المسألة الثالثة :
nindex.php?page=treesubj&link=2497أصل السفر من الكشف وذلك أنه يكشف عن أحوال الرجال وأخلاقهم ، والمسفرة المكنسة ؛ لأنها تسفر التراب عن الأرض ، والسفير الداخل بين اثنين للصلح ؛ لأنه يكشف المكروه الذي اتصل بهما ، والمسفر المضيء ؛ لأنه قد انكشف وظهر ، ومنه أسفر الصبح ، والسفر الكتاب ؛ لأنه يكشف عن المعاني ببيانه ، وأسفرت المرأة عن وجهها إذا كشفت النقاب ، قال
الأزهري : وسمي المسافر مسافرا لكشف قناع الكن عن وجهه وبروزه للأرض الفضاء ، وسمي السفر سفرا ؛ لأنه يسفر عن وجوه المسافرين وأخلاقهم ، ويظهر ما كان خافيا منهم ، واختلف الفقهاء في
nindex.php?page=treesubj&link=2498قدر السفر المبيح للرخص ، فقال
داود : الرخص حاصلة في كل سفر ولو كان السفر فرسخا ، وتمسك فيه بأن الحكم لما كان معلقا على كونه مسافرا ، فحيث تحقق هذا المعنى حصل هذا الحكم ، أقصى ما في الباب أنه يروى خبر واحد في تخصيص هذا العموم ، لكن
nindex.php?page=treesubj&link=21257تخصيص عموم القرآن بخبر الواحد غير جائز ، وقال
الأوزاعي : السفر المبيح مسافة يوم ؛ وذلك لأن أقل من هذا القدر قد يتفق للمقيم ، وأما الأكثر فليس عدد أولى من عدد ، فوجب الاقتصار على الواحد ، ومذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أنه مقدر بستة عشر فرسخا ، ولا يحسب منه مسافة الإياب ، كل فرسخ ثلاثة أميال بأميال
هاشم جد الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهو الذي قدر أميال البادية ، كل ميل اثنا عشر ألف قدم وهي أربعة آلاف خطوة ، فإن كل ثلاث أقدام خطوة ، وهذا مذهب
مالك وأحمد وإسحاق ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري : رخص السفر لا تحصل إلا في ثلاث مراحل أربعة وعشرين فرسخا ، حجة
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وجهان :
الأول : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ) مقتضاه أن يترخص المسافر مطلقا ترك العمل به فيما إذا كان السفر مرحلة واحدة ؛ لأن تعب اليوم الواحد يسهل تحمله ، أما إذا تكرر التعب في اليومين فإنه يشق تحمله فيناسب الرخصة تحصيلا لهذا التخفيف .
الحجة الثانية : من الخبر وهو ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011751يا أهل مكة لا تقصروا في أدنى من أربعة برد من مكة إلى عسفان ، قال أهل اللغة : وكل بريد أربعة فراسخ فيكون مجموعه ستة عشر فرسخا ، وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أيضا أن
عطاء قال
nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس : أقصر إلى
عرفة ؟ فقال : لا . فقال : إلى
مر الظهران ؟ فقال : لا . ولكن اقصر إلى
جدة وعسفان والطائف ، قال
مالك : بين
مكة وجدة وعسفان أربعة برد ، وحجة
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة أيضا من وجهين :
الأول : أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) [ البقرة : 185 ] يقتضي وجوب الصوم عدلنا عنه في ثلاثة أيام بسبب الإجماع على أن هذا القدر مرخص ، والأقل منه مختلف فيه ، فوجب أن يبقى وجوب الصوم .
الحجة الثانية : من الخبر وهو قوله عليه السلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011752يمسح المقيم يوما وليلة والمسافر ثلاثة أيام ولياليهن " دل الخبر على أن لكل مسافر أن يمسح ثلاثة أيام ، ولا يكون كذلك حتى تتقدر مدة السفر ثلاثة أيام ؛ لأنه عليه الصلاة والسلام جعل السفر علة
nindex.php?page=treesubj&link=17809المسح على الخفين ثلاثة أيام ولياليهن وجعل هذا المسح معلولا والمعلول لا يزيد على العلة .
والجواب عن الأول : أنه معارض بما ذكرناه من الآية فإن رجحوا جانبهم بأن الاحتياط في العبادات
[ ص: 65 ] أولى ، رجحنا جانبنا بأن
nindex.php?page=treesubj&link=17801_17800التخفيف في رخص السفر مطلوب الشرع ، بدليل قوله عليه السلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011753هذه صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا منه صدقته " والترجيح لهذا الجانب ؛ لأن الدليل الدال على أن رخص السفر مطلوبة للشرع أخص من الدليل الدال على وجوب رعاية الاحتياط .
والجواب عن الثاني : أنه عليه السلام قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011754يمسح المقيم يوما وليلة " ، وهذا لا يدل على أنه لا تحصل الإقامة في أقل من يوم وليلة ، لأنه لو نوى الإقامة في موضع الإقامة ساعة صار مقيما ، فكذا قوله : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011755والمسافر ثلاثة أيام " لا يوجب أن لا يحصل السفر في أقل من ثلاثة أيام .
المسألة الرابعة : لقائل أن يقول : رعاية اللفظ تقتضي أن يقال فمن كان منكم مريضا أو مسافرا ، ولم يقل هكذا ، بل قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184فمن كان منكم مريضا أو على سفر ) .
وجوابه : إن الفرق هو أن المرض صفة قائمة بالذات : فإن حصلت حصلت وإلا فلا ، وأما السفر فليس كذلك ؛ لأن الإنسان إذا نزل في منزل فإن عدم الإقامة كان سكونه هناك إقامة لا سفرا ، وإن عدم السفر كان هو في ذلك السكون مسافرا ؛ فإذن كونه مسافرا أمر يتعلق بقصده واختياره ، فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184على سفر ) ، معناه كونه على قصد السفر ، والله أعلم بمراده .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=2497أَصْلُ السَّفَرِ مِنَ الْكَشْفِ وَذَلِكَ أَنَّهُ يَكْشِفُ عَنْ أَحْوَالِ الرِّجَالِ وَأَخْلَاقِهِمْ ، وَالْمِسْفَرَةُ الْمِكْنَسَةُ ؛ لِأَنَّهَا تُسْفِرُ التُّرَابَ عَنِ الْأَرْضِ ، وَالسَّفِيرُ الدَّاخِلُ بَيْنَ اثْنَيْنِ لِلصُّلْحِ ؛ لِأَنَّهُ يَكْشِفُ الْمَكْرُوهَ الَّذِي اتَّصَلَ بِهِمَا ، وَالْمُسْفِرُ الْمُضِيءُ ؛ لِأَنَّهُ قَدِ انْكَشَفَ وَظَهَرَ ، وَمِنْهُ أَسْفَرَ الصُّبْحُ ، وَالسِّفْرُ الْكِتَابُ ؛ لِأَنَّهُ يَكْشِفُ عَنِ الْمَعَانِي بِبَيَانِهِ ، وَأَسْفَرَتِ الْمَرْأَةُ عَنْ وَجْهِهَا إِذَا كَشَفَتِ النِّقَابَ ، قَالَ
الْأَزْهَرِيُّ : وَسُمِّيَ الْمُسَافِرُ مُسَافِرًا لِكَشْفِ قِنَاعِ الْكِنِّ عَنْ وَجْهِهِ وَبُرُوزِهِ لِلْأَرْضِ الْفَضَاءِ ، وَسُمِّيَ السَّفَرُ سَفَرًا ؛ لِأَنَّهُ يُسْفِرُ عَنْ وُجُوهِ الْمُسَافِرِينَ وَأَخْلَاقِهِمْ ، وَيُظْهِرُ مَا كَانَ خَافِيًا مِنْهُمْ ، وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=2498قَدْرِ السَّفَرِ الْمُبِيحِ لِلرُّخَصِ ، فَقَالَ
دَاوُدُ : الرُّخَصُ حَاصِلَةٌ فِي كُلِّ سَفَرٍ وَلَوْ كَانَ السَّفَرُ فَرْسَخًا ، وَتَمَسَّكَ فِيهِ بِأَنَّ الْحُكْمَ لَمَّا كَانَ مُعَلَّقًا عَلَى كَوْنِهِ مُسَافِرًا ، فَحَيْثُ تَحَقَّقَ هَذَا الْمَعْنَى حَصَلَ هَذَا الْحُكْمُ ، أَقْصَى مَا فِي الْبَابِ أَنَّهُ يُرْوَى خَبَرٌ وَاحِدٌ فِي تَخْصِيصِ هَذَا الْعُمُومِ ، لَكِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=21257تَخْصِيصَ عُمُومِ الْقُرْآنِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ غَيْرُ جَائِزٍ ، وَقَالَ
الْأَوْزَاعِيُّ : السَّفَرُ الْمُبِيحُ مَسَافَةُ يَوْمٍ ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ أَقَلَّ مِنْ هَذَا الْقَدْرِ قَدْ يَتَّفِقُ لِلْمُقِيمِ ، وَأَمَّا الْأَكْثَرُ فَلَيْسَ عَدَدٌ أَوْلَى مِنْ عَدَدٍ ، فَوَجَبَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْوَاحِدِ ، وَمَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِسِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا ، وَلَا يُحْسَبُ مِنْهُ مَسَافَةُ الْإِيَابِ ، كُلُّ فَرْسَخٍ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ بِأَمْيَالِ
هَاشِمٍ جَدِّ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ الَّذِي قَدَّرَ أَمْيَالَ الْبَادِيَةِ ، كُلُّ مِيلٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ قَدَمٍ وَهِيَ أَرْبَعَةُ آلَافِ خُطْوَةٍ ، فَإِنَّ كُلَّ ثَلَاثِ أَقْدَامٍ خَطْوَةٌ ، وَهَذَا مَذْهَبُ
مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=16004وَالثَّوْرِيُّ : رُخَصُ السَّفَرِ لَا تَحْصُلُ إِلَّا فِي ثَلَاثِ مَرَاحِلَ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا ، حُجَّةُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ وَجْهَانِ :
الْأَوَّلُ : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) مُقْتَضَاهُ أَنْ يَتَرَخَّصَ الْمُسَافِرُ مُطْلَقًا تَرَكَ الْعَمَلَ بِهِ فِيمَا إِذَا كَانَ السَّفَرُ مَرْحَلَةً وَاحِدَةً ؛ لِأَنَّ تَعَبَ الْيَوْمِ الْوَاحِدِ يَسْهُلُ تَحَمُّلُهُ ، أَمَّا إِذَا تَكَرَّرَ التَّعَبُ فِي الْيَوْمَيْنِ فَإِنَّهُ يَشُقُّ تَحَمُّلُهُ فَيُنَاسِبُ الرُّخْصَةَ تَحْصِيلًا لِهَذَا التَّخْفِيفِ .
الْحُجَّةُ الثَّانِيَةُ : مِنَ الْخَبَرِ وَهُوَ مَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011751يَا أَهْلَ مَكَّةَ لَا تَقْصُرُوا فِي أَدْنَى مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ مِنْ مَكَّةَ إِلَى عُسْفَانَ ، قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : وَكُلُّ بَرِيدٍ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ فَيَكُونُ مَجْمُوعُهُ سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا ، وَرُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ أَيْضًا أَنَّ
عَطَاءً قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11لِابْنِ عَبَّاسٍ : أَقْصُرُ إِلَى
عَرَفَةَ ؟ فَقَالَ : لَا . فَقَالَ : إِلَى
مَرِّ الظَّهْرَانِ ؟ فَقَالَ : لَا . وَلَكِنِ اقْصُرْ إِلَى
جُدَّةَ وَعُسْفَانَ وَالطَّائِفِ ، قَالَ
مَالِكٌ : بَيْنَ
مَكَّةَ وَجُدَّةَ وَعُسْفَانَ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ ، وَحُجَّةُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا مِنْ وَجْهَيْنِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) [ الْبَقَرَةِ : 185 ] يَقْتَضِي وُجُوبَ الصَّوْمِ عَدَلْنَا عَنْهُ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِسَبَبِ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ مُرَخِّصٌ ، وَالْأَقَلُّ مِنْهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ ، فَوَجَبَ أَنْ يَبْقَى وُجُوبُ الصَّوْمِ .
الْحُجَّةُ الثَّانِيَةُ : مِنَ الْخَبَرِ وَهُوَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011752يَمْسَحُ الْمُقِيمُ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَالْمُسَافِرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ " دَلَّ الْخَبَرُ عَلَى أَنَّ لِكُلِّ مُسَافِرٍ أَنْ يَمْسَحَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، وَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ حَتَّى تَتَقَدَّرَ مُدَّةُ السَّفَرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ جَعَلَ السَّفَرَ عِلَّةَ
nindex.php?page=treesubj&link=17809الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ وَجَعَلَ هَذَا الْمَسْحَ مَعْلُولًا وَالْمَعْلُولُ لَا يَزِيدُ عَلَى الْعِلَّةِ .
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ : أَنَّهُ مُعَارَضٌ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْآيَةِ فَإِنْ رَجَّحُوا جَانِبَهُمْ بِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ فِي الْعِبَادَاتِ
[ ص: 65 ] أَوْلَى ، رَجَّحْنَا جَانِبَنَا بِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=17801_17800التَّخْفِيفَ فِي رُخَصِ السَّفَرِ مَطْلُوبُ الشَّرْعِ ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011753هَذِهِ صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا مِنْهُ صَدَقَتَهُ " وَالتَّرْجِيحُ لِهَذَا الْجَانِبِ ؛ لِأَنَّ الدَّلِيلَ الدَّالَّ عَلَى أَنَّ رُخَصَ السَّفَرِ مَطْلُوبَةٌ لِلشَّرْعِ أَخَصُّ مِنَ الدَّلِيلِ الدَّالِّ عَلَى وُجُوبِ رِعَايَةِ الِاحْتِيَاطِ .
وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي : أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011754يَمْسَحُ الْمُقِيمُ يَوْمًا وَلَيْلَةً " ، وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا تَحْصُلُ الْإِقَامَةُ فِي أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، لِأَنَّهُ لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ فِي مَوْضِعِ الْإِقَامَةِ سَاعَةً صَارَ مُقِيمًا ، فَكَذَا قَوْلُهُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011755وَالْمُسَافِرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ " لَا يُوجِبُ أَنْ لَا يَحْصُلَ السَّفَرُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ : رِعَايَةُ اللَّفْظِ تَقْتَضِي أَنْ يُقَالَ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ مُسَافِرًا ، وَلَمْ يَقُلْ هَكَذَا ، بَلْ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ ) .
وَجَوَابُهُ : إِنَّ الْفَرْقَ هُوَ أَنَّ الْمَرَضَ صِفَةٌ قَائِمَةٌ بِالذَّاتِ : فَإِنْ حَصَلَتْ حَصَلَتْ وَإِلَّا فَلَا ، وَأَمَّا السَّفَرُ فَلَيْسَ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا نَزَلَ فِي مَنْزِلٍ فَإِنْ عَدِمَ الْإِقَامَةَ كَانَ سُكُونُهُ هُنَاكَ إِقَامَةً لَا سَفَرًا ، وَإِنْ عَدِمَ السَّفَرَ كَانَ هُوَ فِي ذَلِكَ السُّكُونِ مُسَافِرًا ؛ فَإِذَنْ كَوْنُهُ مُسَافِرًا أَمْرٌ يَتَعَلَّقُ بِقَصْدِهِ وَاخْتِيَارِهِ ، فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184عَلَى سَفَرٍ ) ، مَعْنَاهُ كَوْنُهُ عَلَى قَصْدِ السَّفَرِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ .