المسألة الثلاثون : قال الجمهور : واجب معهما ، وقال غسل اليدين إلى المرفقين مالك رحمهما الله : لا يجب وزفر ، وهذا الخلاف حاصل أيضا في قوله : ( غسل المرفقين وأرجلكم إلى الكعبين ) حجة أن كلمة " إلى " لانتهاء الغاية ، وما يجعل غاية للحكم يكون خارجا عنه كما في قوله ( زفر ثم أتموا الصيام إلى الليل ) [البقرة : 187] فوجب أن لا يجب غسل المرفقين .
والجواب من وجهين : الأول : أن حد الشيء قد يكون منفصلا عن المحدود بمقطع محسوس ، وههنا يكون الحد خارجا عن المحدود ، وهو كقوله : ( ثم أتموا الصيام إلى الليل ) فإن النهار منفصل عن الليل انفصالا محسوسا لأن انفصال النور عن الظلمة محسوس ، وقد لا يكون كذلك كقولك : بعتك هذا الثوب من هذا الطرف إلى ذلك الطرف ، فإن طرف الثوب غير منفصل عن الثوب بمقطع محسوس .
[ ص: 126 ] إذا عرفت هذا فنقول : لا شك أن امتياز المرفق عن الساعد ليس له مفصل معين ، وإذا كان كذلك فليس إيجاب الغسل إلى جزء أولى من إيجابه إلى جزء آخر ، فوجب القول بإيجاب غسل كل المرفق .
الوجه الثاني من الجواب : سلمنا أن المرفق لا يجب غسله ، لكن المرفق اسم لما جاوز طرف العظم ، فإنه هو المكان الذي يرتفق به أي : يتكأ عليه ، ولا نزاع في أن ما وراء طرف العظم لا يجب غسله ، وهذا الجواب اختيار الزجاج والله أعلم .