( وقطعناهم في الأرض أمما منهم الصالحون ومنهم دون ذلك وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون )
قوله تعالى :( وقطعناهم في الأرض أمما منهم الصالحون ومنهم دون ذلك وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون )
[ ص: 36 ] واعلم أن قوله :( وقطعناهم ) أحد ما يدل على أن الذي تقدم من قوله :( ليبعثن عليهم ) المراد جملة اليهود ، ومعنى( قطعناهم ) أي فرقناهم تفريقا شديدا . فلذلك قال بعده :( في الأرض أمما ) وظاهر ذلك أنه لا أرض مسكونة إلا ومنهم فيها أمة ، وهذا هو اليهود ، ومعنى قطعناهم ، فإنه قلما يوجد بلد إلا وفيه طائفة منهم . الغالب من حال
ثم قال :( منهم الصالحون ) قيل المراد القوم الذين كانوا في زمن موسى - عليه السلام - لأنه كان فيهم أمة يهدون بالحق . وقال ابن عباس : يريد الذين أدركوا النبي - صلى الله عليه وسلم - وآمنوا ، وقوله :( ومجاهد ومنهم دون ذلك ) أي ومنهم قوم دون ذلك ، والمراد من أقام على اليهودية .
فإن قيل : لم لا يجوز أن يكون قوله :( ومنهم دون ذلك ) من يكون صالحا إلا أن صلاحه كان دون صلاح الأولين ؛ لأن ذلك إلى الظاهر أقرب ؟
قلنا : إن قوله بعد ذلك :( لعلهم يرجعون ) يدل على أن المراد بذلك من ثبت على اليهودية وخرج من الصلاح .
أما وبلوناهم بالحسنات والسيئات ) أي عاملناهم معاملة المبتلى المختبر بالحسنات ، وهي النعم والخصب والعافية ، والسيئات هي الجدب والشدائد ، قال أهل المعاني : وكل واحد من الحسنات والسيئات يدعو إلى الطاعة ، أما النعم فلأجل الترغيب ، وأما النقم فلأجل الترهيب . وقوله :( يرجعون ) يريد كي يتوبوا . قوله :(