[ ص: 139 ] كتاب الغصب الغصب : هو الاستيلاء على مال غيره بغير حق . وهو محرم بالكتاب والسنة والإجماع . أما الكتاب فقول الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=29يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم } . وقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=188ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون } . وقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا } .
والسرقة نوع من الغصب . وأما السنة ، فروى
جابر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته يوم النحر : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11759إن دماءكم وأموالكم حرام ، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا ، في بلدكم هذا } . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، وغيره . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=85سعيد بن زيد قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=35371من أخذ شبرا من الأرض ظلما ، طوقه من سبع أرضين } . متفق عليه .
وروى
أبو حرة الرقاشي ، عن عمه
وعمرو بن يثربي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=31477لا يحل مال امرئ مسلم ، إلا بطيب نفس منه } . رواه
أبو إسحاق الجوزجاني . وأجمع المسلمون على
nindex.php?page=treesubj&link=10684_10683تحريم الغصب في الجملة ، وإنما اختلفوا في فروع منه .
إذا ثبت هذا ، فمن غصب شيئا لزمه رده ، ما كان باقيا ، بغير خلاف نعلمه . لقول النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=21691على اليد ما أخذت حتى تؤديه } . ولأن حق المغصوب منه متعلق بعين ماله وماليته ، ولا يتحقق ذلك إلا برده . فإن تلف في يده ، لزمه بدله ; لقول الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=194فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم } .
ولأنه لما تعذر رد العين ، وجب رد ما يقوم مقامها في المالية . ثم ينظر ; فإن كان مما تتماثل أجزاؤه ، وتتفاوت صفاته ، كالحبوب والأدهان ، وجب مثله ، لأن المثل أقرب إليه من القيمة ، وهو مماثل له من طريق الصورة والمشاهدة والمعنى ، والقيمة مماثلة من طريق الظن والاجتهاد ، فكان ما طريقه المشاهدة مقدما ، كما يقدم النص على القياس ، لكون النص طريقه الإدراك بالسماع ، والقياس طريقه الظن والاجتهاد . وإن كان غير متقارب الصفات ، وهو ما عدا المكيل والموزون ، وجبت قيمته ، في قول الجماعة .
وحكي عن
العنبري يجب في كل شيء مثله ; لما روت
جسرة بنت دجاجة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها {
nindex.php?page=hadith&LINKID=8521، أنها قالت : ما رأيت صانعا مثل حفصة ، صنعت طعاما ، فبعثت به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخذني الأكل فكسرت الإناء ، فقلت : يا رسول الله ، ما كفارة ما صنعت ؟ فقال : إناء مثل الإناء ، وطعام مثل الطعام } . رواه
أبو داود .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس ، {
nindex.php?page=hadith&LINKID=2487أن إحدى نساء النبي صلى الله عليه وسلم كسرت قصعة الأخرى ، فدفع النبي صلى الله عليه وسلم قصعة الكاسرة إلى رسول صاحبة المكسورة ، وحبس المكسورة في بيته . } رواه
أبو داود مطولا ، ورواه
الترمذي نحوه ، وقال : حديث حسن صحيح . ولأن النبي صلى الله عليه وسلم استسلف بعيرا ، ورد مثله . ولنا ; ما روى
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=35558من أعتق شركا له في عبد ، قوم عليه قيمة العدل } . متفق عليه . فأمر بالتقويم في حصة الشريك ; لأنها متلفة بالعتق ، ولم يأمر بالمثل .
ولأن هذه الأشياء لا تتساوى
[ ص: 140 ] أجزاؤها ، وتتباين صفاتها ، فالقيمة فيها أعدل وأقرب إليها ، فكانت أولى . وأما الخبر فمحمول على أنه جوز ذلك بالتراضي ، وقد علم أنها ترضى بذلك . ( 3932 ) فصل : وما تتماثل أجزاؤه ، وتتقارب صفاته ، كالدراهم والدنانير والحبوب والأدهان ، ضمن بمثله . بغير خلاف .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : كل مطعوم ، من مأكول أو مشروب ، فمجمع على أنه يجب على مستهلكه مثله لا قيمته . وأما سائر المكيل والموزون ، فظاهر كلام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد أنه يضمن بمثله أيضا ; فإنه قال : في رواية
حرب ، nindex.php?page=showalam&ids=12400وإبراهيم بن هانئ : ما كان من الدراهم والدنانير ، وما يكال ويوزن ، فعليه مثله دون القيمة . فظاهر هذا وجوب المثل في كل مكيل وموزون ، إلا أن يكون مما فيه صناعة ، كمعمول الحديد والنحاس والرصاص من الأواني والآلات ونحوها .
والحلي من الذهب والفضة وشبهه ، والمنسوج من الحرير والكتان والقطن والصوف والشعر ، والمغزول من ذلك ، فإنه يضمن بقيمته ; لأن الصناعة تؤثر في قيمته ، وهي مختلفة ، فالقيمة فيه أحصر ، فأشبه غير المكيل والموزون . وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي أن النقرة والسبيكة من الأثمان ، والعنب والرطب والكمثرى إنما يضمنه بقيمته . وظاهر كلام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد يدل على ما قلنا . وإنما خرج منه ما فيه الصناعة ; لما ذكرنا . ويحتمل أن يضمن النقرة بقيمتها ، لتعذر وجود مثلها إلا بتكسير الدراهم المضروبة وسبكها ، وفيه إتلاف .
فعلى هذا ، إن كان المضمون بقيمته من جنس الأثمان ، وجبت قيمته من غالب نقد البلد ، فإن كانت من غير جنسه ، وجبت بكل حال ، وإن كانت من جنسه ، فكانت موزونة وجبت . وإن كانت أقل أو أكثر ، قوم بغير جنسه ، لئلا يؤدي إلى الربا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي : إن كانت فيه صناعة مباحة ، فزادت قيمته من أجلها ، جاز تقويمه بجنسه ; لأن ذلك قيمته ، والصناعة لها قيمة ، وكذلك لو كسر الحلي ، وجب أرش كسره ، ويخالف البيع ، لأن الصناعة لا يقابلها العوض في العقود ، ويقابلها في الإتلاف ، ألا ترى أنها لا تنفرد بالعقد ، وتنفرد بضمانها بالإتلاف . قال بعض أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : هذا مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وذكر بعضهم مثل القول الأول ، وهو الذي ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=11851أبو الخطاب لأن القيمة مأخوذة على سبيل العوض ، فالزيادة فيه ربا ، كالبيع وكالنقص .
وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في رواية
ابن منصور : إذا كسر الحلي ، يصلحه أحب إلي . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي : وهذا محمول على أنهما تراضيا بذلك ، لا أنه على طريق الوجوب . وهذا فيما إذا كانت الصناعة مباحة ، فإن كانت محرمة كالأواني وحلي الرجال ، لم يجز ضمانه بأكثر من وزنه ، وجها واحدا ; لأن الصناعة لا قيمة لها شرعا ، فهي كالمعدومة .
[ ص: 139 ] كِتَاب الْغَصْب الْغَصْبُ : هُوَ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ . وَهُوَ مُحَرَّمٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ . أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=29يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ } . وقَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=188وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } . وقَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا } .
وَالسَّرِقَةُ نَوْعٌ مِنْ الْغَصْبِ . وَأَمَّا السُّنَّةُ ، فَرَوَى
جَابِرٌ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11759إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالُكُمْ حَرَامٌ ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا ، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا } . رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٌ ، وَغَيْرُهُ . وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=85سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ : سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=35371مَنْ أَخَذَ شِبْرًا مِنْ الْأَرْضِ ظُلْمًا ، طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرْضِينَ } . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وَرَوَى
أَبُو حَرَّةَ الرَّقَاشِيُّ ، عَنْ عَمِّهِ
وَعَمْرِو بْنِ يَثْرِبِيٍّ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=31477لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئِ مُسْلِمٍ ، إلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ } . رَوَاهُ
أَبُو إِسْحَاقَ الْجُوزَجَانِيُّ . وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=10684_10683تَحْرِيمِ الْغَصْبِ فِي الْجُمْلَةِ ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي فُرُوعٍ مِنْهُ .
إذَا ثَبَتَ هَذَا ، فَمَنْ غَصَبَ شَيْئًا لَزِمَهُ رَدُّهُ ، مَا كَانَ بَاقِيًا ، بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ . لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=21691عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ } . وَلِأَنَّ حَقَّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ مُتَعَلِّقٌ بِعَيْنِ مَالِهِ وَمَالِيَّتِهِ ، وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إلَّا بِرَدِّهِ . فَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ ، لَزِمَهُ بَدَلُهُ ; لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=194فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ } .
وَلِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ رَدُّ الْعَيْنِ ، وَجَبَ رَدُّ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا فِي الْمَالِيَّةِ . ثُمَّ يُنْظَرُ ; فَإِنْ كَانَ مِمَّا تَتَمَاثَلُ أَجْزَاؤُهُ ، وَتَتَفَاوَتُ صِفَاتُهُ ، كَالْحُبُوبِ وَالْأَدْهَانِ ، وَجَبَ مِثْلُهُ ، لِأَنَّ الْمِثْلَ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ الْقِيمَةِ ، وَهُوَ مُمَاثِلٌ لَهُ مِنْ طَرِيقِ الصُّورَةِ وَالْمُشَاهَدَةِ وَالْمَعْنَى ، وَالْقِيمَةُ مُمَاثِلَةٌ مِنْ طَرِيقِ الظَّنِّ وَالِاجْتِهَادِ ، فَكَانَ مَا طَرِيقُهُ الْمُشَاهَدَةُ مُقَدَّمًا ، كَمَا يُقَدَّمُ النَّصُّ عَلَى الْقِيَاسِ ، لِكَوْنِ النَّصِّ طَرِيقُهُ الْإِدْرَاكُ بِالسَّمَاعِ ، وَالْقِيَاسُ طَرِيقُهُ الظَّنُّ وَالِاجْتِهَادُ . وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَقَارِبِ الصِّفَاتِ ، وَهُوَ مَا عَدَا الْمَكِيلَ وَالْمَوْزُونَ ، وَجَبَتْ قِيمَتُهُ ، فِي قَوْلِ الْجَمَاعَةِ .
وَحُكِيَ عَنْ
الْعَنْبَرِيِّ يَجِبُ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُهُ ; لِمَا رَوَتْ
جَسْرَةُ بِنْتُ دَجَاجَةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=8521، أَنَّهَا قَالَتْ : مَا رَأَيْت صَانِعًا مِثْلَ حَفْصَةَ ، صَنَعَتْ طَعَامًا ، فَبَعَثَتْ بِهِ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَنِي الْأَكْلُ فَكَسَرْت الْإِنَاءَ ، فَقُلْت : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا كَفَّارَةُ مَا صَنَعْت ؟ فَقَالَ : إنَاءٌ مِثْلُ الْإِنَاءِ ، وَطَعَامٌ مِثْلُ الطَّعَامِ } . رَوَاهُ
أَبُو دَاوُد .
وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسٌ ، {
nindex.php?page=hadith&LINKID=2487أَنَّ إحْدَى نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَسَرَتْ قَصْعَةَ الْأُخْرَى ، فَدَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَصْعَةَ الْكَاسِرَةِ إلَى رَسُولِ صَاحِبَةِ الْمَكْسُورَةِ ، وَحَبَسَ الْمَكْسُورَةَ فِي بَيْتِهِ . } رَوَاهُ
أَبُو دَاوُد مُطَوَّلًا ، وَرَوَاهُ
التِّرْمِذِيُّ نَحْوَهُ ، وَقَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ . وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَسْلَفَ بَعِيرًا ، وَرَدَّ مِثْلَهُ . وَلَنَا ; مَا رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=35558مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ ، قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْعَدْلِ } . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . فَأَمَرَ بِالتَّقْوِيمِ فِي حِصَّةِ الشَّرِيكِ ; لِأَنَّهَا مُتْلَفَةٌ بِالْعِتْقِ ، وَلَمْ يَأْمُرْ بِالْمِثْلِ .
وَلِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَا تَتَسَاوَى
[ ص: 140 ] أَجْزَاؤُهَا ، وَتَتَبَايَنُ صِفَاتُهَا ، فَالْقِيمَةُ فِيهَا أَعْدَلُ وَأَقْرَبُ إلَيْهَا ، فَكَانَتْ أَوْلَى . وَأَمَّا الْخَبَرُ فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ جَوَّزَ ذَلِكَ بِالتَّرَاضِي ، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهَا تَرْضَى بِذَلِكَ . ( 3932 ) فَصْلٌ : وَمَا تَتَمَاثَلُ أَجْزَاؤُهُ ، وَتَتَقَارَبُ صِفَاتُهُ ، كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْحُبُوبِ وَالْأَدْهَانِ ، ضَمِنَ بِمِثْلِهِ . بِغَيْرِ خِلَافٍ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابْنُ عَبْدِ الْبِرِّ : كُلُّ مَطْعُومٍ ، مِنْ مَأْكُولٍ أَوْ مَشْرُوبٍ ، فَمُجْمَعٌ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى مُسْتَهْلِكِهِ مِثْلُهُ لَا قِيمَتُهُ . وَأَمَّا سَائِرُ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ ، فَظَاهِرُ كَلَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِمِثْلِهِ أَيْضًا ; فَإِنَّهُ قَالَ : فِي رِوَايَةِ
حَرْبٍ ، nindex.php?page=showalam&ids=12400وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ هَانِئٍ : مَا كَانَ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ ، وَمَا يُكَالُ وَيُوزَنُ ، فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ دُونَ الْقِيمَةِ . فَظَاهِرُ هَذَا وُجُوبُ الْمِثْلِ فِي كُلِّ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا فِيهِ صِنَاعَةٌ ، كَمَعْمُولِ الْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ وَالرَّصَاصِ مِنْ الْأَوَانِي وَالْآلَاتِ وَنَحْوِهَا .
وَالْحُلِيِّ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَشِبْهِهِ ، وَالْمَنْسُوجِ مِنْ الْحَرِيرِ وَالْكَتَّانِ وَالْقُطْنِ وَالصُّوفِ وَالشَّعْرِ ، وَالْمَغْزُولِ مِنْ ذَلِكَ ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ بِقِيمَتِهِ ; لِأَنَّ الصِّنَاعَةَ تُؤَثِّرُ فِي قِيمَتِهِ ، وَهِيَ مُخْتَلِفَةٌ ، فَالْقِيمَةُ فِيهِ أَحْصَرُ ، فَأَشْبَهَ غَيْرَ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ . وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=14953الْقَاضِي أَنَّ النُّقْرَةَ وَالسَّبِيكَةَ مِنْ الْأَثْمَانِ ، وَالْعِنَبَ وَالرُّطَبَ وَالْكُمَّثْرَى إنَّمَا يَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ . وَظَاهِرُ كَلَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا . وَإِنَّمَا خَرَجَ مِنْهُ مَا فِيهِ الصِّنَاعَةُ ; لِمَا ذَكَرْنَا . وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَضْمَنَ النَّقْرَةَ بِقِيمَتِهَا ، لِتَعَذُّرِ وُجُودِ مِثْلِهَا إلَّا بِتَكْسِيرِ الدَّرَاهِمِ الْمَضْرُوبَةِ وَسَبْكِهَا ، وَفِيهِ إتْلَافٌ .
فَعَلَى هَذَا ، إنْ كَانَ الْمَضْمُونُ بِقِيمَتِهِ مِنْ جِنْسِ الْأَثْمَانِ ، وَجَبَتْ قِيمَتُهُ مِنْ غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ ، فَإِنْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ ، وَجَبَتْ بِكُلِّ حَالٍ ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِهِ ، فَكَانَتْ مَوْزُونَةً وَجَبَتْ . وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ ، قُوِّمَ بِغَيْرِ جِنْسِهِ ، لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى الرِّبَا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14953الْقَاضِي : إنْ كَانَتْ فِيهِ صِنَاعَةٌ مُبَاحَةٌ ، فَزَادَتْ قِيمَتُهُ مِنْ أَجْلِهَا ، جَازَ تَقْوِيمُهُ بِجِنْسِهِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ قِيمَتُهُ ، وَالصِّنَاعَةُ لَهَا قِيمَةٌ ، وَكَذَلِكَ لَوْ كُسِرَ الْحُلِيُّ ، وَجَبَ أَرْشُ كَسْرِهِ ، وَيُخَالِفُ الْبَيْعَ ، لِأَنَّ الصِّنَاعَةَ لَا يُقَابِلُهَا الْعِوَضُ فِي الْعُقُودِ ، وَيُقَابِلُهَا فِي الْإِتْلَافِ ، أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَا تَنْفَرِدُ بِالْعَقْدِ ، وَتَنْفَرِدُ بِضَمَانِهَا بِالْإِتْلَافِ . قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ : هَذَا مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ مِثْلَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11851أَبُو الْخَطَّابِ لِأَنَّ الْقِيمَةَ مَأْخُوذَةٌ عَلَى سَبِيلِ الْعِوَضِ ، فَالزِّيَادَةُ فِيهِ رِبًا ، كَالْبَيْعِ وَكَالنَّقْصِ .
وَقَدْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ
ابْنِ مَنْصُورٍ : إذَا كَسَرَ الْحُلِيَّ ، يُصْلِحُهُ أَحَبُّ إلَيَّ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14953الْقَاضِي : وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمَا تَرَاضَيَا بِذَلِكَ ، لَا أَنَّهُ عَلَى طَرِيقِ الْوُجُوبِ . وَهَذَا فِيمَا إذَا كَانَتْ الصِّنَاعَةُ مُبَاحَةً ، فَإِنْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً كَالْأَوَانِي وَحُلِيِّ الرِّجَالِ ، لَمْ يَجُزْ ضَمَانُهُ بِأَكْثَرَ مِنْ وَزْنِهِ ، وَجْهًا وَاحِدًا ; لِأَنَّ الصِّنَاعَةَ لَا قِيمَةَ لَهَا شَرْعًا ، فَهِيَ كَالْمَعْدُومَةِ .