(
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=26وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=27إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=28وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=26وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=27إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=28وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا ) .
اعلم أن هذا هو النوع الرابع من أعمال الخير والطاعة المذكورة في هذه الآيات وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
nindex.php?page=treesubj&link=28910_34077قوله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=26وآت ) خطاب مع من ؟ فيه قولان :
القول الأول : أنه خطاب للرسول - صلى الله عليه وسلم - فأمره الله أن يؤتي أقاربه الحقوق التي وجبت لهم في الفيء والغنيمة ، وأوجب عليه أيضا إخراج حق المساكين وأبناء السبيل أيضا من هذين المثالين .
والقول الثاني : أنه خطاب للكل , والدليل عليه أنه معطوف على قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=23وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه ) [ الإسراء : 23 ] والمعنى : أنك بعد فراغك من بر الوالدين ، يجب أن تشتغل ببر سائر الأقارب الأقرب فالأقرب ، ثم بإصلاح أحوال المساكين وأبناء السبيل .
واعلم أن قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=26وآت ذا القربى حقه ) مجمل وليس فيه بيان أن ذلك
nindex.php?page=treesubj&link=28910_18012الحق ما هو ؟ وعند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله أنه لا يجب الإنفاق إلا على الولد والوالدين ، وقال قوم : يجب الإنفاق على المحارم بقدر
[ ص: 155 ] الحاجة ، واتفقوا على أن من لم يكن من المحارم كأبناء العم فلا حق لهم إلا الموادة والزيارة وحسن المعاشرة والمؤالفة في السراء والضراء . أما المسكين وابن السبيل فقد تقدم وصفهما في سورة التوبة في تفسير آية الزكاة . ويجب أن يدفع إلى المسكين ما يفي بقوته وقوت عياله ، وأن يدفع إلى ابن السبيل ما يكفيه من زاده وراحلته إلى أن يبلغ مقصده .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=26ولا تبذر تبذيرا )
nindex.php?page=treesubj&link=34077والتبذير في اللغة إفساد المال وإنفاقه في السرف . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16545عثمان بن الأسود : كنت أطوف في المساجد مع
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد حول
الكعبة فرفع رأسه إلى
أبي قبيس وقال : لو أن رجلا أنفق مثل هذا في طاعة الله لم يكن من المسرفين ، ولو أنفق درهما واحدا في معصية الله كان من المسرفين . وأنفق بعضهم نفقة في خير فأكثر فقيل له لا خير في السرف فقال : لا سرف في الخير ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013082مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسعد وهو يتوضأ فقال : ما هذا السرف يا سعد ؟ فقال : أوفي الوضوء سرف ؟ قال : نعم : وإن كنت على نهر جار ، ثم نبه تعالى على
nindex.php?page=treesubj&link=19248قبح التبذير بإضافته إياه إلى أفعال الشياطين فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=27إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين ) والمراد من هذه الأخوة التشبه بهم في هذا الفعل القبيح ، وذلك لأن العرب يسمون الملازم للشيء أخا له ، فيقولون : فلان أخو الكرم والجود ، وأخو السفر إذا كان مواظبا على هذه الأعمال ، وقيل قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=27إخوان الشياطين ) أي : قرناءهم في الدنيا والآخرة كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=36ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين ) [ الزخرف : 36 ] وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=22احشروا الذين ظلموا وأزواجهم ) [ الصافات : 22 ] أي : قرناءهم من الشياطين ، ثم إنه تعالى بين
nindex.php?page=treesubj&link=28796صفة الشيطان فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=27وكان الشيطان لربه كفورا ) [ الإسراء : 27 ] ومعنى كون الشيطان كفورا لربه ، هو أنه يستعمل بدنه في المعاصي والإفساد في الأرض ، والإضلال للناس . وكذلك كل من رزقه الله تعالى مالا أو جاها فصرفه إلى غير مرضاة الله تعالى كان كفورا لنعمة الله تعالى ، والمقصود : أن المبذرين إخوان الشياطين ، بمعنى كونهم موافقين للشياطين في الصفة والفعل ، ثم الشيطان كفور لربه فيلزم كون المبذر أيضا كفورا لربه ، وقال بعض العلماء : خرجت هذه الآية على وفق عادة العرب وذلك لأنهم كانوا يجمعون الأموال بالنهب والغارة ثم كانوا ينفقونها في طلب الخيلاء والتفاخر ، وكان المشركون من قريش وغيرهم ينفقون أموالهم ليصدوا الناس عن الإسلام وتوهين أهله وإعانة أعدائه ، فنزلت هذه الآية تنبيها على قبح أعمالهم في هذا الباب .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=28وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها ) والمعنى : أنك إن أعرضت عن ذي القربى والمسكين وابن السبيل حياء من التصريح بالرد بسبب الفقر والقلة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=28فقل لهم قولا ميسورا ) أي : سهلا لينا ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=28ابتغاء رحمة من ربك ترجوها ) كناية عن الفقر ، لأن
nindex.php?page=treesubj&link=18012فاقد المال يطلب رحمة الله وإحسانه . فلما كان فقد المال سببا لهذا الطلب ولهذا الابتغاء أطلق اسم السبب على المسبب فسمى الفقر بابتغاء رحمة الله تعالى ، والمعنى : أن عند حصول الفقر والقلة لا تترك تعهدهم بالقول الجميل والكلام الحسن ، بل تعدهم بالوعد الجميل وتذكر لهم العذر وهو حصول القلة وعدم المال ، أو تقول لهم : الله يسهل ، وفي تفسير
nindex.php?page=treesubj&link=28910_18009_18011القول الميسور وجوه :
الأول : القول الميسور هو الرد بالطريق الأحسن .
والثاني : القول الميسور اللين السهل قال
الكسائي : يسرت أيسر له القول أي : لينته له .
الثالث : قال بعضهم : القول الميسور مثل قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=263قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى ) [ البقرة : 263 ] قالوا : والميسور هو المعروف ، لأن القول المتعارف لا يحوج إلى تكلف ، والله أعلم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=26وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=27إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=28وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=26وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=27إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=28وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا ) .
اعْلَمْ أَنَّ هَذَا هُوَ النَّوْعُ الرَّابِعُ مِنْ أَعْمَالِ الْخَيْرِ وَالطَّاعَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ وَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى :
nindex.php?page=treesubj&link=28910_34077قَوْلُهُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=26وَآتِ ) خِطَابٌ مَعَ مَنْ ؟ فِيهِ قَوْلَانِ :
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ : أَنَّهُ خِطَابٌ لِلرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يُؤْتِيَ أَقَارِبَهُ الْحُقُوقَ الَّتِي وَجَبَتْ لَهُمْ فِي الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ ، وَأَوْجَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا إِخْرَاجَ حَقِّ الْمَسَاكِينِ وَأَبْنَاءِ السَّبِيلِ أَيْضًا مِنْ هَذَيْنِ الْمِثَالَيْنِ .
وَالْقَوْلُ الثَّانِي : أَنَّهُ خِطَابٌ لِلْكُلِّ , وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=23وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ) [ الْإِسْرَاءِ : 23 ] وَالْمَعْنَى : أَنَّكَ بَعْدَ فَرَاغِكَ مِنْ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ ، يَجِبُ أَنْ تَشْتَغِلَ بِبِرِّ سَائِرِ الْأَقَارِبِ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ ، ثُمَّ بِإِصْلَاحِ أَحْوَالِ الْمَسَاكِينِ وَأَبْنَاءِ السَّبِيلِ .
وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=26وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ ) مُجْمَلٌ وَلَيْسَ فِيهِ بَيَانُ أَنَّ ذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=28910_18012الْحَقَّ مَا هُوَ ؟ وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْإِنْفَاقُ إِلَّا عَلَى الْوَلَدِ وَالْوَالِدَيْنِ ، وَقَالَ قَوْمٌ : يَجِبُ الْإِنْفَاقُ عَلَى الْمَحَارِمِ بِقَدْرِ
[ ص: 155 ] الْحَاجَةِ ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْمَحَارِمِ كَأَبْنَاءِ الْعَمِّ فَلَا حَقَّ لَهُمْ إِلَّا الْمُوَادَّةُ وَالزِّيَارَةُ وَحُسْنُ الْمُعَاشَرَةِ وَالْمُؤَالَفَةُ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ . أَمَّا الْمِسْكِينُ وَابْنُ السَّبِيلِ فَقَدْ تَقَدَّمَ وَصْفُهُمَا فِي سُورَةِ التَّوْبَةِ فِي تَفْسِيرِ آيَةِ الزَّكَاةِ . وَيَجِبُ أَنْ يُدْفَعَ إِلَى الْمِسْكِينِ مَا يَفِي بِقُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ ، وَأَنْ يُدْفَعَ إِلَى ابْنِ السَّبِيلِ مَا يَكْفِيهِ مِنْ زَادِهِ وَرَاحِلَتِهِ إِلَى أَنْ يَبْلُغَ مَقْصِدَهُ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=26وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا )
nindex.php?page=treesubj&link=34077وَالتَّبْذِيرُ فِي اللُّغَةِ إِفْسَادُ الْمَالِ وَإِنْفَاقُهُ فِي السَّرَفِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16545عُثْمَانُ بْنُ الْأَسْوَدِ : كُنْتُ أَطُوفُ فِي الْمَسَاجِدِ مَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ حَوْلَ
الْكَعْبَةِ فَرَفَعَ رَأَسَهُ إِلَى
أَبِي قُبَيْسٍ وَقَالَ : لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَنْفَقَ مِثْلَ هَذَا فِي طَاعَةِ اللَّهِ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُسْرِفِينَ ، وَلَوْ أَنْفَقَ دِرْهَمًا وَاحِدًا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ كَانَ مِنَ الْمُسْرِفِينَ . وَأَنْفَقَ بَعْضُهُمْ نَفَقَةً فِي خَيْرٍ فَأَكْثَرَ فَقِيلَ لَهُ لَا خَيْرَ فِي السَّرَفِ فَقَالَ : لَا سَرَفَ فِي الْخَيْرِ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013082مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِسَعْدٍ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ فَقَالَ : مَا هَذَا السَّرَفُ يَا سَعْدُ ؟ فَقَالَ : أَوَفِي الْوُضُوءِ سَرَفٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ : وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهْرٍ جَارٍ ، ثُمَّ نَبَّهَ تَعَالَى عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=19248قُبْحِ التَّبْذِيرِ بِإِضَافَتِهِ إِيَّاهُ إِلَى أَفْعَالِ الشَّيَاطِينِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=27إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ) وَالْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْأُخُوَّةِ التَّشَبُّهُ بِهِمْ فِي هَذَا الْفِعْلِ الْقَبِيحِ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَرَبَ يُسَمُّونَ الْمُلَازِمَ لِلشَّيْءِ أَخًا لَهُ ، فَيَقُولُونَ : فُلَانٌ أَخُو الْكَرَمِ وَالْجُودِ ، وَأَخُو السَّفَرِ إِذَا كَانَ مُوَاظِبًا عَلَى هَذِهِ الْأَعْمَالِ ، وَقِيلَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=27إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ) أَيْ : قُرَنَاءَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=36وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ) [ الزُّخْرُفِ : 36 ] وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=22احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ ) [ الصَّافَّاتِ : 22 ] أَيْ : قُرَنَاءَهُمْ مِنَ الشَّيَاطِينِ ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ
nindex.php?page=treesubj&link=28796صِفَةَ الشَّيْطَانِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=27وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا ) [ الْإِسْرَاءِ : 27 ] وَمَعْنَى كَوْنِ الشَّيْطَانِ كَفُورًا لِرَبِّهِ ، هُوَ أَنَّهُ يَسْتَعْمِلُ بَدَنَهُ فِي الْمَعَاصِي وَالْإِفْسَادِ فِي الْأَرْضِ ، وَالْإِضْلَالِ لِلنَّاسِ . وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ رَزَقَهُ اللَّهَ تَعَالَى مَالًا أَوْ جَاهًا فَصَرَفَهُ إِلَى غَيْرِ مَرْضَاةِ اللَّهِ تَعَالَى كَانَ كَفُورًا لِنِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَالْمَقْصُودُ : أَنَّ الْمُبَذِّرِينَ إِخْوَانُ الشَّيَاطِينِ ، بِمَعْنَى كَوْنِهِمْ مُوَافِقِينَ لِلشَّيَاطِينِ فِي الصِّفَةِ وَالْفِعْلِ ، ثُمَّ الشَّيْطَانُ كَفُورٌ لِرَبِّهِ فَيَلْزَمُ كَوْنُ الْمُبَذِّرِ أَيْضًا كَفُورًا لِرَبِّهِ ، وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : خَرَجَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى وَفْقِ عَادَةِ الْعَرَبِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَجْمَعُونَ الْأَمْوَالَ بِالنَّهْبِ وَالْغَارَةِ ثُمَّ كَانُوا يُنْفِقُونَهَا فِي طَلَبِ الْخُيَلَاءِ وَالتَّفَاخُرِ ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا النَّاسَ عَنِ الْإِسْلَامِ وَتَوْهِينِ أَهْلِهِ وَإِعَانَةِ أَعْدَائِهِ ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ تَنْبِيهًا عَلَى قُبْحِ أَعْمَالِهِمْ فِي هَذَا الْبَابِ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=28وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا ) وَالْمَعْنَى : أَنَّكَ إِنْ أَعْرَضْتَ عَنْ ذِي الْقُرْبَى وَالْمِسْكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ حَيَاءً مِنَ التَّصْرِيحِ بِالرَّدِّ بِسَبَبِ الْفَقْرِ وَالْقِلَّةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=28فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا ) أَيْ : سَهْلًا لَيِّنًا ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=28ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا ) كِنَايَةٌ عَنِ الْفَقْرِ ، لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=18012فَاقِدَ الْمَالِ يَطْلُبُ رَحْمَةَ اللَّهِ وَإِحْسَانَهُ . فَلَمَّا كَانَ فَقْدُ الْمَالِ سَبَبًا لِهَذَا الطَّلَبِ وَلِهَذَا الِابْتِغَاءِ أَطْلَقَ اسْمَ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبِّبِ فَسَمَّى الْفَقْرَ بِابْتِغَاءِ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَالْمَعْنَى : أَنَّ عِنْدَ حُصُولِ الْفَقْرِ وَالْقِلَّةِ لَا تَتْرُكْ تَعَهُّدَهُمْ بِالْقَوْلِ الْجَمِيلِ وَالْكَلَامِ الْحَسَنِ ، بَلْ تَعِدُهُمْ بِالْوَعْدِ الْجَمِيلِ وَتَذْكُرُ لَهُمُ الْعُذْرَ وَهُوَ حُصُولُ الْقِلَّةِ وَعَدَمِ الْمَالِ ، أَوْ تَقُولُ لَهُمْ : اللَّهُ يُسَهِّلُ ، وَفِي تَفْسِيرِ
nindex.php?page=treesubj&link=28910_18009_18011الْقَوْلِ الْمَيْسُورِ وُجُوهٌ :
الْأَوَّلُ : الْقَوْلُ الْمَيْسُورُ هُوَ الرَّدُّ بِالطَّرِيقِ الْأَحْسَنِ .
وَالثَّانِي : الْقَوْلُ الْمَيْسُورُ اللَّيِّنُ السَّهْلُ قَالَ
الْكِسَائِيُّ : يَسَّرْتُ أُيَسِّرُ لَهُ الْقَوْلَ أَيْ : لَيَّنْتُهُ لَهُ .
الثَّالِثُ : قَالَ بَعْضُهُمْ : الْقَوْلُ الْمَيْسُورُ مِثْلُ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=263قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى ) [ الْبَقَرَةِ : 263 ] قَالُوا : وَالْمَيْسُورُ هُوَ الْمَعْرُوفُ ، لِأَنَّ الْقَوْلَ الْمُتَعَارَفَ لَا يُحْوِجُ إِلَى تَكَلُّفٍ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .