ثم
nindex.php?page=treesubj&link=31281_30794_28974قال تعالى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=155ولقد عفا الله عنهم ) .
واعلم أن هذه الآية دلت على أن تلك الزلة ما كانت بسبب الكفر ، فإن
nindex.php?page=treesubj&link=30558_29437العفو عن الكفر لا يجوز لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) [النساء : 48] ثم قالت
المعتزلة : ذلك الذنب إن كان من الصغائر جاز العفو عنه من غير توبة ، وإن كان من الكبائر لم يجز إلا مع التوبة ، فهاهنا لا بد من تقدم التوبة منهم ، وإن كان ذلك غير مذكور في الآية ، قال القاضي : والأقرب أن ذلك الذنب كان من الصغائر ويدل عليه وجهان :
الأول : أنه لا يكاد في الكبائر يقال إنها زلة ، إنما يقال ذلك في الصغائر .
الثاني : أن القوم ظنوا أن الهزيمة لما وقعت على المشركين لم يبق إلى ثباتهم في ذلك المكان حاجة ، فلا جرم انتقلوا عنه وتحولوا لطلب الغنيمة ، ومثل هذا لا يبعد أن يكون من باب الصغائر لأن للاجتهاد في مثله مدخلا ، وأما على قول أصحابنا فالعفو عن الصغائر والكبائر جائز ، فلا حاجة إلى هذه التكلفات .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=155nindex.php?page=treesubj&link=29694_28974إن الله غفور حليم ) أي غفور لمن تاب وأناب ، حليم لا يعجل بالعقوبة . وقد احتج أصحابنا بهذه الآية على أن ذلك الذنب كان من الكبائر ؛ لأنه لو كان من الصغائر لوجب على قول
المعتزلة أن يعفو عنه ، ولو كان العفو عنه واجبا لما حسن التمدح به ؛ لأن من يظلم إنسانا فإنه لا يحسن أن يتمدح بأنه عفا عنه وغفر له ، فلما ذكر هذا التمدح علمنا أن ذلك الذنب كان من الكبائر ، ولما عفا عنه علمنا أن العفو عن الكبائر واقع والله أعلم .
ثُمَّ
nindex.php?page=treesubj&link=31281_30794_28974قَالَ تَعَالَى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=155وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ ) .
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الزَّلَّةَ مَا كَانَتْ بِسَبَبِ الْكُفْرِ ، فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30558_29437الْعَفْوَ عَنِ الْكُفْرِ لَا يَجُوزُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ) [النِّسَاءِ : 48] ثُمَّ قَالَتِ
الْمُعْتَزِلَةُ : ذَلِكَ الذَّنْبُ إِنْ كَانَ مِنَ الصَّغَائِرِ جَازَ الْعَفْوُ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ ، وَإِنْ كَانَ مِنَ الْكَبَائِرِ لَمْ يَجُزْ إِلَّا مَعَ التَّوْبَةِ ، فَهَاهُنَا لَا بُدَّ مِنْ تَقَدُّمِ التَّوْبَةِ مِنْهُمْ ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ غَيْرَ مَذْكُورٍ فِي الْآيَةِ ، قَالَ الْقَاضِي : وَالْأَقْرَبُ أَنَّ ذَلِكَ الذَّنْبَ كَانَ مِنَ الصَّغَائِرِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ وَجْهَانِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّهُ لَا يَكَادُ فِي الْكَبَائِرِ يُقَالُ إِنَّهَا زَلَّةٌ ، إِنَّمَا يُقَالُ ذَلِكَ فِي الصَّغَائِرِ .
الثَّانِي : أَنَّ الْقَوْمَ ظَنُّوا أَنَّ الْهَزِيمَةَ لَمَّا وَقَعَتْ عَلَى الْمُشْرِكِينَ لَمْ يَبْقَ إِلَى ثَبَاتِهِمْ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ حَاجَةٌ ، فَلَا جَرَمَ انْتَقَلُوا عَنْهُ وَتَحَوَّلُوا لِطَلَبِ الْغَنِيمَةِ ، وَمِثْلُ هَذَا لَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ الصَّغَائِرِ لِأَنَّ لِلِاجْتِهَادِ فِي مِثْلِهِ مَدْخَلًا ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَصْحَابِنَا فَالْعَفْوُ عَنِ الصَّغَائِرِ وَالْكَبَائِرِ جَائِزٌ ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى هَذِهِ التَّكَلُّفَاتِ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=155nindex.php?page=treesubj&link=29694_28974إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ) أَيْ غَفُورٌ لِمَنْ تَابَ وَأَنَابَ ، حَلِيمٌ لَا يُعَجِّلُ بِالْعُقُوبَةِ . وَقَدِ احْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الذَّنْبَ كَانَ مِنَ الْكَبَائِرِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنَ الصَّغَائِرِ لَوَجَبَ عَلَى قَوْلِ
الْمُعْتَزِلَةِ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ ، وَلَوْ كَانَ الْعَفْوُ عَنْهُ وَاجِبًا لَمَا حَسُنَ التَّمَدُّحُ بِهِ ؛ لِأَنَّ مَنْ يَظْلِمُ إِنْسَانًا فَإِنَّهُ لَا يَحْسُنُ أَنْ يَتَمَدَّحَ بِأَنَّهُ عَفَا عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ ، فَلَمَّا ذَكَرَ هَذَا التَّمَدُّحَ عَلِمْنَا أَنَّ ذَلِكَ الذَّنْبَ كَانَ مِنَ الْكَبَائِرِ ، وَلَمَّا عَفَا عَنْهُ عَلِمْنَا أَنَّ الْعَفْوَ عَنِ الْكَبَائِرِ وَاقِعٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .