المسألة الرابعة : ذكر الشيخ
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي رحمة الله عليه
nindex.php?page=treesubj&link=18718للحسد سبعة أسباب :
السبب الأول :
nindex.php?page=treesubj&link=18723العداوة والبغضاء ، فإن من آذاه إنسان أبغضه قلبه وغضب عليه ، وذلك الغضب يولد الحقد ، والحقد يقتضي التشفي والانتقام ، فإن عجز المبغض عن التشفي بنفسه أحب أن يتشفى منه الزمان ، فمهما أصاب عدوه آفة وبلاء فرح ، ومهما أصابته نعمة ساءته ، وذلك لأنه ضد مراده ، فالحسد من لوازم البغض والعداوة ، ولا يفارقهما ، وأقصى الإمكان في هذا الباب أن لا يظهر تلك العداوة من نفسه ، وأن يكره تلك الحالة من نفسه ، فأما أن يبغض إنسانا ثم تستوي عنده مسرته ومساءته ، فهذا غير ممكن ، وهذا النوع من الحسد هو الذي وصف الله الكفار به ، إذ قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=119وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=120إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها ) [ آل عمران : 119 ، 120 ] وكذا قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=118ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم ) [ آل عمران : 118 ] . واعلم أن الحسد ربما أفضى إلى التنازع والتقاتل .
[ ص: 217 ] السبب الثاني :
nindex.php?page=treesubj&link=18719التعزز ، فإن واحدا من أمثاله إذا نال منصبا عاليا ترفع عليه ، وهو لا يمكنه تحمل ذلك ، فيريد زوال ذلك المنصب عنه ، وليس من غرضه أن يتكبر ، بل غرضه أن يدفع كبره ، فإنه قد يرضى بمساواته ، ولكنه لا يرضى بترفعه عليه .
السبب الثالث :
nindex.php?page=treesubj&link=18724أن يكون في طبيعته أن يستخدم غيره ، فيريد زوال النعمة من ذلك الغير ليقدر على ذلك الغرض ، ومن هذا الباب كان حسد أكثر الكفار للرسول عليه الصلاة والسلام إذ قالوا : كيف يتقدم علينا غلام يتيم ، وكيف نطأطئ له رءوسنا ؟ فقالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=31لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ) [ الزخرف : 31 ] وقال تعالى يصف قول قريش : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=53أهؤلاء من الله عليهم من بيننا ) [ الأنعام : 53 ] كالاستحقار بهم والأنفة منهم .
السبب الرابع :
nindex.php?page=treesubj&link=18720التعجب كما أخبر الله عن الأمم الماضية ، إذ قالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=15ما أنتم إلا بشر مثلنا ) [ يس : 15 ] ، وقالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=47أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون ) [ المؤمنون : 47 ] ، وقالوا متعجبين : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=94أبعث الله بشرا رسولا ) [ الإسراء : 94 ] وقالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=21لولا أنزل علينا الملائكة ) [ الفرقان : 21 ] وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=63أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم ) [ الأعراف : 63 ] .
السبب الخامس :
nindex.php?page=treesubj&link=18721الخوف من فوت المقاصد ، وذلك يختص بالمتزاحمين على مقصود واحد ، فإن كل واحد منهما يحسد صاحبه في كل نعمة تكون عونا له في الانفراد بمقصوده ، ومن هذا الباب تحاسد الضرات في التزاحم على مقاصد الزوجية ، وتحاسد الإخوة في التزاحم على نيل المنزلة في قلوب الأبوين للتوصل إلى مقاصد المال والكرامة ، وكذلك تحاسد الواعظين المتزاحمين على أهل بلدة واحدة ، إذ كان غرضهما نيل المال والقبول عندهم .
السبب السادس :
nindex.php?page=treesubj&link=18722حب الرياسة وطلب الجاه نفسه من غير توسل به إلى مقصوده ، وذلك كالرجل الذي يريد أن يكون عديم النظير في فن من الفنون ، فإنه لو سمع بنظير له في أقصى العالم ساءه ذلك ، وأحب موته وزوال النعمة التي بها يشاركه في المنزلة من شجاعة أو علم أو زهد أو ثروة ، ويفرح بسبب تفرده .
السبب السابع :
nindex.php?page=treesubj&link=18723شح النفس بالخير على عباد الله ، فإنك تجد من لا يشتغل برياسة ولا بكبر ولا بطلب مال ، إذا وصف عنده حسن حال عبد من عباد الله شق عليه ذلك ، وإذا وصف اضطراب أمور الناس وإدبارهم وتنغص عيشهم فرح به ، فهو أبدا يحب الإدبار لغيره ، ويبخل بنعمة الله على عباده ، كأنهم يأخذون ذلك من ملكه وخزانته ، ويقال : البخيل من بخل بمال غيره ، فهذا يبخل بنعمة الله على عباده الذين ليس بينهم وبينه لا عداوة ولا رابطة ، وهذا ليس له سبب ظاهر إلا خبث النفس ، ورذالة جبلته في الطبع ؛ لأن سائر أنواع الحسد يرجى زواله لإزالة سببه ، وهذا خبث في الجبلة لا عن سبب عارض فتعسر إزالته . فهذه هي أسباب الحسد ، وقد يجتمع بعض هذه الأسباب أو أكثرها أو جميعها في شخص واحد ، فيعظم فيه الحسد ، ويقوى قوة لا يقوى صاحبها معها على الإخفاء والمجاملة ، بل يهتك حجاب المجاملة ، ويظهر العداوة بالمكاشفة ، وأكثر المحاسدات تجتمع فيها جملة من هذه الأسباب ، وقلما يتجرد واحد منها .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : ذَكَرَ الشَّيْخُ
nindex.php?page=showalam&ids=14847الْغَزَالِيُّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ
nindex.php?page=treesubj&link=18718لِلْحَسَدِ سَبْعَةَ أَسْبَابٍ :
السَّبَبُ الْأَوَّلُ :
nindex.php?page=treesubj&link=18723الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ ، فَإِنَّ مَنْ آذَاهُ إِنْسَانٌ أَبْغَضَهُ قَلْبُهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ ، وَذَلِكَ الْغَضَبُ يُوَلِّدُ الْحِقْدَ ، وَالْحِقْدُ يَقْتَضِي التَّشَفِّيَ وَالِانْتِقَامَ ، فَإِنْ عَجَزَ الْمُبْغِضُ عَنِ التَّشَفِّي بِنَفْسِهِ أَحَبَّ أَنْ يَتَشَفَّى مِنْهُ الزَّمَانُ ، فَمَهْمَا أَصَابَ عَدُوَّهُ آفَةٌ وَبَلَاءٌ فَرِحَ ، وَمَهْمَا أَصَابَتْهُ نِعْمَةٌ سَاءَتْهُ ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ ضِدُّ مُرَادِهِ ، فَالْحَسَدُ مِنْ لَوَازِمِ الْبُغْضِ وَالْعَدَاوَةِ ، وَلَا يُفَارِقُهُمَا ، وَأَقْصَى الْإِمْكَانِ فِي هَذَا الْبَابِ أَنْ لَا يُظْهِرَ تِلْكَ الْعَدَاوَةَ مِنْ نَفْسِهِ ، وَأَنْ يَكْرَهَ تِلْكَ الْحَالَةَ مِنْ نَفْسِهِ ، فَأَمَّا أَنْ يُبْغِضَ إِنْسَانًا ثُمَّ تَسْتَوِي عِنْدَهُ مَسَرَّتُهُ وَمَسَاءَتُهُ ، فَهَذَا غَيْرُ مُمْكِنٍ ، وَهَذَا النَّوْعُ مِنَ الْحَسَدِ هُوَ الَّذِي وَصَفَ اللَّهُ الْكُفَّارَ بِهِ ، إِذْ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=119وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=120إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا ) [ آلِ عِمْرَانَ : 119 ، 120 ] وَكَذَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=118وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ) [ آلِ عِمْرَانَ : 118 ] . وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَسَدَ رُبَّمَا أَفْضَى إِلَى التَّنَازُعِ وَالتَّقَاتُلِ .
[ ص: 217 ] السَّبَبُ الثَّانِي :
nindex.php?page=treesubj&link=18719التَّعَزُّزُ ، فَإِنَّ وَاحِدًا مِنْ أَمْثَالِهِ إِذَا نَالَ مَنْصِبًا عَالِيًا تَرَفَّعُ عَلَيْهِ ، وَهُوَ لَا يُمْكِنُهُ تَحَمُّلُ ذَلِكَ ، فَيُرِيدُ زَوَالَ ذَلِكَ الْمَنْصِبِ عَنْهُ ، وَلَيْسَ مِنْ غَرَضِهِ أَنْ يَتَكَبَّرَ ، بَلْ غَرَضُهُ أَنْ يَدْفَعَ كِبْرَهُ ، فَإِنَّهُ قَدْ يَرْضَى بِمُسَاوَاتِهِ ، وَلَكِنَّهُ لَا يَرْضَى بِتَرَفُّعِهِ عَلَيْهِ .
السَّبَبُ الثَّالِثُ :
nindex.php?page=treesubj&link=18724أَنْ يَكُونَ فِي طَبِيعَتِهِ أَنْ يَسْتَخْدِمَ غَيْرَهُ ، فَيُرِيدُ زَوَالَ النِّعْمَةِ مِنْ ذَلِكَ الْغَيْرِ لِيَقْدِرَ عَلَى ذَلِكَ الْغَرَضِ ، وَمِنْ هَذَا الْبَابِ كَانَ حَسَدُ أَكْثَرِ الْكُفَّارِ لِلرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِذْ قَالُوا : كَيْفَ يَتَقَدَّمُ عَلَيْنَا غُلَامٌ يَتِيمٌ ، وَكَيْفَ نُطَأْطِئُ لَهُ رُءُوسَنَا ؟ فَقَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=31لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ) [ الزُّخْرُفِ : 31 ] وَقَالَ تَعَالَى يَصِفُ قَوْلَ قُرَيْشٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=53أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا ) [ الْأَنْعَامِ : 53 ] كَالِاسْتِحْقَارِ بِهِمْ وَالْأَنَفَةِ مِنْهُمْ .
السَّبَبُ الرَّابِعُ :
nindex.php?page=treesubj&link=18720التَّعَجُّبُ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ عَنِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ ، إِذْ قَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=15مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا ) [ يس : 15 ] ، وَقَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=47أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ ) [ الْمُؤْمِنُونَ : 47 ] ، وَقَالُوا مُتَعَجِّبِينَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=94أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا ) [ الْإِسْرَاءِ : 94 ] وَقَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=21لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ ) [ الْفُرْقَانِ : 21 ] وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=63أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ ) [ الْأَعْرَافِ : 63 ] .
السَّبَبُ الْخَامِسُ :
nindex.php?page=treesubj&link=18721الْخَوْفُ مِنْ فَوْتِ الْمَقَاصِدِ ، وَذَلِكَ يَخْتَصُّ بِالْمُتَزَاحِمِينَ عَلَى مَقْصُودٍ وَاحِدٍ ، فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَحْسُدُ صَاحِبَهُ فِي كُلِّ نِعْمَةٍ تَكُونُ عَوْنًا لَهُ فِي الِانْفِرَادِ بِمَقْصُودِهِ ، وَمِنْ هَذَا الْبَابِ تَحَاسُدُ الضَّرَّاتِ فِي التَّزَاحُمِ عَلَى مَقَاصِدِ الزَّوْجِيَّةِ ، وَتَحَاسُدُ الْإِخْوَةِ فِي التَّزَاحُمِ عَلَى نَيْلِ الْمَنْزِلَةِ فِي قُلُوبِ الْأَبَوَيْنِ لِلتَّوَصُّلِ إِلَى مَقَاصِدِ الْمَالِ وَالْكَرَامَةِ ، وَكَذَلِكَ تَحَاسُدُ الْوَاعِظِينَ الْمُتَزَاحِمِينَ عَلَى أَهْلِ بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ ، إِذْ كَانَ غَرَضُهُمَا نَيْلَ الْمَالِ وَالْقَبُولِ عِنْدَهُمْ .
السَّبَبُ السَّادِسُ :
nindex.php?page=treesubj&link=18722حُبُّ الرِّيَاسَةِ وَطَلَبُ الْجَاهِ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ تَوَسُّلٍ بِهِ إِلَى مَقْصُودِهِ ، وَذَلِكَ كَالرَّجُلِ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَكُونَ عَدِيمَ النَّظِيرِ فِي فَنٍّ مِنَ الْفُنُونِ ، فَإِنَّهُ لَوْ سَمِعَ بِنَظِيرٍ لَهُ فِي أَقْصَى الْعَالَمِ سَاءَهُ ذَلِكَ ، وَأَحَبَّ مَوْتَهُ وَزَوَالَ النِّعْمَةِ الَّتِي بِهَا يُشَارِكُهُ فِي الْمَنْزِلَةِ مِنْ شَجَاعَةٍ أَوْ عِلْمٍ أَوْ زُهْدٍ أَوْ ثَرْوَةٍ ، وَيَفْرَحُ بِسَبَبِ تَفَرُّدِهِ .
السَّبَبُ السَّابِعُ :
nindex.php?page=treesubj&link=18723شُحُّ النَّفْسِ بِالْخَيْرِ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ ، فَإِنَّكَ تَجِدُ مَنْ لَا يَشْتَغِلُ بِرِيَاسَةٍ وَلَا بِكِبْرٍ وَلَا بِطَلَبِ مَالٍ ، إِذَا وُصِفَ عِنْدَهُ حُسْنُ حَالِ عَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ شَقَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ ، وَإِذَا وُصِفَ اضْطِرَابُ أُمُورِ النَّاسِ وَإِدْبَارُهُمْ وَتَنَغُّصُ عَيْشِهِمْ فَرِحَ بِهِ ، فَهُوَ أَبَدًا يُحِبُّ الْإِدْبَارَ لِغَيْرِهِ ، وَيَبْخَلُ بِنِعْمَةِ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ ، كَأَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ ذَلِكَ مِنْ مِلْكِهِ وَخِزَانَتِهِ ، وَيُقَالُ : الْبَخِيلُ مَنْ بَخِلَ بِمَالِ غَيْرِهِ ، فَهَذَا يَبْخَلُ بِنِعْمَةِ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ لَيْسَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ لَا عَدَاوَةٌ وَلَا رَابِطَةٌ ، وَهَذَا لَيْسَ لَهُ سَبَبٌ ظَاهِرٌ إِلَّا خُبْثُ النَّفْسِ ، وَرَذَالَةُ جِبِلَّتِهِ فِي الطَّبْعِ ؛ لِأَنَّ سَائِرَ أَنْوَاعِ الْحَسَدِ يُرْجَى زَوَالُهُ لِإِزَالَةِ سَبَبِهِ ، وَهَذَا خُبْثٌ فِي الْجِبِلَّةِ لَا عَنْ سَبَبٍ عَارِضٍ فَتَعْسُرُ إِزَالَتُهُ . فَهَذِهِ هِيَ أَسْبَابُ الْحَسَدِ ، وَقَدْ يَجْتَمِعُ بَعْضُ هَذِهِ الْأَسْبَابِ أَوْ أَكْثَرُهَا أَوْ جَمِيعُهَا فِي شَخْصٍ وَاحِدٍ ، فَيَعْظُمُ فِيهِ الْحَسَدُ ، وَيَقْوَى قُوَّةً لَا يَقْوَى صَاحِبُهَا مَعَهَا عَلَى الْإِخْفَاءِ وَالْمُجَامَلَةِ ، بَلْ يَهْتِكُ حِجَابَ الْمُجَامَلَةِ ، وَيُظْهِرُ الْعَدَاوَةَ بِالْمُكَاشَفَةِ ، وَأَكْثَرُ الْمُحَاسَدَاتِ تَجْتَمِعُ فِيهَا جُمْلَةٌ مِنْ هَذِهِ الْأَسْبَابِ ، وَقَلَّمَا يَتَجَرَّدُ وَاحِدٌ مِنْهَا .