أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=40وقد بلغني الكبر ) ففيه مسائل :
المسألة الأولى : الكبر مصدر كبر الرجل يكبر إذا أسن ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : كان يوم بشر بالولد ابن عشرين ومائة سنة وكانت امرأته بنت تسعين وثمان .
المسألة الثانية : قال أهل المعاني : كل شيء صادفته وبلغته فقد صادفك وبلغك ، وكلما جاز أن يقول : بلغت الكبر جاز أن يقول بلغني الكبر يدل عليه قول العرب : لقيت الحائط ، وتلقاني الحائط .
فإن قيل : يجوز بلغني البلد في موضع بلغت البلد ؟ قلنا : هذا لا يجوز ، والفرق بين الموضعين أن الكبر كالشيء الطالب للإنسان فهو يأتيه بحدوثه فيه ، والإنسان أيضا يأتيه بمرور السنين عليه ، أما البلد فليس كالطالب للإنسان الذاهب ، فظهر الفرق .
أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=40وامرأتي عاقر ) .
اعلم أن
nindex.php?page=treesubj&link=10812_10811العاقر من النساء التي لا تلد ، يقال : عقر يعقر عقرا ، ويقال أيضا : عقر الرجل ، وعقر بالحركات الثلاثة في القاف إذا لم يحمل له ، ورمل عاقر : لا ينبت شيئا ، واعلم أن
nindex.php?page=treesubj&link=31976_10812زكريا - عليه السلام - ذكر كبر نفسه مع كون زوجته عاقرا لتأكيد حال الاستبعاد .
أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=40قال كذلك الله يفعل ما يشاء ) ففيه بحثان : الأول : أن قوله : ( قال ) عائد إلى مذكور سابق ، وهو الرب المذكور في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=40قال رب أنى يكون لي غلام ) وقد ذكرنا أن ذلك يحتمل أن يكون هو الله تعالى ، وأن يكون هو
جبريل .
البحث الثاني : قال صاحب الكشاف : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=40كذلك الله ) مبتدأ وخبر أي على نحو هذه الصفة الله ، ويفعل ما يشاء بيان له ، أي يفعل ما يريد من الأفاعيل الخارقة للعادة .
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=40وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ ) فَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : الْكِبَرُ مَصْدَرُ كَبِرَ الرَّجُلُ يَكْبَرُ إِذَا أَسَنَّ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : كَانَ يَوْمَ بُشِّرَ بِالْوَلَدِ ابْنَ عِشْرِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ وَكَانَتِ امْرَأَتُهُ بِنْتَ تِسْعِينَ وَثَمَانٍ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَالَ أَهْلُ الْمَعَانِي : كُلُّ شَيْءٍ صَادَفْتَهُ وَبَلَغْتَهُ فَقَدْ صَادَفَكَ وَبَلَغَكَ ، وَكُلَّمَا جَازَ أَنْ يَقُولَ : بَلَغْتُ الْكِبَرَ جَازَ أَنْ يَقُولَ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْعَرَبِ : لَقِيتُ الْحَائِطَ ، وَتَلَقَّانِي الْحَائِطُ .
فَإِنْ قِيلَ : يَجُوزُ بَلَغَنِيَ الْبَلَدُ فِي مَوْضِعِ بَلَغْتُ الْبَلَدَ ؟ قُلْنَا : هَذَا لَا يَجُوزُ ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ أَنَّ الْكِبَرَ كَالشَّيْءِ الطَّالِبِ لِلْإِنْسَانِ فَهُوَ يَأْتِيهِ بِحُدُوثِهِ فِيهِ ، وَالْإِنْسَانُ أَيْضًا يَأْتِيهِ بِمُرُورِ السِّنِينَ عَلَيْهِ ، أَمَّا الْبَلَدُ فَلَيْسَ كَالطَّالِبِ لِلْإِنْسَانِ الذَّاهِبِ ، فَظَهَرَ الْفَرْقُ .
أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=40وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ ) .
اعْلَمْ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=10812_10811الْعَاقِرَ مِنَ النِّسَاءِ الَّتِي لَا تَلِدُ ، يُقَالُ : عَقَرَ يَعْقِرُ عَقْرًا ، وَيُقَالُ أَيْضًا : عَقَرَ الرَّجُلُ ، وَعَقُرَ بِالْحَرَكَاتِ الثَّلَاثَةِ فِي الْقَافِ إِذَا لَمْ يُحْمَلْ لَهُ ، وَرَمْلٌ عَاقِرٌ : لَا يُنْبِتُ شَيْئًا ، وَاعْلَمْ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=31976_10812زَكَرِيَّا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ذَكَرَ كِبَرَ نَفْسِهِ مَعَ كَوْنِ زَوْجَتِهِ عَاقِرًا لِتَأْكِيدِ حَالِ الِاسْتِبْعَادِ .
أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=40قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ) فَفِيهِ بَحْثَانِ : الْأَوَّلُ : أَنَّ قَوْلَهُ : ( قَالَ ) عَائِدٌ إِلَى مَذْكُورٍ سَابِقٍ ، وَهُوَ الرَّبُّ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=40قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ ) وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ ذَلِكَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ اللَّهَ تَعَالَى ، وَأَنْ يَكُونَ هُوَ
جِبْرِيلَ .
الْبَحْثُ الثَّانِي : قَالَ صَاحِبُ الْكَشَّافِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=40كَذَلِكَ اللَّهُ ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ أَيْ عَلَى نَحْوِ هَذِهِ الصِّفَةِ اللَّهُ ، وَيَفْعَلُ مَا يَشَاءُ بَيَانٌ لَهُ ، أَيْ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ مِنَ الْأَفَاعِيلِ الْخَارِقَةِ لِلْعَادَةِ .