وكذلك أخرجا في الصحيحين عن - في قصته وقصة أصحابه لما جاءوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يستحملونه - فقال : أبي موسى الأشعري ، وفي رواية في الصحيحين : " " والله ما أحملكم وما عندي ما أحملكم عليه " ، ثم قال : " إني والله - إن شاء الله - لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها " " . إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير
[ ص: 342 ] وروى في صحيحه عن مسلم قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " عدي بن حاتم " . وفي رواية إذا حلف أحدكم على اليمين فرأى غيرها خيرا منها ، فليكفرها وليأت الذي هو خير أيضا : " لمسلم " . من حلف على يمين ، فرأى غيرها خيرا منها ، فليكفرها وليأت الذي هو خير
وقد رويت هذه السنة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير هذه الوجوه - من حديث ، عبد الله بن عمر وعوف بن مالك الجشمي .
فهذه نصوص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المتواترة أنه أمر " " ، ولم يفرق بين الحلف بالله أو النذر ونحوه . ورواه من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها أن يكفر يمينه ويأتي الذي هو خير عن النسائي أبي موسى قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " " ، وهذا صريح في أنه قصد تعميم كل يمين في الأرض ، وكذلك أصحابه فهموا منه دخول الحلف بالنذر في هذا الكلام . ما على الأرض يمين أحلف عليها فأرى غيرها خيرا منها إلا أتيته
فروى أبو داود في سننه : حدثنا ، حدثنا محمد بن المنهال ، حدثنا [ يزيد بن زريع ] عن حبيب بن المعلم ، عن عمرو بن شعيب : سعيد بن المسيب الأنصار كان بينهما ميراث ، فسأل أحدهما صاحبه القسمة ، فقال : إن عدت تسألني القسمة فكل مالي في رتاج الكعبة ، فقال له عمر : إن الكعبة غنية عن مالك ، كفر عن يمينك ، وكلم أخاك ، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : لا يمين عليك ولا [ ص: 343 ] نذر في معصية الرب ، ولا في قطيعة الرحم ، ولا فيما لا تملك " . " أن أخوين من
فهذا أمير المؤمنين - رضي الله عنه - أمر هذا الذي حلف بصيغة الشرط ونذر نذر اللجاج والغضب : بأن يكفر عن يمينه وأن لا يفعل ذلك المنذور . واحتج بما سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " عمر بن الخطاب " . لا يمين عليك ولا نذر في معصية الرب ولا في قطيعة الرحم ولا فيما لا تملك
ففهم من هذا : أن من ، فإنه لا وفاء عليه في ذلك النذر ، وإنما عليه الكفارة كما أفتاه حلف بيمين أو نذر على معصية أو قطيعة عمر . ولولا أن هذا النذر كان عنده يمينا لم يقل له : " كفر عن يمينك " ، وإنما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ؛ لأن اليمين ما قصد بها الحض أو المنع ، والنذر : ما قصد به التقرب ، وكلاهما لا يوفى به في المعصية والقطيعة . لا يمين ولا نذر
وفي هذا الحديث دلالة أخرى ، وهي أن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " " يعم جميع ما يسمى يمينا أو نذرا ، سواء كانت اليمين بالله ، أو كانت بوجوب ما ليس بواجب من الصدقة أو الصيام أو الحج أو الهدي ، أو كانت بتحريم الحلال ، كالظهار والطلاق والعتاق . لا يمين ولا نذر في معصية الرب ، ولا في قطيعة الرحم
ومقصود النبي - صلى الله عليه وسلم - : إما أن يكون نهيه عن فعل المحلوف عليه من المعصية والقطيعة فقط ، أو يكون مقصوده مع ذلك : أنه لا يلزمه ما في اليمين والنذر من الإيجاب والتحريم .
وهذا الثاني هو الظاهر ، لاستدلال به ، فإنه [ ص: 344 ] لولا أن الحديث يدل على هذا لم يصح استدلال عمر بن الخطاب به على ما أجاب به السائل من الكفارة ، دون إخراج المال في كسوة عمر بن الخطاب الكعبة ، ولأن لفظ النبي - صلى الله عليه وسلم - يعم ذلك كله .