وسواء تركا ذكر المهر ، أو شرطا نفيه ، مثل أن يقول : زوجتك بغير مهر . فيقبله كذلك . ولو قال : زوجتك بغير مهر في الحال ، ولا في الثاني . صح أيضا . وقال بعض الشافعية : لا يصح في هذه الصورة ، لأنها تكون كالموهوبة . وليس بصحيح ; لأنه قد صح فيما إذا قال : زوجتك بغير مهر . فيصح هاهنا ; لأن معناهما واحد ، وما صح في إحدى الصورتين المتساويتين ، صح في الأخرى .
وليست كالموهوبة ; لأن الشرط يفسد ، ويجب المهر . إذا ثبت هذا ، فإن تسمى مفوضة ، بكسر الواو وفتحها ، فمن كسر أضاف الفعل إليها على أنها فاعلة ، مثل مقومة ، ومن فتح أضافه إلى وليها . ومعنى التفويض الإهمال ، كأنها أهملت أمر المهر ، حيث لم تسمه ; ومنه قول الشاعر : المزوجة بغير مهر
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم ولا سراة إذا جهالهم سادوا
يعني مهملين .والتفويض على ضربين ; . فأما تفويض بضع ، وتفويض مهر ، فهو الذي ذكره تفويض البضع ، وفسرناه ، وهو الذي ينصرف إليه إطلاق التفويض ، وأما الخرقي فهو أن يجعل الصداق إلى رأي أحدهما ، أو رأي أجنبي ، فيقول : زوجتك على ما شئت ، أو على حكمك أو على حكمي ، أو حكمها ، أو حكم أجنبي . ونحوه . فهذه لها مهر المثل ، في ظاهر كلام تفويض المهر ، لأنها لم تزوج نفسها إلا بصداق ، لكنه مجهول ، فسقط لجهالته ، ووجب مهر المثل . الخرقي
والتفويض الصحيح ، أن تأذن المرأة الجائزة الأمر لوليها في تزويجها بغير مهر ، أو بتفويض قدره ، أو يزوجها أبوها كذلك . فأما إن زوجها غير أبيها ، ولم يذكر مهرا ، بغير إذنها في ذلك ، فإنه يجب مهر المثل . وقال لا يكون التفويض إلا في الصورة الأولى . وقد سبق الكلام معه في أن للأب أن يزوج ابنته بدون صداق مثلها ، فكذلك يجوز تفويضه . فإذا الشافعي ، فليس لها إلا المتعة . طلقت المفوضة البضع قبل الدخول
نص عليه ، في رواية جماعة ، وهو قول أحمد ، ابن عمر ، وابن عباس والحسن ، ، وعطاء ، وجابر بن زيد والشعبي ، والزهري ، ، والنخعي والثوري ، والشافعي وإسحاق ، ، وأصحاب الرأي . وعن وأبي عبيد ، رواية أخرى ، أن الواجب لها نصف مهر مثلها ; لأنه نكاح صحيح يوجب مهر المثل بعد الدخول ، فيوجب نصفه بالطلاق قبل الدخول ، كما لو سمى محرما . وقال أحمد ، مالك ، والليث : المتعة مستحبة غير واجبة ; لأن الله تعالى قال : { وابن أبي ليلى حقا على المحسنين } فخصهم بها فيدل أنها على سبيل الإحسان والتفضل ، والإحسان ليس بواجب ، ولأنها لو كانت واجبة لم تختص المحسنين دون غيرهم .
ولنا ، قوله تعالى : { ومتعوهن } . أمر ، والأمر يقتضي الوجوب . وقال تعالى : { وللمطلقات متاع بالمعروف [ ص: 184 ] حقا على المتقين } . وقال تعالى : { إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن } . ولأنه طلاق في نكاح يقتضي عوضا ، فلم يعر عن العوض ، كما لو سمى مهرا . وأداء الواجب من الإحسان ، فلا تعارض بينهما .