[ ص: 336 ] مسألة : ( ومن لم يكن طريقه على ميقات فميقاته حذو أقربها إليه .
ومعنى ذلك أنه إذا : فإنه يحرم إذا حاذى أقرب المواقيت إلى طريقه سواء كان هذا الميقات هو الأبعد عن كان طريقه على غير ميقات في بر أو بحر مكة ، أو الأقرب مثل من يمر بين ذي الحليفة والجحفة فإنه إن كان يقرب إلى ذي الحليفة إذا حاذاها أكثر مما يقرب إلى الجحفة : أحرم منها ، [ وإن كان قربه إلى الجحفة إذا حاذاها أكثر أحرم منها ] لأن أهل العراق قالوا رضي الله عنه : إن لعمر بن الخطاب قرنا جور عن طريقنا ، وإنا إن أردنا أن نأتيها شق علينا ، فقال : " انظروا حذوها من طريقكم ، قال فحد لهم ذات عرق " فلم يأمرهم عمر ، والمسلمون بالمرور بقرن ، بل جعلوا ما يحاذيها بمنزلتها ، وذلك لأن الإحرام مما يحاذي الميقات بمنزلة الإحرام من نفس الميقات ، فإنه إذا كان بعدهما عن البيت واحدا : لم يكن في نفس الميقات مقصود ، ولأن في الميل والتعريج إلى نفس المؤقت مشقة عظيمة وإنما يحرم مما يقرب منه إذا حاذاه ؛ لأنه لما كان أقرب المواقيت إليه وإلى طريقه إذا مر كان اعتباره في حقه أولى من اعتبار البعيد كما لو مر به نفسه ، فلو أحرم من حذو أبعدهما من مر بين ميقاتين ، وكان قربه إليهما سواء مكة كما لو مر في طريقه على ميقاتين فإنه يحرم من أبعدهما ؛ لأن المقتضي للإحرام منه موجود من غير رجحان لغيره عليه ، ويعرف محاذاته للمؤقت وكونه هو الأقرب إليه بالاجتهاد والتحري ، فإن شك فالمستحب له الاحتياط فيحرم من حيث يتيقن أنه لم يجاوز حذو [ ص: 337 ] الميقات القريب إليه إلا محرما ، ولا يجب عليه ذلك حتى يغلب على ظنه أنه قد حاذى الميقات الأقرب .