المسألة الثانية : قوله : (
nindex.php?page=treesubj&link=28970_34077أعوذ بالله ) لفظه الخبر ومعناه الدعاء والتقدير : اللهم أعذني ، ألا ترى أنه قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=36وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم ) [ آل عمران : 36 ] كقوله : " أستغفر الله " أي اللهم اغفر لي ، والدليل عليه أن قوله : ( أعوذ بالله ) إخبار عن فعله ، وهذا القدر لا فائدة فيه إنما الفائدة في أن يعيذه الله ، فما السبب في أنه قال : " أعوذ بالله ولم يقل أعذني ؟ والجواب أن بين الرب وبين العبد عهدا كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=91وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ) [ النحل : 91 ] وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=40وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم ) [ البقرة : 40 ] فكأن العبد يقول أنا مع لؤم الإنسانية
[ ص: 86 ] ونقص البشرية وفيت بعهد عبوديتي حيث قلت : " أعوذ بالله " فأنت مع نهاية الكرم وغاية الفضل والرحمة أولى بأن تفي بعهد الربوبية فتقول : إني أعيذك من الشيطان الرجيم .
المسألة ج : أعوذ فعل مضارع ، وهو يصلح للحال والاستقبال ، فهل هو حقيقة فيهما ؟ والحق أنه حقيقة في الحال مجاز في الاستقبال ، وإنما يختص به بحرف السين وسوف .
( د ) لم وقع الاشتراك بين الحاضر والمستقبل ، ولم يقع بين الحاضر والماضي ؟
( هـ ) كيف المشابهة بين المضارع وبين الاسم .
( و ) كيف العامل فيه ، ولا شك أنه معمول فما هو .
( ز ) قوله : ( أعوذ ) يدل على أن العبد مستعيذ في الحال وفي كل المستقبل ، وهو الكمال ، فهل يدل على أن هذه الاستعاذة باقية في الجنة .
( ح ) قوله : ( أعوذ ) حكاية عن النفس ، ولا بد من الأربعة المذكورة في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=33وآتين ) [ الأحزاب : 33 ] .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=treesubj&link=28970_34077أَعُوذُ بِاللَّهِ ) لَفْظُهُ الْخَبَرُ وَمَعْنَاهُ الدُّعَاءُ وَالتَّقْدِيرُ : اللَّهُمَّ أَعِذْنِي ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=36وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ) [ آلِ عِمْرَانَ : 36 ] كَقَوْلِهِ : " أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ " أَيِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ قَوْلَهُ : ( أَعُوذُ بِاللَّهِ ) إِخْبَارٌ عَنْ فِعْلِهِ ، وَهَذَا الْقَدْرُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ إِنَّمَا الْفَائِدَةُ فِي أَنْ يُعِيذَهُ اللَّهُ ، فَمَا السَّبَبُ فِي أَنَّهُ قَالَ : " أَعُوذُ بِاللَّهِ وَلَمْ يَقُلْ أَعِذْنِي ؟ وَالْجَوَابُ أَنَّ بَيْنَ الرَّبِّ وَبَيْنَ الْعَبْدِ عَهْدًا كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=91وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ ) [ النَّحْلِ : 91 ] وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=40وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ) [ الْبَقَرَةِ : 40 ] فَكَأَنَّ الْعَبْدَ يَقُولُ أَنَا مَعَ لُؤْمِ الْإِنْسَانِيَّةِ
[ ص: 86 ] وَنَقْصِ الْبَشَرِيَّةِ وَفَّيْتُ بِعَهْدِ عُبُودِيَّتِي حَيْثُ قُلْتُ : " أَعُوذُ بِاللَّهِ " فَأَنْتَ مَعَ نِهَايَةِ الْكَرَمِ وَغَايَةِ الْفَضْلِ وَالرَّحْمَةِ أَوْلَى بِأَنْ تَفِيَ بِعَهْدِ الرُّبُوبِيَّةِ فَتَقُولُ : إِنِّي أُعِيذُكَ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ .
الْمَسْأَلَةُ ج : أَعُوذُ فِعْلٌ مُضَارِعٌ ، وَهُوَ يَصْلُحُ لِلْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ ، فَهَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا ؟ وَالْحَقُّ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْحَالِ مَجَازٌ فِي الِاسْتِقْبَالِ ، وَإِنَّمَا يَخْتَصُّ بِهِ بِحَرْفِ السِّينِ وَسَوْفَ .
( د ) لِمَ وَقَعَ الِاشْتِرَاكُ بَيْنَ الْحَاضِرِ وَالْمُسْتَقْبَلِ ، وَلَمْ يَقَعْ بَيْنَ الْحَاضِرِ وَالْمَاضِي ؟
( هـ ) كَيْفَ الْمُشَابَهَةُ بَيْنَ الْمُضَارِعِ وَبَيْنَ الِاسْمِ .
( و ) كَيْفَ الْعَامِلُ فِيهِ ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ مَعْمُولٌ فَمَا هُوَ .
( ز ) قَوْلُهُ : ( أَعُوذُ ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ مُسْتَعِيذٌ فِي الْحَالِ وَفِي كُلِّ الْمُسْتَقْبَلِ ، وَهُوَ الْكَمَالُ ، فَهَلْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الِاسْتِعَاذَةَ بَاقِيَةٌ فِي الْجَنَّةِ .
( ح ) قَوْلُهُ : ( أَعُوذُ ) حِكَايَةٌ عَنِ النَّفْسِ ، وَلَا بُدَّ مِنَ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=33وآتِينَ ) [ الْأَحْزَابِ : 33 ] .