المسألة الثامنة :
قول
امرئ القيس :
فلو أن ما أسعى لأدنى معيشة كفاني ولم أطلب قليلا من المال ولكنما أسعى لمجد مؤثل
وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي
فقوله : كفاني ولم أطلب ، ليسا متوجهين إلى شيء واحد : لأن قوله كفاني موجه إلى قليل من المال ، وقوله ولم أطلب ، غير موجه إلى قليل من المال ، وإلا لصار التقدير فلو أن ما أسعى لأدنى معيشة لم أطلب قليلا من المال ،
nindex.php?page=treesubj&link=34080وكلمة لو تفيد انتفاء الشيء لانتفاء غيره ، فيلزم حينئذ أنه ما سعى لأدنى معيشة ، ومع ذلك فقد طلب قليلا من المال ، وهذا متناقض ، فثبت أن المعنى : ولو أن ما أسعى لأدنى معيشة كفاني قليل من المال ولم أطلب الملك ، وعلى هذا التقدير فالفعلان غير موجهين إلى شيء واحد . ولنكتف بهذا القدر من علم العربية قبل الخوض في التفسير .
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ :
قَوْلُ
امْرِئِ الْقَيْسِ :
فَلَوْ أَنَّ مَا أَسْعَى لِأَدْنَى مَعِيشَةٍ كَفَانِي وَلَمْ أَطْلُبْ قَلِيلًا مِنَ الْمَالِ وَلَكِنَّمَا أَسْعَى لِمَجْدٍ مُؤَثَّلٍ
وَقَدْ يُدْرِكُ الْمَجْدَ الْمُؤَثَّلَ أَمْثَالِي
فَقَوْلُهُ : كَفَانِي وَلَمْ أَطْلُبْ ، لَيْسَا مُتَوَجِّهَيْنِ إِلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ : لِأَنَّ قَوْلَهُ كَفَانِي مُوَجَّهٌ إِلَى قَلِيلٍ مِنَ الْمَالِ ، وَقَوْلُهُ وَلَمْ أَطْلُبْ ، غَيْرُ مُوَجَّهٍ إِلَى قَلِيلٍ مِنَ الْمَالِ ، وَإِلَّا لَصَارَ التَّقْدِيرُ فَلَوْ أَنَّ مَا أَسْعَى لِأَدْنَى مَعِيشَةٍ لَمْ أَطْلُبْ قَلِيلًا مِنَ الْمَالِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=34080وَكَلِمَةُ لَوْ تُفِيدُ انْتِفَاءَ الشَّيْءِ لِانْتِفَاءِ غَيْرِهِ ، فَيَلْزَمُ حِينَئِذٍ أَنَّهُ مَا سَعَى لِأَدْنَى مَعِيشَةٍ ، وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ طَلَبَ قَلِيلًا مِنَ الْمَالِ ، وَهَذَا مُتَنَاقِضٌ ، فَثَبَتَ أَنَّ الْمَعْنَى : وَلَوْ أَنَّ مَا أَسْعَى لِأَدْنَى مَعِيشَةٍ كَفَانِي قَلِيلٌ مِنَ الْمَالِ وَلَمْ أَطْلُبِ الْمُلْكَ ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَالْفِعْلَانِ غَيْرُ مُوَجَّهَيْنِ إِلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ . وَلْنَكْتَفِ بِهَذَا الْقَدْرِ مِنْ عِلْمِ الْعَرَبِيَّةِ قَبْلَ الْخَوْضِ فِي التَّفْسِيرِ .