المسألة الثالثة : احتج أصحابنا بهذه الآية على فساد القول بالمحابطة قالوا : لأنه تعالى أثبت كلا الأمرين على سبيل الجمع ، فبين أن لها ثواب ما كسبت وعليها عقاب ما اكتسبت ، وهذا صريح في أن هذين الاستحقاقين يجتمعان ، وأنه لا يلزم من طريان أحدهما زوال الآخر ، قال الجبائي : ظاهر الآية وإن دل على الإطلاق إلا أنه مشروط والتقدير : لها ما كسبت من ثواب العمل الصالح إذا لم تبطله ، وعليها ما اكتسبت من العقاب إذا لم تكفره بالتوبة ، وإنما صرنا إلى إضمار هذا الشرط لما بينا أن ، وأن الثواب يجب أن يكون منفعة خالصة دائمة ، والجمع بينهما محال في العقول ، فكان الجمع بين استحقاقيهما أيضا محالا . العقاب يجب أن يكون مضرة خالصة دائمة
واعلم أن الكلام على هذه المسألة مر على الاستقصاء في تفسير قوله تعالى : ( لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى ) [ البقرة : 264 ] فلا نعيده .