[ ص: 225 ] فصل : وأي
nindex.php?page=treesubj&link=3838_4152_27018_27022_7287قربة فعلها ، وجعل ثوابها للميت المسلم ، نفعه ذلك ، إن شاء الله ، أما الدعاء ، والاستغفار ، والصدقة ، وأداء الواجبات ، فلا أعلم فيه خلافا ، إذا كانت الواجبات مما يدخله النيابة ، وقد قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=10والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان } . وقال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=19واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات } .
{
nindex.php?page=hadith&LINKID=40140ودعا النبي صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=233لأبي سلمة حين مات } ، وللميت الذي صلى عليه في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=6201عوف بن مالك ، ولكل ميت صلى عليه . ولذي النجادين حتى دفنه . وشرع الله ذلك لكل من صلى على ميت {
nindex.php?page=hadith&LINKID=40254وسأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إن أمي ماتت ، فينفعها إن تصدقت عنها ؟ قال : نعم } . رواه
أبو داود . وروي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=228سعد بن عبادة .
{
nindex.php?page=hadith&LINKID=40011وجاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ، إن فريضة الله في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا ، لا يستطيع أن يثبت على الراحلة ، أفأحج عنه ؟ قال : أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت قاضيته ؟ قالت : نعم . قال : فدين الله أحق أن يقضى . } {
nindex.php?page=hadith&LINKID=41606وقال للذي سأله : إن أمي ماتت ، وعليها صوم شهر ، أفأصوم عنها ؟ قال : نعم . }
وهذه أحاديث صحاح ، وفيها دلالة على انتفاع الميت بسائر القرب ; لأن الصوم والحج والدعاء والاستغفار عبادات بدنية ، وقد أوصل الله نفعها إلى الميت ، فكذلك ما سواها ، مع ما ذكرنا من الحديث في ثواب من قرأ يس ، وتخفيف الله تعالى عن أهل المقابر بقراءته . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، {
nindex.php?page=hadith&LINKID=5959أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال nindex.php?page=showalam&ids=59لعمرو بن العاص : لو كان أبوك مسلما ، فأعتقتم عنه ، أو تصدقتم عنه ، أو حججتم عنه ، بلغه ذلك } . وهذا عام في حج التطوع وغيره ، ولأنه عمل بر وطاعة ، فوصل نفعه وثوابه ، كالصدقة والصيام والحج الواجب .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : ما عدا الواجب والصدقة والدعاء والاستغفار ، لا يفعل عن الميت ، ولا يصل ثوابه إليه ; لقول الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=39وأن ليس للإنسان إلا ما سعى } . وقول النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=10564إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به من بعده ، أو ولد صالح يدعو له } . ولأن نفعه لا يتعدى فاعله ، فلا يتعدى ثوابه .
وقال بعضهم :
nindex.php?page=treesubj&link=27024_7287_18631إذا قرئ القرآن عند الميت ، أو أهدي إليه ثوابه ، كان الثواب لقارئه ، ويكون الميت كأنه حاضرها ، فترجى له الرحمة . ولنا ، ما ذكرناه ، وأنه إجماع المسلمين ; فإنهم في كل عصر ومصر يجتمعون ويقرءون القرآن ، ويهدون ثوابه إلى موتاهم من غير نكير . ولأن الحديث صح عن النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11555إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه } . والله أكرم من أن يوصل عقوبة المعصية إليه ، ويحجب عنه المثوبة .
ولأن الموصل لثواب ما سلموه ، قادر على إيصال
[ ص: 226 ] ثواب ما منعوه ، والآية مخصوصة بما سلموه ، وما اختلفنا فيه في معناه ، فنقيسه عليه . ولا حجة لهم في الخبر الذي احتجوا به ، فإنما دل على انقطاع عمله ، فلا دلالة فيه عليه ; ثم لو دل عليه كان مخصوصا بما سلموه ، وفي معناه ما منعوه ، فيتخصص به أيضا بالقياس عليه ، وما ذكروه من المعنى غير صحيح ، فإن تعدي الثواب ليس بفرع لتعدي النفع ، ثم هو باطل بالصوم والدعاء والحج ، وليس له أصل يعتبر به ، والله أعلم .
[ ص: 225 ] فَصْلٌ : وَأَيُّ
nindex.php?page=treesubj&link=3838_4152_27018_27022_7287قُرْبَةٍ فَعَلَهَا ، وَجَعَلَ ثَوَابَهَا لِلْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ ، نَفَعَهُ ذَلِكَ ، إنْ شَاءَ اللَّهُ ، أَمَّا الدُّعَاءُ ، وَالِاسْتِغْفَارُ ، وَالصَّدَقَةُ ، وَأَدَاءُ الْوَاجِبَاتِ ، فَلَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا ، إذَا كَانَتْ الْوَاجِبَاتُ مِمَّا يَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=10وَاَلَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ } . وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=19وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ } .
{
nindex.php?page=hadith&LINKID=40140وَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ nindex.php?page=showalam&ids=233لِأَبِي سَلَمَةَ حِينَ مَاتَ } ، وَلِلْمَيِّتِ الَّذِي صَلَّى عَلَيْهِ فِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=6201عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ ، وَلِكُلِّ مَيِّتٍ صَلَّى عَلَيْهِ . وَلِذِي النِّجَادَيْنِ حَتَّى دَفَنَهُ . وَشَرَعَ اللَّهُ ذَلِكَ لِكُلِّ مَنْ صَلَّى عَلَى مَيِّتٍ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=40254وَسَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إنَّ أُمِّي مَاتَتْ ، فَيَنْفَعُهَا إنْ تَصَدَّقْت عَنْهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ } . رَوَاهُ
أَبُو دَاوُد . وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=228سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ .
{
nindex.php?page=hadith&LINKID=40011وَجَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا ، لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ ؟ قَالَ : أَرَأَيْت لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيك دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ . قَالَ : فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى . } {
nindex.php?page=hadith&LINKID=41606وَقَالَ لِلَّذِي سَأَلَهُ : إنَّ أُمِّي مَاتَتْ ، وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ ، أَفَأَصُومُ عَنْهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ . }
وَهَذِهِ أَحَادِيثُ صِحَاحٌ ، وَفِيهَا دَلَالَةٌ عَلَى انْتِفَاعِ الْمَيِّتِ بِسَائِرِ الْقُرَبِ ; لِأَنَّ الصَّوْمَ وَالْحَجَّ وَالدُّعَاءَ وَالِاسْتِغْفَارَ عِبَادَاتٌ بَدَنِيَّةٌ ، وَقَدْ أَوْصَلَ اللَّه نَفْعَهَا إلَى الْمَيِّتِ ، فَكَذَلِكَ مَا سِوَاهَا ، مَعَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْحَدِيثِ فِي ثَوَابِ مَنْ قَرَأَ يس ، وَتَخْفِيفِ اللَّه تَعَالَى عَنْ أَهْلِ الْمَقَابِرِ بِقِرَاءَتِهِ . وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16709عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، {
nindex.php?page=hadith&LINKID=5959أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ nindex.php?page=showalam&ids=59لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ : لَوْ كَانَ أَبُوك مُسْلِمًا ، فَأَعْتَقْتُمْ عَنْهُ ، أَوْ تَصَدَّقْتُمْ عَنْهُ ، أَوْ حَجَجْتُمْ عَنْهُ ، بَلَغَهُ ذَلِكَ } . وَهَذَا عَامٌ فِي حَجِّ التَّطَوُّعِ وَغَيْرِهِ ، وَلِأَنَّهُ عَمَلُ بِرٍّ وَطَاعَةٍ ، فَوَصَلَ نَفْعُهُ وَثَوَابُهُ ، كَالصَّدَقَةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ الْوَاجِبِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : مَا عَدَا الْوَاجِبَ وَالصَّدَقَةَ وَالدُّعَاءَ وَالِاسْتِغْفَارَ ، لَا يُفْعَلُ عَنْ الْمَيِّتِ ، وَلَا يَصِلُ ثَوَابُهُ إلَيْهِ ; لِقَوْلِ اللَّه تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=39وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إلَّا مَا سَعَى } . وَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=10564إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ : صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْ بَعْدِهِ ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ } . وَلِأَنَّ نَفْعَهُ لَا يَتَعَدَّى فَاعِلَهُ ، فَلَا يَتَعَدَّى ثَوَابُهُ .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ :
nindex.php?page=treesubj&link=27024_7287_18631إذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ عِنْدَ الْمَيِّتِ ، أَوْ أُهْدِيَ إلَيْهِ ثَوَابُهُ ، كَانَ الثَّوَابُ لِقَارِئِهِ ، وَيَكُونُ الْمَيِّتُ كَأَنَّهُ حَاضِرُهَا ، فَتُرْجَى لَهُ الرَّحْمَةُ . وَلَنَا ، مَا ذَكَرْنَاهُ ، وَأَنَّهُ إجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ ; فَإِنَّهُمْ فِي كُلِّ عَصْرٍ وَمِصْرٍ يَجْتَمِعُونَ وَيَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ ، وَيُهْدُونَ ثَوَابَهُ إلَى مَوْتَاهُمْ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ . وَلِأَنَّ الْحَدِيثَ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11555إنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ } . وَاَللَّهُ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يُوصِلَ عُقُوبَةَ الْمَعْصِيَةِ إلَيْهِ ، وَيَحْجُبَ عَنْهُ الْمَثُوبَةَ .
وَلِأَنَّ الْمُوصِلَ لِثَوَابِ مَا سَلَّمُوهُ ، قَادِرٌ عَلَى إيصَالِ
[ ص: 226 ] ثَوَابِ مَا مَنَعُوهُ ، وَالْآيَةُ مَخْصُوصَةٌ بِمَا سَلَّمُوهُ ، وَمَا اخْتَلَفْنَا فِيهِ فِي مَعْنَاهُ ، فَنَقِيسُهُ عَلَيْهِ . وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي الْخَبَرِ الَّذِي احْتَجُّوا بِهِ ، فَإِنَّمَا دَلَّ عَلَى انْقِطَاعِ عَمَلِهِ ، فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَيْهِ ; ثُمَّ لَوْ دَلَّ عَلَيْهِ كَانَ مَخْصُوصًا بِمَا سَلَّمُوهُ ، وَفِي مَعْنَاهُ مَا مَنَعُوهُ ، فَيَتَخَصَّصُ بِهِ أَيْضًا بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ ، وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ الْمَعْنَى غَيْرُ صَحِيحٍ ، فَإِنْ تَعَدِّيَ الثَّوَابِ لَيْسَ بِفَرْعِ لِتَعَدِّي النَّفْعِ ، ثُمَّ هُوَ بَاطِلٌ بِالصَّوْمِ وَالدُّعَاءِ وَالْحَجِّ ، وَلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ يُعْتَبَرُ بِهِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .