أما
nindex.php?page=treesubj&link=28929_28923_28938_28934قوله تعالى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=168ولا تتبعوا خطوات الشيطان ) ففيه مسائل :
المسألة الأولى : قرأ
ابن عامر والكسائي ، وهي إحدى الروايتين عن
ابن كثير وحفص عن
عاصم ( خطوات ) بضم الخاء والطاء ، والباقون بسكون الطاء ، أما من ضم العين فلأن الواحدة خطوة فإذا جمعت حركت العين للجمع ، كما فعل بالأسماء التي على هذا الوزن نحو غرفة وغرفات ، وتحريك العين للجمع كما فعل في نحو هذا الجمع للفصل بين الاسم والصفة ، وذلك أن ما كان اسما جمعته بتحريك العين نحو تمرة وتمرات وغرفة وغرفات وشهوة وشهوات ، وما كان نعتا جمع بسكون العين نحو ضخمة وضخمات وعبلة وعبلات ، والخطوة من الأسماء لا من الصفات فيجمع بتحريك العين ، وأما من خفف العين فبقاه على الأصل وطلب الخفة .
المسألة الثانية : قال
nindex.php?page=showalam&ids=12758ابن السكيت فيما رواه عنه
الجبائي الخطوة والخطوة بمعنى واحد ، وحكي عن
الفراء : خطوت خطوة والخطوة ما بين القدمين كما يقال : حثوت حثوة ، والحثوة اسم لما تحثيت ، وكذلك غرفت غرفة والغرفة اسم لما اغترفت ، وإذا كان كذلك فالخطوة المكان المتخطى كما أن الغرفة هي الشيء المغترف بالكف فيكون المعنى : لا تتبعوا سبيله ولا تسلكوا طريقه ؛ لأن الخطوة اسم مكان ، وهذا قول
الزجاج nindex.php?page=showalam&ids=13436وابن قتيبة فإنهما قالا : خطوات الشيطان طرقه ، وإن جعلت الخطوة بمعنى الخطوة كما ذكره
الجبائي فالتقدير : لا تأتموا به ولا تقفوا أثره ، والمعنيان مقاربان وإن اختلف التقديران . هذا ما يتعلق باللغة ، وأما المعنى فليس مراد الله ههنا ما يتعلق باللغة بل كأنه قيل لمن أبيح له الأكل على الوصف المذكور احذر أن تتعداه إلى ما يدعوك إليه الشيطان ، وزجر المكلف بهذا الكلام عن تخطي الحلال إلى الشبه كما زجره عن تخطيه إلى الحرام ؛ لأن الشيطان إنما يلقي إلى المرء ما يجري مجرى الشبهة فيزين بذلك ما لا يحل له ، فزجر الله تعالى عن ذلك ، ثم بين العلة في هذا التحذير ، وهو كونه عدوا مبينا أي متظاهر بالعداوة . وذلك لأن
nindex.php?page=treesubj&link=28798الشيطان التزم أمورا سبعة في العداوة ؛ أربعة منها في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=119ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ) [ النساء : 119 ] وثلاثة منها في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=16لأقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين ) [ الأعراف : 16 ، 17 ] فلما التزم الشيطان هذه الأمور كان عدوا متظاهرا بالعداوة ، فلهذا وصفه الله تعالى بذلك .
أَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=28929_28923_28938_28934قَوْلُهُ تَعَالَى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=168وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ) فَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَرَأَ
ابْنُ عَامِرٍ وَالْكِسَائِيُّ ، وَهِيَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنِ
ابْنِ كَثِيرٍ وَحَفْصٍ عَنْ
عَاصِمٍ ( خُطُوَاتِ ) بِضَمِّ الْخَاءِ وَالطَّاءِ ، وَالْبَاقُونَ بِسُكُونِ الطَّاءِ ، أَمَّا مَنْ ضَمَّ الْعَيْنَ فَلِأَنَّ الْوَاحِدَةَ خُطْوَةٌ فَإِذَا جَمَعْتَ حَرَّكْتَ الْعَيْنَ لِلْجَمْعِ ، كَمَا فُعِلَ بِالْأَسْمَاءِ الَّتِي عَلَى هَذَا الْوَزْنِ نَحْوَ غُرْفَةٍ وَغُرُفَاتٍ ، وَتَحْرِيكُ الْعَيْنِ لِلْجَمْعِ كَمَا فُعِلَ فِي نَحْوِ هَذَا الْجَمْعِ لِلْفَصْلِ بَيْنَ الِاسْمِ وَالصِّفَةِ ، وَذَلِكَ أَنَّ مَا كَانَ اسْمًا جَمَعْتَهُ بِتَحْرِيكِ الْعَيْنِ نَحْوَ تَمْرَةٍ وَتَمَرَاتٍ وَغُرْفَةٍ وَغُرُفَاتٍ وَشَهْوَةٍ وَشَهَوَاتٍ ، وَمَا كَانَ نَعْتًا جُمِعَ بِسُكُونِ الْعَيْنِ نَحْوَ ضَخْمَةٍ وَضَخْمَاتٍ وَعَبْلَةٍ وَعَبْلَاتٍ ، وَالْخُطْوَةُ مِنَ الْأَسْمَاءِ لَا مِنَ الصِّفَاتِ فَيُجْمَعُ بِتَحْرِيكِ الْعَيْنِ ، وَأَمَّا مَنْ خَفَّفَ الْعَيْنَ فَبَقَّاهُ عَلَى الْأَصْلِ وَطَلَبَ الْخِفَّةَ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12758ابْنُ السِّكِّيتِ فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ
الْجُبَّائِيُّ الْخَطْوَةُ وَالْخُطْوَةُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ ، وَحُكِيَ عَنِ
الْفَرَّاءِ : خَطَوْتُ خَطْوَةً وَالْخُطْوَةُ مَا بَيْنَ الْقَدَمَيْنِ كَمَا يُقَالُ : حَثَوْتُ حَثْوَةً ، وَالْحُثْوَةُ اسْمٌ لِمَا تَحَثَّيْتَ ، وَكَذَلِكَ غَرَفْتُ غَرْفَةً وَالْغُرْفَةُ اسْمٌ لِمَا اغْتَرَفْتَ ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالْخُطْوَةُ الْمَكَانُ الْمُتَخَطَّى كَمَا أَنَّ الْغُرْفَةَ هِيَ الشَّيْءُ الْمُغْتَرَفُ بِالْكَفِّ فَيَكُونُ الْمَعْنَى : لَا تَتَّبِعُوا سَبِيلَهُ وَلَا تَسْلُكُوا طَرِيقَهُ ؛ لِأَنَّ الْخُطْوَةَ اسْمُ مَكَانٍ ، وَهَذَا قَوْلُ
الزَّجَّاجِ nindex.php?page=showalam&ids=13436وَابْنِ قُتَيْبَةَ فَإِنَّهُمَا قَالَا : خُطُوَاتُ الشَّيْطَانِ طُرُقُهُ ، وَإِنْ جَعَلْتَ الْخَطْوَةَ بِمَعْنَى الْخُطْوَةِ كَمَا ذَكَرَهُ
الْجُبَّائِيُّ فَالتَّقْدِيرُ : لَا تَأْتَمُّوا بِهِ وَلَا تَقْفُوا أَثَرَهُ ، وَالْمَعْنَيَانِ مُقَارِبَانِ وَإِنِ اخْتَلَفَ التَّقْدِيرَانِ . هَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِاللُّغَةِ ، وَأَمَّا الْمَعْنَى فَلَيْسَ مُرَادُ اللَّهِ هَهُنَا مَا يَتَعَلَّقُ بِاللُّغَةِ بَلْ كَأَنَّهُ قِيلَ لِمَنْ أُبِيحَ لَهُ الْأَكْلُ عَلَى الْوَصْفِ الْمَذْكُورِ احْذَرْ أَنْ تَتَعَدَّاهُ إِلَى مَا يَدْعُوكَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ ، وَزَجْرُ الْمُكَلَّفِ بِهَذَا الْكَلَامِ عَنْ تَخَطِّي الْحَلَالِ إِلَى الشُّبَهِ كَمَا زَجَرَهُ عَنْ تَخَطِّيهِ إِلَى الْحَرَامِ ؛ لِأَنَّ الشَّيْطَانَ إِنَّمَا يُلْقِي إِلَى الْمَرْءِ مَا يَجْرِي مَجْرَى الشُّبْهَةِ فَيُزَيِّنُ بِذَلِكَ مَا لَا يَحِلُّ لَهُ ، فَزَجَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ ، ثُمَّ بَيَّنَ الْعِلَّةَ فِي هَذَا التَّحْذِيرِ ، وَهُوَ كَوْنُهُ عَدُوًّا مُبِينًا أَيْ مُتَظَاهِرٌ بِالْعَدَاوَةِ . وَذَلِكَ لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28798الشَّيْطَانَ الْتَزَمَ أُمُورًا سَبْعَةً فِي الْعَدَاوَةِ ؛ أَرْبَعَةٌ مِنْهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=119وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ) [ النِّسَاءِ : 119 ] وَثَلَاثَةٌ مِنْهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=16لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ) [ الْأَعْرَافِ : 16 ، 17 ] فَلَمَّا الْتَزَمَ الشَّيْطَانُ هَذِهِ الْأُمُورَ كَانَ عَدُوًّا مُتَظَاهِرًا بِالْعَدَاوَةِ ، فَلِهَذَا وَصَفَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ .