[ ص: 16 ] ( قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني منه رحمة فمن ينصرني من الله إن عصيته فما تزيدونني غير تخسير )
قوله تعالى : ( قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني منه رحمة فمن ينصرني من الله إن عصيته فما تزيدونني غير تخسير ) .
اعلم أن قوله : ( إن كنت على بينة من ربي ) ورد بحرف الشك ، وكان على يقين تام في أمره ، إلا أن خطاب المخالف على هذا الوجه أقرب إلى القبول ، فكأنه قال : قدروا أني على بينة من ربي ، وأني نبي على الحقيقة ، وانظروا أني إن تابعتكم وعصيت ربي في أوامره فمن يمنعني من عذاب الله ، فما تزيدونني على هذا التقدير غير تخسير ، وفي تفسير هذه الكلمة وجهان :
الأول : أن على هذا التقدير تخسرون أعمالي وتبطلونها .
الثاني : أن يكون التقدير : فما تزيدونني بما تقولون لي وتحملوني عليه غير أن أخسركم - أي أنسبكم إلى الخسران - وأقول لكم : إنكم خاسرون ، والقول الأول أقرب ؛ لأن قوله : ( فمن ينصرني من الله إن عصيته ) كالدلالة على أنه أراد إن أتبعكم فيما أنتم عليه من الكفر الذي دعوتموني إليه لم أزدد إلا خسرانا في الدين ، فأصير من الهالكين الخاسرين .