( 3464 ) مسألة ; قال : ( ومن وجب عليه حق ، فذكر أنه معسر به ، حبس إلى أن يأتي ببينة تشهد بعسرته ) وجملته أن من
nindex.php?page=treesubj&link=23979_24492_24493_24490_24496_24494وجب عليه دين حال ، فطولب به ، ولم يؤده ، نظر الحاكم ; فإن كان في يده مال ظاهر أمره بالقضاء ، فإن ذكر أنه لغيره ، فقد ذكرنا حكمه في الفصل الذي قبل هذا ، وإن لم يجد له مالا ظاهرا ، فادعى الإعسار ، فصدقه غريمه ، لم يحبس ، ووجب إنظاره ، ولم تجز ملازمته ، لقول الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=280 : وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة } . ولقول النبي صلى الله عليه وسلم لغرماء الذي كثر دينه : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=18288خذوا ما وجدتم ، وليس لكم إلا ذلك . } ولأن الحبس إما أن يكون لإثبات عسرته أو لقضاء دينه ، وعسرته ثابتة ، والقضاء متعذر ، فلا فائدة في الحبس .
وإن كذبه غريمه فلا يخلو ، إما أن يكون عرف له مال أو لم يعرف ، فإن عرف له مال لكون الدين ثبت عن معاوضة ، كالقرض والبيع ، أو عرف له أصل مال سوى هذا ، فالقول قول غريمه مع يمينه . فإذا حلف أنه ذو مال ، حبس حتى تشهد البينة بإعساره . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : أكثر من نحفظ عنه من علماء الأمصار وقضاتهم ، يرون الحبس في الدين ، منهم
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12074وأبو عبيد والنعمان nindex.php?page=showalam&ids=16069وسوار وعبيد الله بن الحسن وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح ،
والشعبي . وكان
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز يقول : يقسم ماله بين الغرماء ، ولا يحبس .
وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=166عبد الله بن جعفر ،
nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد ولنا أن الظاهر قول الغريم ، فكان القول قوله ، كسائر الدعاوى . فإن شهدت البينة بتلف ماله ، قبلت شهادتهم ، سواء كانت من أهل الخبرة الباطنة أو لم تكن ; لأن التلف يطلع عليه أهل الخبرة وغيرهم . وإن طلب الغريم إحلافه على ذلك ، لم يجب إليه ; لأن ذلك تكذيب للبينة ، وإن شهدت مع ذلك بالإعسار اكتفي بشهادتها ، وثبتت عسرته ، وإن لم تشهد بعسرته ، وإنما شهدت بالتلف لا غير ، وطلب الغريم يمينه على عسره ، وأنه ليس له مال آخر ، استحلف على ذلك ; لأنه غير ما شهدت به البينة .
وإن لم تشهد بالتلف ، وإنما شهدت بالإعسار ، لم تقبل الشهادة إلا من ذي خبرة باطنة ، ومعرفة متقادمة لأن هذا من الأمور الباطنة ، لا يطلع عليه في الغالب إلا أهل الخبرة والمخالطة . وهذا مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وحكي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أنه قال : لا تسمع البينة على الإعسار ; لأنها شهادة على النفي ، فلم تسمع ، كالشهادة على أنه لا دين عليه .
[ ص: 292 ] ولنا ، ما روى
قبيصة بن المخارق ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11521 : يا قبيصة ، إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة : رجل تحمل حمالة ، فحلت المسألة حتى يصيبها ، ثم يمسك ، ورجل أصابته جائحة ، فاجتاحت ماله ، فحلت له المسألة ، حتى يصيب قواما من عيش أو قال سدادا من عيش ، ورجل أصابته فاقة ، حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجا من قومه : لقد أصابت فلانا فاقة . فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو قال : سدادا من عيش . } رواه
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وأبو داود . وقولهم : إن الشهادة على النفي لا تقبل . قلنا : لا ترد مطلقا ، فإنه لو شهدت البينة أن هذا وارث الميت ، لا وارث له سواه قبلت ، ولأن هذه وإن كانت تتضمن النفي ، فهي تثبت حالة تظهر ، ويوقف عليها بالمشاهدة ، بخلاف ما إذا شهدت أنه لا حق له ، فإن هذا مما لا يوقف عليه ، ولا يشهد به حال يتوصل بها إلى معرفته به ، بخلاف مسألتنا .
وتسمع البينة في الحال ، وبهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : لا تسمع في الحال ، ويحبس شهرا ، وروي ثلاثة أشهر ، وروي أربعة أشهر ، حتى يغلب على ظن الحاكم أنه لو كان له مال لأظهره .
ولنا ، أن كل بينة جاز سماعها بعد مدة ، جاز سماعها في الحال ، كسائر البينات ، وما ذكروه لو كان صحيحا لأغنى عن البينة . فإن قال الغريم : أحلفوه لي مع يمينه أنه لا مال له ، لم يستحلف في ظاهر كلام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد لأنه قال ، في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن إبراهيم في
nindex.php?page=treesubj&link=14851رجل جاء بشهود على حق ، فقال الغريم استحلفوه : لا يستحلف ; لأن ظاهر الحديث : " البينة على المدعي ، واليمين على من أنكر " . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي : سواء شهدت البينة بتلف المال أو بالإعسار وهذا أحد قولي
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ; لأنها بينة مقبولة ، فلم يستحلف معها ، كما لو شهدت بأن هذا عبده ، أو هذه داره .
ويحتمل أن يستحلف . وهذا القول الثاني
nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي لأنه يحتمل أن له مالا خفي على البينة . ويصح عندي إلزامه اليمين على الإعسار ، فيما إذا شهدت البينة بتلف المال ، وسقوطها عنه فيما إذا شهدت بالإعسار ، لأنها إذا شهدت بالتلف ، صار كمن لم يثبت له أصل مال أو بمنزلة من أقر له غريمه بتلف ذلك المال ، وادعى أن له مالا سواه ، أو أنه استحدث مالا بعد تلفه .
ولو لم تقم البينة ، وأقر له غريمه بتلف ماله وادعى أن له مالا سواه ، لزمته اليمين ، فكذلك إذا قامت به البينة ، فإنها لا تزيد على الإقرار . وإن كان الحق يثبت عليه في غير مقابلة مال أخذه ، كأرش جناية ، وقيمة متلف ، ومهر أو ضمان أو كفالة ، أو عوض خلع ، إن كان امرأة ، وإن لم يعرف له مال ، حلف أنه لا مال له ، وخلى سبيله ، ولم يحبس . وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر فإن شهدت البينة بإعساره ، قبلت ، ولم يستحلف معها ; لما تقدم .
وإن شهدت أنه كان له مال ، فتلف ، لم يستغن بذلك عن يمينه ; لما ذكرناه . وكذلك لو أقر له به غريمه ، وإنما اكتفينا بيمينه ; لأن الأصل عدم المال ، لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
لحبة وسواء ابني
خالد بن سواء {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30689 : لا تيئسا من الرزق ما اهتزت رءوسكما ، فإن ابن آدم يخلق وليس له إلا قشرتاه ، ثم يرزقه الله تعالى . } قال
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : الحبس عقوبة ، ولا نعلم له ذنبا يعاقب به . والأصل عدم ماله ، بخلاف المسألة الأولى ، فإن الأصل ثبوت ماله ، فيحبس حتى يعلم ذهابه .
nindex.php?page=showalam&ids=14209والخرقي لم يفرق بين الحالين ، لكنه يحمل كلامه على ما ذكرنا ، لقيام الدليل على الفرق .
( 3464 ) مَسْأَلَةٌ ; قَالَ : ( وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ حَقٌّ ، فَذَكَرَ أَنَّهُ مُعْسِرٌ بِهِ ، حُبِسَ إلَى أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِعُسْرَتِهِ ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ مَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=23979_24492_24493_24490_24496_24494وَجَبَ عَلَيْهِ دَيْنٌ حَالٌ ، فَطُولِبَ بِهِ ، وَلَمْ يُؤَدِّهِ ، نَظَرَ الْحَاكِمُ ; فَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِ مَالٌ ظَاهِرٌ أَمَرَهُ بِالْقَضَاءِ ، فَإِنْ ذَكَرَ أَنَّهُ لِغَيْرِهِ ، فَقَدْ ذَكَرْنَا حُكْمَهُ فِي الْفَصْلِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ مَالًا ظَاهِرًا ، فَادَّعَى الْإِعْسَارَ ، فَصَدَّقَهُ غَرِيمُهُ ، لَمْ يُحْبَسْ ، وَوَجَبَ إنْظَارُهُ ، وَلَمْ تَجُزْ مُلَازَمَتُهُ ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=280 : وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلَى مَيْسَرَةٍ } . وَلِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِغُرَمَاءِ الَّذِي كَثُرَ دَيْنُهُ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=18288خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ ، وَلَيْسَ لَكُمْ إلَّا ذَلِكَ . } وَلِأَنَّ الْحَبْسَ إمَّا أَنْ يَكُونَ لِإِثْبَاتِ عُسْرَتِهِ أَوْ لِقَضَاءِ دَيْنِهِ ، وَعُسْرَتُهُ ثَابِتَةٌ ، وَالْقَضَاءُ مُتَعَذِّرٌ ، فَلَا فَائِدَةَ فِي الْحَبْسِ .
وَإِنْ كَذَّبَهُ غَرِيمُهُ فَلَا يَخْلُو ، إمَّا أَنْ يَكُونَ عُرِفَ لَهُ مَالٌ أَوْ لَمْ يُعْرَفْ ، فَإِنْ عُرِفَ لَهُ مَالٌ لِكَوْنِ الدَّيْنِ ثَبَتَ عَنْ مُعَاوَضَةٍ ، كَالْقَرْضِ وَالْبَيْعِ ، أَوْ عُرِفَ لَهُ أَصْلُ مَالٍ سِوَى هَذَا ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ غَرِيمِهِ مَعَ يَمِينِهِ . فَإِذَا حَلَفَ أَنَّهُ ذُو مَالٍ ، حُبِسَ حَتَّى تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ بِإِعْسَارِهِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابْنُ الْمُنْذِرِ : أَكْثَرُ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ وَقُضَاتِهِمْ ، يَرَوْنَ الْحَبْسَ فِي الدَّيْنِ ، مِنْهُمْ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=12074وَأَبُو عُبَيْدٍ وَالنُّعْمَانُ nindex.php?page=showalam&ids=16069وَسَوَّارٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16097شُرَيْحٍ ،
وَالشَّعْبِيِّ . وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=16673عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ : يُقْسَمُ مَالُهُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ ، وَلَا يُحْبَسُ .
وَبِهِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=166عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15124وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَلَنَا أَنَّ الظَّاهِرَ قَوْلُ الْغَرِيمِ ، فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ ، كَسَائِرِ الدَّعَاوَى . فَإِنْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِتَلَفِ مَالِهِ ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ ، سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ أَوْ لَمْ تَكُنْ ; لِأَنَّ التَّلَفَ يَطَّلِعُ عَلَيْهِ أَهْلُ الْخِبْرَةِ وَغَيْرُهُمْ . وَإِنْ طَلَبَ الْغَرِيمُ إحْلَافَهُ عَلَى ذَلِكَ ، لَمْ يُجَبْ إلَيْهِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ تَكْذِيبٌ لِلْبَيِّنَةِ ، وَإِنْ شَهِدَتْ مَعَ ذَلِكَ بِالْإِعْسَارِ اُكْتُفِيَ بِشَهَادَتِهَا ، وَثَبَتَتْ عُسْرَتُهُ ، وَإِنْ لَمْ تَشْهَدْ بِعُسْرَتِهِ ، وَإِنَّمَا شَهِدَتْ بِالتَّلَفِ لَا غَيْرُ ، وَطَلَبَ الْغَرِيمُ يَمِينَهُ عَلَى عُسْرِهِ ، وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَالٌ آخَرُ ، اسْتَحْلَفَ عَلَى ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ غَيْرُ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ .
وَإِنْ لَمْ تَشْهَدْ بِالتَّلَفِ ، وَإِنَّمَا شَهِدَتْ بِالْإِعْسَارِ ، لَمْ تُقْبَلْ الشَّهَادَةُ إلَّا مِنْ ذِي خِبْرَةٍ بَاطِنَةٍ ، وَمَعْرِفَةٍ مُتَقَادِمَةٍ لِأَنَّ هَذَا مِنْ الْأُمُورِ الْبَاطِنَةِ ، لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ فِي الْغَالِبِ إلَّا أَهْلُ الْخِبْرَةِ وَالْمُخَالَطَةِ . وَهَذَا مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ وَحُكِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ : لَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْإِعْسَارِ ; لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى النَّفْيِ ، فَلَمْ تُسْمَعْ ، كَالشَّهَادَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ .
[ ص: 292 ] وَلَنَا ، مَا رَوَى
قَبِيصَةُ بْنُ الْمُخَارِقِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11521 : يَا قَبِيصَةُ ، إنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إلَّا لِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ : رَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمَالَةً ، فَحَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَهَا ، ثُمَّ يُمْسِكَ ، وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ ، فَاجْتَاحَتْ مَالَهُ ، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ ، حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ أَوْ قَالَ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ ، وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ ، حَتَّى يَقُولَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ : لَقَدْ أَصَابَتْ فُلَانًا فَاقَةٌ . فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ أَوْ قَالَ : سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ . } رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد . وَقَوْلُهُمْ : إنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى النَّفْيِ لَا تُقْبَلُ . قُلْنَا : لَا تُرَدُّ مُطْلَقًا ، فَإِنَّهُ لَوْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّ هَذَا وَارِثُ الْمَيِّتِ ، لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُ قُبِلَتْ ، وَلِأَنَّ هَذِهِ وَإِنْ كَانَتْ تَتَضَمَّنُ النَّفْيَ ، فَهِيَ تُثْبِتُ حَالَةً تَظْهَرُ ، وَيُوقَفُ عَلَيْهَا بِالْمُشَاهَدَةِ ، بِخِلَافِ مَا إذَا شَهِدَتْ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ ، فَإِنَّ هَذَا مِمَّا لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ ، وَلَا يُشْهَدُ بِهِ حَالٌ يَتَوَصَّلُ بِهَا إلَى مَعْرِفَتِهِ بِهِ ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا .
وَتُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ فِي الْحَالِ ، وَبِهَذَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ : لَا تُسْمَعُ فِي الْحَالِ ، وَيُحْبَسُ شَهْرًا ، وَرُوِيَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ ، وَرُوِيَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ، حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى ظَنَّ الْحَاكِمِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ لَأَظْهَرَهُ .
وَلَنَا ، أَنَّ كُلَّ بَيِّنَةٍ جَازَ سَمَاعُهَا بَعْدَ مُدَّةٍ ، جَازَ سَمَاعُهَا فِي الْحَالِ ، كَسَائِرِ الْبَيِّنَاتِ ، وَمَا ذَكَرُوهُ لَوْ كَانَ صَحِيحًا لَأَغْنَى عَنْ الْبَيِّنَةِ . فَإِنْ قَالَ الْغَرِيمُ : أَحْلِفُوهُ لِي مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ ، لَمْ يُسْتَحْلَفْ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ لِأَنَّهُ قَالَ ، فِي رِوَايَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=12418إِسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=14851رَجُلٍ جَاءَ بِشُهُودِ عَلَى حَقٍّ ، فَقَالَ الْغَرِيمُ اسْتَحْلِفُوهُ : لَا يَسْتَحْلِفُ ; لِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ : " الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي ، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ " . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14953الْقَاضِي : سَوَاءٌ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِتَلَفِ الْمَالِ أَوْ بِالْإِعْسَارِ وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ ; لِأَنَّهَا بَيِّنَةٌ مَقْبُولَةٌ ، فَلَمْ يَسْتَحْلِفْ مَعَهَا ، كَمَا لَوْ شَهِدَتْ بِأَنَّ هَذَا عَبْدُهُ ، أَوْ هَذِهِ دَارُهُ .
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَسْتَحْلِفَ . وَهَذَا الْقَوْلُ الثَّانِي
nindex.php?page=showalam&ids=13790لِلشَّافِعِي لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ لَهُ مَالًا خَفِيَ عَلَى الْبَيِّنَةِ . وَيَصِحُّ عِنْدِي إلْزَامُهُ الْيَمِينَ عَلَى الْإِعْسَارِ ، فِيمَا إذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِتَلَفِ الْمَالِ ، وَسُقُوطِهَا عَنْهُ فِيمَا إذَا شَهِدَتْ بِالْإِعْسَارِ ، لِأَنَّهَا إذَا شَهِدَتْ بِالتَّلَفِ ، صَارَ كَمَنْ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ أَصْلُ مَالٍ أَوْ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَقَرَّ لَهُ غَرِيمُهُ بِتَلَفِ ذَلِكَ الْمَالِ ، وَادَّعَى أَنَّ لَهُ مَالًا سِوَاهُ ، أَوْ أَنَّهُ اسْتَحْدَثَ مَالًا بَعْدَ تَلَفِهِ .
وَلَوْ لَمْ تَقُمْ الْبَيِّنَةُ ، وَأَقَرَّ لَهُ غَرِيمُهُ بِتَلَفِ مَالِهِ وَادَّعَى أَنَّ لَهُ مَالًا سِوَاهُ ، لَزِمَتْهُ الْيَمِينُ ، فَكَذَلِكَ إذَا قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ ، فَإِنَّهَا لَا تَزِيدُ عَلَى الْإِقْرَارِ . وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ يَثْبُتُ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ مُقَابَلَةِ مَالٍ أَخَذَهُ ، كَأَرْشِ جِنَايَةٍ ، وَقِيمَةِ مُتْلَفٍ ، وَمَهْرٍ أَوْ ضَمَانٍ أَوْ كَفَالَةٍ ، أَوْ عِوَضِ خُلْعٍ ، إنْ كَانَ امْرَأَةً ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مَالٌ ، حَلَفَ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ ، وَخَلَّى سَبِيلَهُ ، وَلَمْ يُحْبَسْ . وَهَذَا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=12918وَابْنِ الْمُنْذِرِ فَإِنْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِإِعْسَارِهِ ، قُبِلَتْ ، وَلَمْ يُسْتَحْلَفْ مَعَهَا ; لِمَا تَقَدَّمَ .
وَإِنْ شَهِدَتْ أَنَّهُ كَانَ لَهُ مَالٌ ، فَتَلِفَ ، لَمْ يُسْتَغْنَ بِذَلِكَ عَنْ يَمِينِهِ ; لِمَا ذَكَرْنَاهُ . وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِهِ غَرِيمُهُ ، وَإِنَّمَا اكْتَفَيْنَا بِيَمِينِهِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمَالِ ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
لِحَبَّةَ وَسَوَاءٍ ابْنَيْ
خَالِدِ بْنِ سَوَاءٍ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30689 : لَا تَيْئَسَا مِنْ الرِّزْقِ مَا اهْتَزَّتْ رُءُوسُكُمَا ، فَإِنَّ ابْنَ آدَمَ يُخْلَقُ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا قِشْرَتَاهُ ، ثُمَّ يَرْزُقُهُ اللَّهُ تَعَالَى . } قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابْنُ الْمُنْذِرِ : الْحَبْسُ عُقُوبَةٌ ، وَلَا نَعْلَمُ لَهُ ذَنْبًا يُعَاقَبُ بِهِ . وَالْأَصْلُ عَدَمُ مَالِهِ ، بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى ، فَإِنَّ الْأَصْلَ ثُبُوتُ مَالِهِ ، فَيُحْبَسُ حَتَّى يُعْلَمَ ذَهَابُهُ .
nindex.php?page=showalam&ids=14209وَالْخِرَقِيُّ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْحَالَيْنِ ، لَكِنَّهُ يُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا ، لِقِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى الْفَرْقِ .