ولما ذكر الأعيان الطاهرة شرع في ذكر النجسة فقال بفتح الجيم عين النجاسة ( ما استثني ) أي أخرج من الطاهر من أول الفصل إلى هنا سواء كان الإخراج بأداة استثناء وذلك في سبعة بمراعاة المعطوف وهي إلا محرم الأكل إلا المسكر إلا المذر والخارج بعد الموت إلا الميت إلا المتغذي بنجس إلا المتغير من الطعام أو كان الإخراج بغيرها كمفهوم الشرط في إن جزت درس [ ص: 53 ] وإنما ذكرها وإن علمت لأنه بصدد تعداد الأعيان النجسة وحصرها ( و ) النجس ( ميت غير ما ذكر ) وهو بري له نفس سائلة إذا كان غير قملة وآدمي بل ( ولو ) كان ( قملة ) خلافا لمن قال بطهارة ميتتها لأن الدم الذي فيها مكتسب لا ذاتي والراجح أنه ذاتي ويعفى عن القملتين والثلاث للمشقة ( أو ) كان ( آدميا ) ضعيف ( والأظهر ) عند ( والنجس ) وغيره ابن رشد كاللخمي والمازري وعياض وغيرهم وهو المعتمد الذي تجب به الفتوى ( طهارته ) ولو كافرا على التحقيق ( و ) النجس ( ما أبين ) أي انفصل حقيقة أو حكما بأن تعلق بيسير لحم أو جلد بحيث لا يعود لهيئته [ ص: 54 ] ( من ) حيوان نجس الميتة ( حي وميت ) الواو بمعنى أو فالمنفصل من الآدمي مطلقا طاهر على المعتمد ثم بين إبهام ما بقوله ( من قرن وعظم وظلف ) هو للبقرة والشاة كالحافر للفرس والحمار وأراد به ما يعم الحافر ( وظفر ) لبعير ونعام وإوز ودجاج وما يأتي من أن الدجاج ليس من ذي الظفر فالمراد به الجلدة بين الأصابع ( وعاج ) أي سن فيل ( وقصب ريش ) بتمامها وهي التي يكتنفها الزغب ( وجلد ) إذا لم يدبغ بل ( ولو دبغ ) فلا يؤثر دبغه طهارة في ظاهره ولا باطنه وخبر { } ونحوه محمول عندنا في مشهور المذهب على الطهارة اللغوية وهي النظافة ولذا جاز الانتفاع به فيما أشار له أيما إهاب دبغ فقد طهر المصنف بقوله ( ورخص فيه ) أي في ( مطلقا ) سواء كان من جلد مباح الأكل أو محرمه ( إلا من خنزير ) فلا يرخص فيه مطلقا ذكي أم لا لأن الذكاة لا تعمل فيه إجماعا فكذا الدباغ على المشهور وكذا جلد الآدمي لشرفه كما يعلم من وجوب دفنه [ ص: 55 ] ( بعد دبغه ) بما يزيل الريح والرطوبة ويحفظه من الاستحالة ولا يفتقر الدبغ إلى فعل فاعل ، فإن وقع الجلد في مدبغة طهر أي لغة ولا كون الدابغ مسلما ( في يابس ) كالحبوب ( و ) في ( ماء ) لأن له قوة الدفع عن نفسه لطهوريته فلا يضره إلا ما غير أحد أوصافه الثلاثة لا في نحو عسل ولبن وسمن وماء زهر ويجوز لبسها في غير الصلاة لا فيها لنجاستها ( وفيها كراهة العاج ) أي جلد الميتة قال فيها لأنه ميتة وهذا دليل على أن المراد بالكراهة التحريم فيكون استشهادا لما قدمه من نجاسته وقيل الكراهة كراهة تنزيه وهو المعتمد فيكون استشكالا وأما المذكى ولو بعقر فلا وجه لكراهته [ ص: 56 ] ( و ) فيها ( التوقف ) ناب الفيل الميت ( في ) الجواب عن للإمام بفتح الكاف وهو جلد الحمار أو الفرس أو البغل الميت ، ووجه التوقف أن القياس يقتضي نجاسته لا سيما من جلد حمار ميت وعمل حكم ( الكيمخت ) السلف من صلاتهم بسيوفهم وجفيرها منه يقتضي طهارته والمعتمد كما قالوا أنه طاهر للعمل لا نجس معفو عنه فهو مستثنى من قولهم جلد الميتة نجس ولو دبغ وانظر ما علة طهارته فإن قالوا : الدبغ قلنا يلزم طهارة كل مدبوغ وإن قالوا الضرورة قلنا : إن سلم فهي لا تقتضي الطهارة بل العفو ، وحمل الطهارة في كلام الشارح على اللغوية في غير الكيمخت وعلى الحقيقة في الكيمخت تحكم وعمل الصحابة عليهم الرضا في جزئي يحقق العمل في الباقي