زوجها لا يجب عليه اللعان ولو قذفها أجنبي لا يجب عليه الحد ; لأنها وطئت وطئا حراما فذهبت عفتها ، ثم رجع
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف وقال : يجب بقذفها الحد واللعان ; لأن هذا وطء يتعلق به ثبوت النسب ووجوب المهر فكان كالموجود في النكاح فلا يزيل العفة عن الزنا .
والجواب أن الوطء حرام لعدم النكاح إنما الموجود شبهة النكاح فكان ينبغي أن يجب الحد عليها إلا أنه سقط للشبهة فلأن يسقط الحد واللعان عن القاذف لمكان الحقيقة أولى .
وأما الذي يرجع إليهما جميعا فهو
nindex.php?page=treesubj&link=12248_12249_12244_12241_12238_12234_12226أن يكونا زوجين حرين عاقلين بالغين مسلمين ناطقين غير محدودين في القذف أما اعتبار الزوجية فلأن الله تبارك وتعالى خص اللعان بالأزواج بقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=6والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم } وأنه حكم ثبت تعبدا غير معقول المعنى فيقتصر على مورد التعبد وإنما ورد التعبد به في الأزواج فيقتصر عليهم وعلى هذا قال أصحابنا : إن من
nindex.php?page=treesubj&link=12227تزوج امرأة نكاحا فاسدا ثم قذفها لم يلاعنها لعدم الزوجية إذ النكاح الفاسد ليس بنكاح حقيقة ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : يلاعنها إذا كان القذف بنفي الولد ; لأن القذف إذا كان بنفي الولد تقع الحاجة إلى قطع النسب والنسب يثبت بالنكاح الفاسد كما يثبت بالنكاح الصحيح فيشرع اللعان لقطع النسب والجواب أن قطع النسب يكون بعد الفراغ من اللعان ولا لعان إلا بعد وجوبه ولا وجوب لعدم شرطه وهو الزوجية .
ولو
nindex.php?page=treesubj&link=12378_12230طلق امرأته طلاقا بائنا أو ثلاثا ثم قذفها بالزنا لا يجب اللعان لعدم الزوجية لبطلانها بالإبانة والثلاث ، ولو
nindex.php?page=treesubj&link=12229طلقها طلاقا رجعيا ثم قذفها يجب اللعان ; لأن الطلاق الرجعي لا يبطل الزوجية
nindex.php?page=treesubj&link=12232ولو قذف امرأته بزنى كان قبل الزوجية فعليه اللعان عندنا ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي عليه حد القذف واحتج بآية القذف وهي قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة } ، ولنا آية اللعان وهي قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=6والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله } من غير فضل بين ما إذا كان القذف بزنا بعد الزوجية أو قبلها والدليل على أنه قذف زوجته أنه أضاف القذف إليها وهي للحال زوجته إلا أنه قذفها بزنى متقدم وبهذا لا تخرج من أن تكون زوجته في الحال كما إذا قذف أجنبية بزنا متقدم حتى يلزمه القذف كذا ههنا .
وأما آية القذف فهي متقدمة على آية اللعان فيجب تخريجها على التناسخ فينسخ الخاص المتأخر العام المتقدم بقدره عند عامة مشايخنا وعنده يقضي العام على الخاص بطريق التخصيص على ما مر ولو
nindex.php?page=treesubj&link=12233قذف امرأته بعد موتها لم يلاعن عندنا ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي يلاعن على قبرها واحتج بظاهر قوله عز وجل في آية اللعان {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=6فشهادة أحدهم } من غير فصل بين حال الحياة والموت .
ولنا قوله عز وجل {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=6والذين يرمون أزواجهم } الآية خص سبحانه وتعالى اللعان بالأزواج وقد زالت الزوجية بالموت فلم يوجد قذف الزوجة فلا يجب اللعان وبه تبين أن الميتة لم تدخل تحت الآية ; لأن الله تعالى أوجب هذه الشهادة بقذف الأزواج بقوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=6والذين يرمون أزواجهم } وبعد الموت لم تبق زوجة له .
وأما اعتبار الحرية والعقل والبلوغ والإسلام والنطق وعدم الحد في القذف فالكلام في اعتبار هذه الأوصاف شرطا لوجوب اللعان فرع الكلام في
nindex.php?page=treesubj&link=12192_12191معنى اللعان وما يثبته شرعا وقد اختلف فيه قال أصحابنا : إن اللعان شهادة مؤكدة بالأيمان مقرونة باللعن
[ ص: 242 ] وبالغضب وإنه في جانب الزوج قائم مقام حد القذف وفي جانبها قائم مقام حد الزنا ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : اللعان أيمان بلفظ الشهادة مقرونة باللعن والغضب فكل من كان من أهل الشهادة واليمين كان من أهل اللعان ومن لا فلا عندنا ، وكل من كان من أهل اليمين فهو من أهل اللعان عنده سواء كان من أهل الشهادة أو لم يكن ، ومن لم يكن من أهل الشهادة واليمين كان من أهل اللعان احتج
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بقوله تعالى في تفسير اللعان {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=6فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله } فسر الله تعالى اللعان بالشهادة بالله والشهادة بالله يمين .
ألا ترى أن من قال : أشهد بالله يكون يمينا إلا أنه يمين بلفظ الشهادة ; ولأن اللعان لو كان شهادة لما قرنه بذكر اسم الله تعالى ; لأن الشهادة لا تفتقر إلى ذلك وإنما اليمين هي التي تفتقر إليه ; ولأنه لو كان شهادة لكانت شهادة على النصف من شهادة الرجل كما في سائر المواضع التي للمرأة فيها شهادة فينبغي أن تشهد المرأة عشر مرات فلما لم يكن ذلك دل أنه ليس بشهادة والدليل على أنه يمين ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فرق بين المتلاعنين وكانت المرأة حبلى فقال لها : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=10680إذا ولدت ولدا فلا ترضعيه حتى تأتيني به فلما انصرفوا عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن ولدته أحمر مثل الدبس فهو يشبه أباه الذي نفاه ، وإن ولدته أسود أدعج جعدا قططا فهو يشبه الذي رميت به فلما وضعت وأتت به رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر إليه فإذا هو أسود أدعج جعد قطط على ما نعته رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم لولا الأيمان التي سبقت لكان لي فيها رأي } وفي بعض الروايات {
nindex.php?page=hadith&LINKID=32910لكان لي ولها شأن } فقد سمى صلى الله عليه وسلم اللعان أيمانا لا شهادة فدل أنه يمين لا شهادة .
( ولنا ) قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=6والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله } والاستدلال بالآية الكريمة من وجهين أحدهما أنه تعالى سمى الذين يرمون أزواجهم شهداء ; لأنه استثناء من الشهداء بقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=6ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم } والمستثنى من جنس المستثنى منه ، والثاني أنه سمى اللعان شهادة نصا بقوله عز وجل {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=6فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله } والخامسة أي الشهادة الخامسة وقال تعالى في جانبها {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=8ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله } والخامسة أي الشهادة الخامسة إلا أنه تعالى سماه شهادة بالله تأكيدا للشهادة باليمين ، فقوله أشهد يكون شهادة وقوله بالله يكون يمينا وهذا مذهبنا أنه شهادات مؤكدة بالأيمان وهو أولى مما قاله المخالف لأنه عمل باللفظين في معنيين وفيما قاله حمل اللفظين على معنى واحد فكان ما قلناه أولى والدليل على أنه شهادة أنه شرط فيه لفظ الشهادة وحضرة الحاكم .
وأما قوله لو كان شهادة لكان في حق المرأة على النصف من شهادة الرجل فنقول هو شهادة مؤكدة باليمين فيراعى فيه معنى الشهادة ومعنى اليمين وقد راعينا معنى الشهادة فيه باشتراط لفظة الشهادة فيراعى معنى اليمين بالتسوية بين الرجل والمرأة في العدد عملا بالشبهين جميعا ولا حجة له في الحديث ; لأنه روي في بعض الروايات لولا ما مضى من الشهادات وهذا حجة عليه حيث سماه شهادة نقول بموجبه أنه يمين لكن هذا لا ينفي أن يكون شهادة فهو شهادة مؤكدة باليمين والله تعالى الموفق .
وإذا عرف هذا الأصل تخرج عليه المسائل ، أما
nindex.php?page=treesubj&link=12241_12238اعتبار العقل والبلوغ فلأن الصبي والمجنون ليسا من أهل الشهادة واليمين فلا يكونان من أهل اللعان بالإجماع وأما
nindex.php?page=treesubj&link=12234الحرية فالمملوك ليس من أهل الشهادة فلا يكون من أهل اللعان بالإجماع وأما
nindex.php?page=treesubj&link=12244الإسلام فالكافر ليس من أهل الشهادة على المسلم وإن كان المسلم من أهل الشهادة على الكافر .
وإذا كانا كافرين فالكافر وإن كان من أهل الشهادة على الكافر فليس من أهل اليمين بالله تعالى ; لأنه ليس من أهل حكمها وهو الكفارة ولهذا لم يصح
nindex.php?page=treesubj&link=12034ظهار الذمي عندنا ، واللعان عندنا شهادات مؤكدة بالأيمان فمن لا يكون من أهل اليمين لا يكون من أهل اللعان .
وأما اعتبار
nindex.php?page=treesubj&link=12249النطق فلأن الأخرس لا شهادة له ; لأنه لا يتأتى منه لفظة الشهادة ; ولأن القذف منه لا يكون إلا بالإشارة ، والقذف بالإشارة يكون في معنى القذف بالكتابة وإنه لا يوجب اللعان كما لا يوجب الحد لما نذكره في الحدود إن شاء الله تعالى .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=26345المحدود في القذف فلا شهادة له ; لأن الله تعالى رد شهادته على التأبيد ولا يلزم على هذا الأصل
nindex.php?page=treesubj&link=12253_26345_15970_15968قذف الفاسق والأعمى فإنه يوجب اللعان ولا شهادة لهما ; لأن الفاسق له شهادة في الجملة ولهما جميعا أهلية الشهادة .
ألا ترى أن القاضي لو قضى بشهادتهما جاز قضاؤه ومعلوم
[ ص: 243 ] أنه لا يجوز
nindex.php?page=treesubj&link=16330_23980_15969_15968_15967_15966_15965القضاء بشهادة من ليس من أهل الشهادة كالصبي والمجنون والمملوك إلا أنه لا تقبل شهادة الأعمى في سائر المواضع ; لأنه لا يميز بين المشهود له والمشهود عليه لا لأنه ليس من أهل الشهادة ، ثم هذه الشرائط كما هي شرط وجوب اللعان فهي شرط صحة اللعان وجوازه حتى لا يجري اللعان بدونها ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي يجري اللعان بين المملوكين والأخرسين والمحدودين في القذف ; لأن هؤلاء من أهل اليمين فكانوا من أهل اللعان وكذا بين الكافرين ; لأن يمين الكافر صحيحة عنده لا من أهل الإعتاق والكسوة والإطعام ولهذا قال يجوز ظهار الذمي وعلى هذا يخرج قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف أنهما
nindex.php?page=treesubj&link=26402إذا التعنا عند الحاكم ولم يفرق بينهما حتى عزل أو مات فالحاكم الثاني يستقبل اللعان بينهما ; لأن اللعان لما كان شهادة
nindex.php?page=treesubj&link=26402فالشهود إذا شهدوا عند الحاكم فمات أو عزل قبل القضاء بشهادتهم لم يعتد الحاكم بتلك الشهادة ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد لا يستقبل اللعان .
وقوله لا يخرج على هذا الأصل ولكن الوجه له أن اللعان قائم مقام الحد فإذا التعنا فكأنه أقيم الحد ، والحد بعد إقامته لا يؤثر فيه العزل والموت والجواب أن حكم القذف لا يتناهى إلا بالتفريق فيؤثر العزل والموت قبله ، ثم ابتداء الدليل لنا في المسألة ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=849 : أربعة لا لعان بينهم وبين أزواجهم : لا لعان بين المسلم والكافر ، والعبد والحرة ، والحر والأمة والكافر والمسلمة } وصورته
nindex.php?page=treesubj&link=12247الكافر أسلمت زوجته فقبل أن يعرض الإسلام على زوجها قذفها بالزنا .
( ولنا ) أصل آخر لتخريج المسائل عليه وهو أن كل قذف لا يوجب الحد لو كان القاذف أجنبيا لا يوجب اللعان إذا كان القاذف زوجا ; لأن اللعان موجب القذف في حق الزوج كما أن الحد موجب القذف في الأجنبي وقذف واحد ممن ذكرنا لا يوجب الحد ولو كان أجنبيا فإذا كان زوجا لا يوجب اللعان .
وابتداء ما يحتج به
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي عموم آية اللعان إلا من خص بدليل ولا حجة له فيها ; لأن الله تعالى سمى الذين يرمون أزواجهم شهداء في آية اللعان واستثناهم من الشهداء المذكورين في آية القذف ولم يدخل واحد ممن ذكرنا في المستثنى منهم فكذا في المستثنى ; لأن الاستثناء استخراج من تلك الجملة وتحصيل منها ، وأما الذي يرجع إلى المقذوف به والمقذوف فيه ونفس القذف فنذكره في كتاب الحدود إن شاء الله تعالى .
( فَصْلٌ ) :
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=12265_12264_12263_12225_12219_12198شَرَائِطُ وُجُوبِ اللِّعَانِ وَجَوَازِهِ فَأَنْوَاعٌ : بَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْقَاذِفِ خَاصَّةً ، وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْمَقْذُوفِ خَاصَّةً ، وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَيْهِمَا جَمِيعًا ، وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْمَقْذُوفِ بِهِ ، وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْمَقْذُوفِ فِيهِ ، وَبَعْضُهَا يَرْجِعَ إلَى نَفْسِ الْقَذْفِ .
أَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْقَاذِفِ خَاصَّةً فَوَاحِدٌ وَهُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=12208عَدَمُ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَرَطَ ذَلِكَ فِي آيَةِ اللِّعَانِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=6وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ } الْآيَةَ حَتَّى لَوْ أَقَامَ أَرْبَعَةً مِنْ الشُّهُودِ عَلَى الْمَرْأَةِ بِالزِّنَا لَا يَثْبُتُ اللِّعَانُ وَيُقَامُ عَلَيْهَا حَدُّ الزِّنَا ; لِأَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ زِنَاهَا بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ
nindex.php?page=treesubj&link=15991_15993_10293_12212_12213وَلَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ أَحَدُهُمْ الزَّوْجُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الزَّوْجِ قَذْفٌ قَبْلَ ذَلِكَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَيُقَامُ عَلَيْهَا الْحَدُّ عِنْدَنَا ، وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الزَّوْجِ عَلَيْهَا .
وَجْهُ قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ أَنَّ الزَّوْجَ مُتَّهَمٌ فِي شَهَادَتِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ حَمَلَهُ الْغَيْظُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا شَهَادَةَ لِلْمُتَّهَمِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَنَّهُ يَدْفَعُ الْمَغْرَمَ عَنْ نَفْسِهِ وَهُوَ اللِّعَانُ وَلَا شَهَادَةَ لِدَافِعِ الْمَغْرَمِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَنَا أَنَّ شَهَادَتَهُ بِالْقَبُولِ أَوْلَى مِنْ شَهَادَةِ الْأَجْنَبِيِّ ; لِأَنَّهَا أَبْعَدُ مِنْ التُّهْمَةِ إذْ الْعَادَةُ أَنَّ الرَّجُلَ يَسْتُرُ عَلَى امْرَأَتِهِ مَا يَلْحَقُهُ بِهِ شَيْنٌ فَلَمْ يَكُنْ مُتَّهَمًا فِي شَهَادَتِهِ فَتُقْبَلُ كَشَهَادَةِ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ ، وَقَوْلُهُ إنَّهُ يَدْفَعُ الْمَغْرَمَ عَنْ نَفْسِهِ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ مَمْنُوعٌ فَإِنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ قَذْفٌ يُوجِبُ اللِّعَانَ فَإِنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ هَذِهِ الشَّهَادَةَ قَذْفٌ لِيَدْفَعَ اللِّعَانَ بِهَا فَصَارَ كَشَهَادَةِ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ وَلَا يُجْعَلُ دَافِعًا لِلْحَدِّ عَنْ نَفْسِهِ كَذَا هَذَا ، وَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=12300_26930_15991_10534_10496_10293_12212كَانَ الزَّوْجُ قَذَفَهَا أَوَّلًا ثُمَّ جَاءَ بِثَلَاثَةٍ سِوَاهُ فَشَهِدُوا فَهُمْ قَذَفَةٌ يُحَدُّونَ وَعَلَى الزَّوْجِ اللِّعَانُ ; لِأَنَّهُ لَمَّا سَبَقَ مِنْهُ الْقَذْفُ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ اللِّعَانُ فَهُوَ بِشَهَادَتِهِ جُعِلَ دَافِعًا لِلضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَالزِّنَا لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ ثَلَاثَةٍ فَصَارَ قَذَفَةً فَيُحَدُّونَ حَدَّ الْقَذْفِ ، وَيُلَاعَنُ الزَّوْجُ لِقَذْفِ زَوْجَتِهِ فَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=12212_12300_10288_10534_12194جَاءَ هُوَ وَثَلَاثَةٌ شَهِدُوا أَنَّهَا قَدْ زَنَتْ فَلَمْ يَعْدِلُوا فَلَا
[ ص: 241 ] حَدَّ عَلَيْهَا ; لِأَنَّ زِنَاهَا لَمْ يَثْبُتْ إلَّا بِشَهَادَةِ الْفُسَّاقِ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِمْ ; لِأَنَّ الْفَاسِقَ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ .
أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالتَّوْفِيقِ فِي بَيَانِهِ ؟ فَقَدْ وُجِدَ إتْيَانُ أَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَكَيْفَ يَجِبُ عَلَيْهِمْ الْحَدُّ ؟ وَلَا لِعَانَ عَلَى الزَّوْجِ ; لِأَنَّهُ شَاهِدٌ وَلَيْسَ بِقَاذِفٍ فَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=12211_26930_15968_10534_10293_15960شَهِدُوا مَعَهُ ثَلَاثَةٌ عُمْيٌ حُدَّ وَحُدُّوا أَيْ يُلَاعَنُ الزَّوْجُ وَيُحَدُّونَ فِي الْقَذْفِ ; لِأَنَّ الْعُمْيَانَ لَا شَهَادَةَ لَهُمْ قَطْعًا فَلَمْ يَكُنْ قَوْلُهُمْ حُجَّةً أَصْلًا فَكَانُوا قَذَفَةً فَيُحَدُّونَ حَدَّ الْقَذْفِ وَيُلَاعَنُ الزَّوْجُ ; لِأَنَّ قَذْفَ الزَّوْجِ يُوجِبُ اللِّعَانَ إذَا لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ وَلَمْ يَأْتِ بِهِمْ .
وَأَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْمَقْذُوفِ خَاصَّةً فَشَيْئَانِ : أَحَدُهُمَا
nindex.php?page=treesubj&link=12221_12220إنْكَارُهَا وُجُودَ الزِّنَا مِنْهَا حَتَّى لَوْ أَقَرَّتْ بِذَلِكَ لَا يَجِبُ اللِّعَانُ وَيَلْزَمُهَا حَدُّ الزِّنَا وَهُوَ الْجَلْدُ إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُحْصَنَةٍ وَالرَّجْمُ إنْ كَانَتْ مُحْصَنَةً لِظُهُورِ زِنَاهَا بِإِقْرَارِهَا ، وَالثَّانِي عِفَّتُهَا عَنْ الزِّنَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَفِيفَةً لَا يَجِبُ اللِّعَانُ بِقَذْفِهَا كَمَا لَا يَجِبُ الْحَدُّ فِي قَذْفِ الْأَجْنَبِيَّةِ إذَا لَمْ تَكُنْ عَفِيفَةً ; لِأَنَّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ عَفِيفَةً فَقَدْ صَدَّقَتْهُ بِفِعْلِهَا فَصَارَ كَمَا لَوْ صَدَّقَتْهُ بِقَوْلِهَا وَلِمَا نَذْكُرُ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ وَنَذْكُرُ تَفْسِيرَ الْعِفَّةِ عَنْ الزِّنَا فِيهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
وَعَلَى هَذَا قَالُوا فِي الْمَرْأَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=12223إذَا وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ ثُمَّ قَذَفَهَا زَوْجُهَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ اللِّعَانُ وَلَوْ قَذَفَهَا أَجْنَبِيٌّ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ ; لِأَنَّهَا وُطِئَتْ وَطْئًا حَرَامًا فَذَهَبَتْ عِفَّتُهَا ، ثُمَّ رَجَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبُو يُوسُفَ وَقَالَ : يَجِبُ بِقَذْفِهَا الْحَدُّ وَاللِّعَانُ ; لِأَنَّ هَذَا وَطْءٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ ثُبُوتُ النَّسَبِ وَوُجُوبُ الْمَهْرِ فَكَانَ كَالْمَوْجُودِ فِي النِّكَاحِ فَلَا يُزِيلُ الْعِفَّةَ عَنْ الزِّنَا .
وَالْجَوَابُ أَنَّ الْوَطْءَ حَرَامٌ لِعَدَمِ النِّكَاحِ إنَّمَا الْمَوْجُودُ شُبْهَةُ النِّكَاحِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ الْحَدُّ عَلَيْهَا إلَّا أَنَّهُ سَقَطَ لِلشُّبْهَةِ فَلَأَنْ يَسْقُطَ الْحَدُّ وَاللِّعَانُ عَنْ الْقَاذِفِ لِمَكَانِ الْحَقِيقَةِ أَوْلَى .
وَأَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَيْهِمَا جَمِيعًا فَهُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=12248_12249_12244_12241_12238_12234_12226أَنْ يَكُونَا زَوْجَيْنِ حُرَّيْنِ عَاقِلَيْنِ بَالِغَيْنِ مُسْلِمَيْنِ نَاطِقَيْنِ غَيْرَ مَحْدُودَيْنِ فِي الْقَذْفِ أَمَّا اعْتِبَارُ الزَّوْجِيَّةِ فَلِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَصَّ اللِّعَانَ بِالْأَزْوَاجِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=6وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ } وَأَنَّهُ حُكْمٌ ثَبَتَ تَعَبُّدًا غَيْرُ مَعْقُولِ الْمَعْنَى فَيُقْتَصَرُ عَلَى مَوْرِدِ التَّعَبُّدِ وَإِنَّمَا وَرَدَ التَّعَبُّدُ بِهِ فِي الْأَزْوَاجِ فَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى هَذَا قَالَ أَصْحَابُنَا : إنَّ مَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=12227تَزَوَّجَ امْرَأَةً نِكَاحًا فَاسِدًا ثُمَّ قَذَفَهَا لَمْ يُلَاعِنْهَا لِعَدَمِ الزَّوْجِيَّةِ إذْ النِّكَاحُ الْفَاسِدُ لَيْسَ بِنِكَاحٍ حَقِيقَةً ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : يُلَاعِنُهَا إذَا كَانَ الْقَذْفُ بِنَفْيِ الْوَلَدِ ; لِأَنَّ الْقَذْفَ إذَا كَانَ بِنَفْيِ الْوَلَدِ تَقَعُ الْحَاجَةُ إلَى قَطْعِ النَّسَبِ وَالنَّسَبُ يَثْبُتُ بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ كَمَا يَثْبُتُ بِالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ فَيُشْرَعُ اللِّعَانُ لِقَطْعِ النَّسَبِ وَالْجَوَابُ أَنَّ قَطْعَ النَّسَبِ يَكُونُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ اللِّعَانِ وَلَا لِعَانَ إلَّا بَعْدَ وُجُوبِهِ وَلَا وُجُوبَ لِعَدَمِ شَرْطِهِ وَهُوَ الزَّوْجِيَّةُ .
وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=12378_12230طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ قَذَفَهَا بِالزِّنَا لَا يَجِبُ اللِّعَانُ لِعَدَمِ الزَّوْجِيَّةِ لِبُطْلَانِهَا بِالْإِبَانَةِ وَالثَّلَاثِ ، وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=12229طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ قَذَفَهَا يَجِب اللِّعَانُ ; لِأَنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ لَا يُبْطِلُ الزَّوْجِيَّةَ
nindex.php?page=treesubj&link=12232وَلَوْ قَذَفَ امْرَأَتَهُ بِزِنًى كَانَ قَبْلَ الزَّوْجِيَّةِ فَعَلَيْهِ اللِّعَانُ عِنْدَنَا ، وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ عَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ وَاحْتَجَّ بِآيَةِ الْقَذْفِ وَهِيَ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً } ، وَلَنَا آيَةُ اللِّعَانِ وَهِيَ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=6وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ } مِنْ غَيْرِ فَضْلٍ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ الْقَذْفُ بِزِنًا بَعْدَ الزَّوْجِيَّةِ أَوْ قَبْلَهَا وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ قَذَفَ زَوْجَتَهُ أَنَّهُ أَضَافَ الْقَذْفَ إلَيْهَا وَهِيَ لِلْحَالِ زَوْجَتُهُ إلَّا أَنَّهُ قَذَفَهَا بِزِنًى مُتَقَدِّمٍ وَبِهَذَا لَا تَخْرُجُ مِنْ أَنْ تَكُونَ زَوْجَتَهُ فِي الْحَالِ كَمَا إذَا قَذَفَ أَجْنَبِيَّةً بِزِنًا مُتَقَدِّمٍ حَتَّى يَلْزَمَهُ الْقَذْفُ كَذَا هَهُنَا .
وَأَمَّا آيَةُ الْقَذْفِ فَهِيَ مُتَقَدِّمَةٌ عَلَى آيَةِ اللِّعَانِ فَيَجِبُ تَخْرِيجُهَا عَلَى التَّنَاسُخِ فَيَنْسَخُ الْخَاصُّ الْمُتَأَخِّرُ الْعَامَّ الْمُتَقَدِّمَ بِقَدْرِهِ عِنْدَ عَامَّةِ مَشَايِخِنَا وَعِنْدَهُ يَقْضِي الْعَامُّ عَلَى الْخَاصِّ بِطَرِيقِ التَّخْصِيصِ عَلَى مَا مَرَّ وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=12233قَذَفَ امْرَأَتَهُ بَعْدَ مَوْتِهَا لَمْ يُلَاعَنُ عِنْدَنَا ، وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ يُلَاعَنُ عَلَى قَبْرِهَا وَاحْتَجَّ بِظَاهِرِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي آيَةِ اللِّعَانِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=6فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ } مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ حَالِ الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ .
وَلَنَا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=6وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ } الْآيَةَ خَصَّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى اللِّعَانَ بِالْأَزْوَاجِ وَقَدْ زَالَتْ الزَّوْجِيَّةُ بِالْمَوْتِ فَلَمْ يُوجَدْ قَذْفُ الزَّوْجَةِ فَلَا يَجِبُ اللِّعَانُ وَبِهِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمَيِّتَةَ لَمْ تَدْخُلْ تَحْتَ الْآيَةِ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ هَذِهِ الشَّهَادَةَ بِقَذْفِ الْأَزْوَاجِ بِقَوْلِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=6وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ } وَبَعْدَ الْمَوْتِ لَمْ تَبْقَ زَوْجَةً لَهُ .
وَأَمَّا اعْتِبَارُ الْحُرِّيَّةِ وَالْعَقْلِ وَالْبُلُوغِ وَالْإِسْلَامِ وَالنُّطْقِ وَعَدَمِ الْحَدِّ فِي الْقَذْفِ فَالْكَلَامُ فِي اعْتِبَارِ هَذِهِ الْأَوْصَافِ شَرْطًا لِوُجُوبِ اللِّعَانِ فَرْعٌ الْكَلَامُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=12192_12191مَعْنَى اللِّعَانِ وَمَا يُثْبِتُهُ شَرْعًا وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ قَالَ أَصْحَابُنَا : إنَّ اللِّعَانَ شَهَادَةٌ مُؤَكَّدَةٌ بِالْأَيْمَانِ مَقْرُونَةٌ بِاللَّعْنِ
[ ص: 242 ] وَبِالْغَضَبِ وَإِنَّهُ فِي جَانِبِ الزَّوْجِ قَائِمٌ مَقَامَ حَدِّ الْقَذْفِ وَفِي جَانِبِهَا قَائِمٌ مَقَامَ حَدِّ الزِّنَا ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : اللِّعَانُ أَيْمَانٌ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ مَقْرُونَةٌ بِاللَّعْنِ وَالْغَضَبِ فَكُلُّ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ وَالْيَمِينِ كَانَ مِنْ أَهْلِ اللِّعَانِ وَمَنْ لَا فَلَا عِنْدَنَا ، وَكُلُّ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْيَمِينِ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ اللِّعَانِ عِنْدَهُ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ أَوْ لَمْ يَكُنْ ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ وَالْيَمِينِ كَانَ مِنْ أَهْلِ اللِّعَانِ احْتَجَّ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي تَفْسِيرِ اللِّعَانِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=6فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ } فَسَّرَ اللَّهُ تَعَالَى اللِّعَانَ بِالشَّهَادَةِ بِاَللَّهِ وَالشَّهَادَةُ بِاَللَّهِ يَمِينٌ .
أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ قَالَ : أَشْهَدُ بِاَللَّهِ يَكُونُ يَمِينًا إلَّا أَنَّهُ يَمِينٌ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ ; وَلِأَنَّ اللِّعَانَ لَوْ كَانَ شَهَادَةً لَمَا قَرَنَهُ بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى ; لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تَفْتَقِرُ إلَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا الْيَمِينُ هِيَ الَّتِي تَفْتَقِرُ إلَيْهِ ; وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ شَهَادَةً لَكَانَتْ شَهَادَةً عَلَى النِّصْفِ مِنْ شَهَادَةِ الرَّجُلِ كَمَا فِي سَائِرِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي لِلْمَرْأَةِ فِيهَا شَهَادَةٌ فَيَنْبَغِي أَنْ تَشْهَدَ الْمَرْأَةُ عَشْرَ مَرَّاتٍ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ دَلَّ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَهَادَةٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ يَمِينٌ مَا رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا فَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَكَانَتْ الْمَرْأَةُ حُبْلَى فَقَالَ لَهَا : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=10680إذَا وَلَدْتِ وَلَدًا فَلَا تُرْضِعِيهِ حَتَّى تَأْتِينِي بِهِ فَلَمَّا انْصَرَفُوا عَنْهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنْ وَلَدَتْهُ أَحْمَرَ مِثْلَ الدِّبْسِ فَهُوَ يُشْبِهُ أَبَاهُ الَّذِي نَفَاهُ ، وَإِنْ وَلَدَتْهُ أَسْوَدَ أَدْعَجَ جَعْدًا قَطَطًا فَهُوَ يُشْبِهُ الَّذِي رُمِيَتْ بِهِ فَلَمَّا وَضَعَتْ وَأَتَتْ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَظَرَ إلَيْهِ فَإِذَا هُوَ أَسْوَدُ أَدْعَجُ جَعْدٌ قَطَطٌ عَلَى مَا نَعَتَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْلَا الْأَيْمَانُ الَّتِي سَبَقَتْ لَكَانَ لِي فِيهَا رَأْيٌ } وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=32910لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ } فَقَدْ سَمَّى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللِّعَانَ أَيْمَانًا لَا شَهَادَةً فَدَلَّ أَنَّهُ يَمِينٌ لَا شَهَادَةٌ .
( وَلَنَا ) قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=6وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ } وَالِاسْتِدْلَالُ بِالْآيَةِ الْكَرِيمَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ تَعَالَى سَمَّى الَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ شُهَدَاءَ ; لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الشُّهَدَاءِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=6وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إلَّا أَنْفُسُهُمْ } وَالْمُسْتَثْنَى مِنْ جِنْسِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ ، وَالثَّانِي أَنَّهُ سَمَّى اللِّعَانَ شَهَادَةً نَصًّا بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=6فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ } وَالْخَامِسَةُ أَيْ الشَّهَادَةُ الْخَامِسَةُ وَقَالَ تَعَالَى فِي جَانِبِهَا {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=8وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ } وَالْخَامِسَةُ أَيْ الشَّهَادَةُ الْخَامِسَةُ إلَّا أَنَّهُ تَعَالَى سَمَّاهُ شَهَادَةً بِاَللَّهِ تَأْكِيدًا لِلشَّهَادَةِ بِالْيَمِينِ ، فَقَوْلُهُ أَشْهَدُ يَكُونُ شَهَادَةً وَقَوْلُهُ بِاَللَّهِ يَكُونُ يَمِينًا وَهَذَا مَذْهَبُنَا أَنَّهُ شَهَادَاتٌ مُؤَكَّدَةٌ بِالْأَيْمَانِ وَهُوَ أَوْلَى مِمَّا قَالَهُ الْمُخَالِفُ لِأَنَّهُ عَمَلٌ بِاللَّفْظَيْنِ فِي مَعْنَيَيْنِ وَفِيمَا قَالَهُ حَمَلَ اللَّفْظَيْنِ عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ فَكَانَ مَا قُلْنَاهُ أَوْلَى وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ شَهَادَةٌ أَنَّهُ شَرَطَ فِيهِ لَفْظَ الشَّهَادَةِ وَحَضْرَةَ الْحَاكِمِ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ لَوْ كَانَ شَهَادَةً لَكَانَ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ شَهَادَةِ الرَّجُلِ فَنَقُولُ هُوَ شَهَادَةٌ مُؤَكَّدَةٌ بِالْيَمِينِ فَيُرَاعَى فِيهِ مَعْنَى الشَّهَادَةِ وَمَعْنَى الْيَمِينِ وَقَدْ رَاعِينَا مَعْنَى الشَّهَادَةِ فِيهِ بِاشْتِرَاطِ لَفْظَةِ الشَّهَادَةِ فَيُرَاعَى مَعْنَى الْيَمِينِ بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي الْعَدَدِ عَمَلًا بِالشَّبَهَيْنِ جَمِيعًا وَلَا حُجَّةَ لَهُ فِي الْحَدِيثِ ; لِأَنَّهُ رُوِيَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ لَوْلَا مَا مَضَى مِنْ الشَّهَادَاتِ وَهَذَا حُجَّةٌ عَلَيْهِ حَيْثُ سَمَّاهُ شَهَادَةً نَقُولُ بِمُوجَبِهِ أَنَّهُ يَمِينٌ لَكِنَّ هَذَا لَا يَنْفِي أَنْ يَكُونَ شَهَادَةً فَهُوَ شَهَادَةٌ مُؤَكَّدَةٌ بِالْيَمِينِ وَاَللَّه تَعَالَى الْمُوَفِّقُ .
وَإِذَا عُرِفَ هَذَا الْأَصْلُ تُخَرَّجُ عَلَيْهِ الْمَسَائِلُ ، أَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=12241_12238اعْتِبَارُ الْعَقْلِ وَالْبُلُوغِ فَلِأَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ لَيْسَا مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ وَالْيَمِينِ فَلَا يَكُونَانِ مِنْ أَهْلِ اللِّعَانِ بِالْإِجْمَاعِ وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=12234الْحُرِّيَّةُ فَالْمَمْلُوكُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ فَلَا يَكُونُ مِنْ أَهْلِ اللِّعَانِ بِالْإِجْمَاعِ وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=12244الْإِسْلَامُ فَالْكَافِرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمُسْلِمِ وَإِنْ كَانَ الْمُسْلِمُ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْكَافِرِ .
وَإِذَا كَانَا كَافِرَيْنِ فَالْكَافِرُ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْكَافِرِ فَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى ; لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ حُكْمِهَا وَهُوَ الْكَفَّارَةُ وَلِهَذَا لَمْ يَصِحَّ
nindex.php?page=treesubj&link=12034ظِهَارُ الذِّمِّيِّ عِنْدَنَا ، وَاللِّعَانُ عِنْدَنَا شَهَادَاتٌ مُؤَكَّدَةٌ بِالْأَيْمَانِ فَمَنْ لَا يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْيَمِينِ لَا يَكُونُ مِنْ أَهْلِ اللِّعَانِ .
وَأَمَّا اعْتِبَارُ
nindex.php?page=treesubj&link=12249النُّطْقِ فَلِأَنَّ الْأَخْرَسَ لَا شَهَادَةَ لَهُ ; لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ لَفْظَةُ الشَّهَادَةِ ; وَلِأَنَّ الْقَذْفَ مِنْهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْإِشَارَةِ ، وَالْقَذْفُ بِالْإِشَارَةِ يَكُونُ فِي مَعْنَى الْقَذْفِ بِالْكِتَابَةِ وَإِنَّهُ لَا يُوجِبُ اللِّعَانَ كَمَا لَا يُوجِبُ الْحَدَّ لِمَا نَذْكُرُهُ فِي الْحُدُودِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=26345الْمَحْدُودُ فِي الْقَذْفِ فَلَا شَهَادَةَ لَهُ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَدَّ شَهَادَتَهُ عَلَى التَّأْبِيدِ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ
nindex.php?page=treesubj&link=12253_26345_15970_15968قَذْفُ الْفَاسِقِ وَالْأَعْمَى فَإِنَّهُ يُوجِبُ اللِّعَانَ وَلَا شَهَادَةَ لَهُمَا ; لِأَنَّ الْفَاسِقَ لَهُ شَهَادَةٌ فِي الْجُمْلَةِ وَلَهُمَا جَمِيعًا أَهْلِيَّةُ الشَّهَادَةِ .
أَلَا تَرَى أَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ قَضَى بِشَهَادَتِهِمَا جَازَ قَضَاؤُهُ وَمَعْلُومٌ
[ ص: 243 ] أَنَّهُ لَا يَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=16330_23980_15969_15968_15967_15966_15965الْقَضَاءُ بِشَهَادَةِ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْمَمْلُوكِ إلَّا أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَعْمَى فِي سَائِرِ الْمَوَاضِعِ ; لِأَنَّهُ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الْمَشْهُودِ لَهُ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ لَا لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ ، ثُمَّ هَذِهِ الشَّرَائِطُ كَمَا هِيَ شَرْطُ وُجُوبِ اللِّعَانِ فَهِيَ شَرْطُ صِحَّةِ اللِّعَانِ وَجَوَازِهِ حَتَّى لَا يَجْرِي اللِّعَانُ بِدُونِهَا ، وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ يَجْرِي اللِّعَانُ بَيْنَ الْمَمْلُوكَيْنِ وَالْأَخْرَسَيْنِ وَالْمَحْدُودَيْنِ فِي الْقَذْفِ ; لِأَنَّ هَؤُلَاءِ مِنْ أَهْلِ الْيَمِينِ فَكَانُوا مِنْ أَهْلِ اللِّعَانِ وَكَذَا بَيْنَ الْكَافِرِينَ ; لِأَنَّ يَمِينَ الْكَافِرِ صَحِيحَةٌ عِنْدَهُ لَا مِنْ أَهْلِ الْإِعْتَاقِ وَالْكِسْوَةِ وَالْإِطْعَامِ وَلِهَذَا قَالَ يَجُوزُ ظِهَارُ الذِّمِّيِّ وَعَلَى هَذَا يُخَرَّجُ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=14954وَأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُمَا
nindex.php?page=treesubj&link=26402إذَا الْتَعْنَا عِنْدَ الْحَاكِمِ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا حَتَّى عُزِلَ أَوْ مَاتَ فَالْحَاكِمُ الثَّانِي يَسْتَقْبِلُ اللِّعَانَ بَيْنَهُمَا ; لِأَنَّ اللِّعَانَ لَمَّا كَانَ شَهَادَةً
nindex.php?page=treesubj&link=26402فَالشُّهُودُ إذَا شَهِدُوا عِنْدَ الْحَاكِمِ فَمَاتَ أَوْ عُزِلَ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِشَهَادَتِهِمْ لَمْ يَعْتَدَّ الْحَاكِمُ بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ ، وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٍ لَا يَسْتَقْبِلُ اللِّعَانَ .
وَقَوْلُهُ لَا يُخَرَّجُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ وَلَكِنَّ الْوَجْهَ لَهُ أَنَّ اللِّعَانَ قَائِمٌ مَقَامَ الْحَدِّ فَإِذَا الْتَعْنَا فَكَأَنَّهُ أُقِيمَ الْحَدُّ ، وَالْحَدُّ بَعْدَ إقَامَتِهِ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الْعَزْلُ وَالْمَوْتُ وَالْجَوَابُ أَنَّ حُكْمَ الْقَذْفِ لَا يَتَنَاهَى إلَّا بِالتَّفْرِيقِ فَيُؤَثِّرُ الْعَزْلُ وَالْمَوْتُ قَبْلَهُ ، ثُمَّ ابْتِدَاءُ الدَّلِيلِ لَنَا فِي الْمَسْأَلَةِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=849 : أَرْبَعَةٌ لَا لِعَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَزْوَاجِهِمْ : لَا لِعَانَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ ، وَالْعَبْدِ وَالْحُرَّةِ ، وَالْحُرِّ وَالْأَمَةِ وَالْكَافِرِ وَالْمُسْلِمَةِ } وَصُورَتُهُ
nindex.php?page=treesubj&link=12247الْكَافِرُ أَسْلَمَتْ زَوْجَتُهُ فَقَبْلَ أَنْ يُعْرَضَ الْإِسْلَامُ عَلَى زَوْجِهَا قَذَفَهَا بِالزِّنَا .
( وَلَنَا ) أَصْلٌ آخَرُ لِتَخْرِيجِ الْمَسَائِلِ عَلَيْهِ وَهُوَ أَنَّ كُلَّ قَذْفٍ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ لَوْ كَانَ الْقَاذِفُ أَجْنَبِيًّا لَا يُوجِبُ اللِّعَانَ إذَا كَانَ الْقَاذِفُ زَوْجًا ; لِأَنَّ اللِّعَانَ مُوجَبُ الْقَذْفِ فِي حَقِّ الزَّوْجِ كَمَا أَنَّ الْحَدَّ مُوجَبُ الْقَذْفِ فِي الْأَجْنَبِيِّ وَقَذْفُ وَاحِدٍ مِمَّنْ ذَكَرْنَا لَا يُوجِبُ الْحَدَّ وَلَوْ كَانَ أَجْنَبِيًّا فَإِذَا كَانَ زَوْجًا لَا يُوجِبُ اللِّعَانَ .
وَابْتِدَاءُ مَا يَحْتَجُّ بِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ عُمُومُ آيَةِ اللِّعَانِ إلَّا مَنْ خُصَّ بِدَلِيلٍ وَلَا حُجَّةَ لَهُ فِيهَا ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّى الَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ شُهَدَاءَ فِي آيَةِ اللِّعَانِ وَاسْتَثْنَاهُمْ مِنْ الشُّهَدَاءِ الْمَذْكُورِينَ فِي آيَةِ الْقَذْفِ وَلَمْ يَدْخُلْ وَاحِدٌ مِمَّنْ ذَكَرْنَا فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُمْ فَكَذَا فِي الْمُسْتَثْنَى ; لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ اسْتِخْرَاجٌ مِنْ تِلْكَ الْجُمْلَةِ وَتَحْصِيلٌ مِنْهَا ، وَأَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْمَقْذُوفِ بِهِ وَالْمَقْذُوفِ فِيهِ وَنَفْسِ الْقَذْفِ فَنَذْكُرُهُ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .