المسألة السابعة : قوله : ( فاذكروا الله عند المشعر الحرام ) يدل أن الحصول عند المشعر الحرام واجب ويكفي فيه المرور به كما في عرفة ، فأما الوقوف هناك فمسنون ، وروي عن علقمة أنهما قالا : والنخعي بالمزدلفة ركن بمنزلة الوقوف الوقوف بعرفة ، وحجتهما قوله تعالى : ( فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام ) وذلك لأن الوقوف بعرفة لا ذكر له صريحا في الكتاب ، وإنما وجب بإشارة الآية أو بالسنة ، والمشعر الحرام فيه أمر جزم ، وقال جمهور الفقهاء : إنه ليس بركن ، واحتجوا بقوله عليه السلام : [ ص: 152 ] عرفة ، فمن وقف بعرفة فقد تم حجه وبقوله : الحج عرفة فقد أدرك الحج ، ومن فاته عرفة فقد فاته الحج قالوا : وفي الآية إشارة إلى ما قلنا ؛ لأن الله تعالى قال : ( من أدرك فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام ) أمر بالذكر لا بالوقوف ، فعلم أن الوقوف عند المشعر الحرام تبع للذكر ، وليس بأصل ، وأما الوقوف بعرفة فهو أصل ؛ لأنه قال : ( فإذا أفضتم من عرفات ) ولم يقل من الذكر بعرفات .
المسألة الثامنة : ( المشعر ) المعلم ؛ وأصله من قولك : شعرت بالشيء إذا علمته ، وليت شعري ما فعل فلان ، أي ليس علمي بلغه وأحاط به ، وشعار الشيء أعلامه ، فسمى الله تعالى ذلك الموضع بالمشعر الحرام ؛ لأنه معلم من معالم الحج ، ثم اختلفوا فقال قائلون : المشعر الحرام هو المزدلفة ، وسماها الله تعالى بذلك ؛ لأن الصلاة والمقام والمبيت به والدعاء عنده ، هكذا قاله الواحدي في "البسيط" قال صاحب "الكشاف" : الأصح أنه قزح ، وهو آخر حد المزدلفة . والأول أقرب ؛ لأن الفاء في قوله : ( فاذكروا الله عند المشعر الحرام ) تدل على أن الذكر عند المشعر الحرام يحصل عقيب الإفاضة من عرفات ، وما ذاك إلا بالبيتوتة بالمزدلفة .