( وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا أولئك لهم أجرهم عند ربهم إن الله سريع الحساب يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون )
قوله تعالى : ( وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا أولئك لهم أجرهم عند ربهم إن الله سريع الحساب ياأيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون ) .
اعلم أنه تعالى لما ذكر حال المؤمنين وكان قد ذكر حال الكفار من قبل ، بأن مصيرهم إلى النار بين في هذه الآية أن فقال : ( من آمن منهم كان داخلا في صفة الذين اتقوا وإن من أهل الكتاب ) واختلفوا في نزولها ، فقال ابن عباس وجابر وقتادة : نزلت في حين مات وصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال المنافقون : إنه يصلي على نصراني لم يره قط ، وقال النجاشي ابن جريج وابن زيد : نزلت في وأصحابه ، وقيل : نزلت في أربعين من عبد الله بن سلام أهل نجران ، واثنين وثلاثين من الحبشة ، وثمانية من الروم كانوا على دين عيسى عليه السلام فأسلموا . وقال : نزلت في مؤمني مجاهد أهل الكتاب كلهم ، وهذا هو الأولى لأنه لما ذكر الكفار بأن مصيرهم إلى العقاب ، بين فيمن آمن منهم بأن مصيرهم إلى الثواب .
واعلم أنه تعالى وصفهم بصفات :
أولها : الإيمان بالله .
وثانيها : الإيمان بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم .
وثالثها : الإيمان بما أنزل على الأنبياء الذين كانوا قبل محمد عليه الصلاة والسلام .
ورابعها : كونهم خاشعين لله وهو حال من فاعل " يؤمن " لأن " من يؤمن " في معنى الجمع .
وخامسها : أنهم لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا كما يفعله أهل الكتاب ممن كان يكتم أمر الرسول وصحة نبوته .
ثم قال تعالى في صفتهم : ( أولئك لهم أجرهم عند ربهم إن الله سريع الحساب ) والفائدة في كونه [ ص: 126 ] سريع الحساب كونه عالما بجميع المعلومات ، فيعلم ما لكل واحد من الثواب والعقاب .