" ثم يغسل رجليه إلى الكعبين ثلاثا ويدخلهما في الغسل " .
لقوله تعالى : ( وأرجلكم إلى الكعبين ) وقد قرئت بالنصب والخفض ، وقال من قرأها بالنصب من الصحابة مثل علي وابن مسعود أعاد الأمر إلى الغسل . وابن عباس
ولو كان عطفا على محل الجار والمجرور فهو وقراءة الخفض سواء في أنه يراد به الغسل ، فإن المسح اسم لإيصال الماء إلى العضو سواء سال الماء أو لم يسل ، قال أبو زيد : يقال تمسحت للصلاة .
وأيضا من لغة العرب أن الفعلين إذا تقارب معناهما استغنوا بأحدهما لدلالته على الآخر ؛ لذا كان في الكلام ما يدل عليه ، وكان هذا من باب [ ص: 195 ] الإيجاز والاختصار ، كما قال تعالى : ( يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين ) إلى قوله : ( وحور عين ) وهن لا يطاف بهن وإنما يطفن ، كأنه قال : يؤتون بهن . كما قال :
ورأيت زوجك في الوغا متقلدا سيفا ورمحا
. وقال :علفتها تبنا وماء باردا
.وقد دل على أنه أراد المسح الذي هو إجراء الماء على العضو قرينتان .
إحداهما : أنه حدده إلى الكعبين ، والحد إنما يكون للمغسول لا للممسوح ، والثانية : أن من يقول بالمسح يمسحهما إلى مجتمع القدم والساق ، فيكون في كل رجل كعب ولو كان كذلك لقيل : إلى الكعاب كما قال : " وأيديكم إلى المرافق " ؛ لأن مقابلة الجمع بالجمع يقتضي توزيع الأفراد على الأفراد فلما قال " إلى الكعبين " علم أن في كل رجل كعبين كأنه قال : وكل رجل إلى كعبيها .
ودلنا على مراد الله من كتابه رسوله المبين عنه ما أنزل إلينا ، فإن سننه تفسر الكتاب وتبينه وتعبر عنه وتدل عليه ، فإن الذين وصفوا مثل وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان وعلي وعبد الله بن زيد وعبد الله بن عباس والمقدام بن معدي كرب رضي الله عنهم وغيرهم أخبروا أنه غسل رجليه . والربيع بنت معوذ
وفي الصحيحين عن قال : عبد الله بن عمرو متفق عليه . تخلف عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرة فأدركنا ، وقد أرهقنا العصر فجعلنا نتوضأ ونمسح على أرجلنا ، قال : فنادى بأعلى صوته " ويل للأعقاب من النار مرتين أو ثلاثا "
[ ص: 196 ] وفي الصحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " وعائشة " . وروى هذا المتن جماعة من الصحابة منهم ويل للأعقاب من النار جابر وخالد بن الوليد ، ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة ، وعن قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " عبد الله بن الحارث الزبيدي " رواه ويل للأعقاب وبطون الأقدام من النار أحمد . وكذلك جاء عنه فعلا وأمرا ، وليس في المسح شيء من ذلك ، وقال تخليل الأصابع : اجتمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على غسل القدمين . عبد الرحمن بن أبي ليلى
وأما التثليث في غسلهما ، وإدخال الكعبين فلما تقدم ، لما تقدم . وروى والكعبان : هما العظمان الناتئان في جانبي الساق النسائي عثمان وعلي صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم أن كل واحد منهما غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاثا ثم اليسرى كذلك وقال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع مثل ما صنعت . وهذا هو المعروف في اللغة . قال [ ص: 197 ] عن كان أحدنا يلزق كعبه بكعب صاحبه في الصلاة ومنكبه بمنكبه ، وكذلك ذكره النعمان بن بشير الأصمعي وأبو عبيد وغيرهما من أهل اللغة .