( إني ظننت أني ملاق حسابيه ) .
ثم إنه حكى عنه أنه يقول : ( إني ظننت أني ملاق حسابيه ) .
وفيه وجوه :
الأول : المراد منه اليقين الاستدلالي, وكل ما ثبت بالاستدلال فإنه لا ينفك من الخواطر المختلفة ، فكان ذلك شبيها بالظن .
الثاني : التقدير : إني كنت أظن أني ألاقي حسابي فيؤاخذني الله بسيئاتي ، فقد تفضل علي بالعفو ولم يؤاخذني بها فهاؤم اقرءوا كتابيه .
وثالثها : روى أنه عليه السلام قال : أبو هريرة "إن فتظهر حسناته في ظهر كفه, وتكتب سيئاته في بطن كفه فينظر إلى سيئاته فيحزن ، فيقال له : اقلب كفك فينظر فيه فيرى حسناته فيفرح ، ثم يقول : ( الرجل يؤتى به يوم القيامة ويؤتى كتابه هاؤم اقرءوا كتابيه إني ظننت ) عند النظرة الأولى ( أني ملاق حسابيه ) [ ص: 99 ] على سبيل الشدة ، وأما الآن فقد فرج الله عني ذلك الغم ، وأما في حق الأشقياء فيكون ذلك على الضد مما ذكرنا .
ورابعها : ظننت أي : علمت ، وإنما أجري مجرى العلم ; لأن الظن الغالب يقام مقام العلم في العادات والأحكام ، يقال : أظن ظنا كاليقين أن الأمر كيت وكيت .
وخامسها : المراد إني ظننت في الدنيا أن بسبب الأعمال التي كنت أعملها في الدنيا سأصل في القيامة إلى هذه الدرجات, وقد حصلت الآن على اليقين فيكون الظن على ظاهره ؛ لأن أهل الدنيا لا يقطعون بذلك .