( 8360 ) مسألة ; قال : ( والعدل من لم تظهر منه ريبة . وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي ،
وإسحاق ) وجملته أن
nindex.php?page=treesubj&link=15971_15973_16155العدل هو الذي تعتدل أحواله في دينه وأفعاله . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي : يكون ذلك في الدين والمروءة والأحكام . أما الدين فلا يرتكب كبيرة ، ولا يداوم على صغيرة ، فإن الله تعالى أمر أن لا تقبل شهادة القاذف ، فيقاس عليه كل مرتكب كبيرة ، ولا يجرحه عن العدالة فعل صغيرة ; لقول الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=32الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم } .
قيل : اللمم صغار الذنوب . ولأن التحرز منها غير ممكن ، جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11713إن تغفر اللهم تغفر جما وأي عبد لك لا ألما ؟ } أي لم يلم . فإن " لا " مع الماضي بمنزلة " لم " مع المستقبل . وقيل : اللمم أن يلم بالذنب ، ثم لا يعود فيه . والكبائر كل معصية فيها حد ، والإشراك بالله ، وقتل النفس التي حرم الله ، وشهادة الزور ، وعقوق الوالدين . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=130أبو بكرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=1538ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ الإشراك بالله ، وقتل النفس التي حرم [ ص: 170 ] الله ، وعقوق الوالدين . وكان متكئا فجلس ، فقال : ألا وقول الزور وقول الزور . فما زال يكررها حتى قلنا : ليته سكت . } متفق عليه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : لا تجوز
nindex.php?page=treesubj&link=16146_15970شهادة آكل الربا ، والعاق ، وقاطع الرحم ، ولا تقبل شهادة من لا يؤدي زكاة ماله ، وإذا أخرج في طريق المسلمين الأسطوانة والكنيف لا يكون عدلا ، ولا يكون ابنه عدلا إذا ورث أباه حتى يرد ما أخذه من طريق المسلمين ، ولا يكون عدلا إذا كذب الكذب الشديد ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم رد شهادة رجل في كذبه . وقال : عن
الزهري ، عن
عروة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30051لا تجوز شهادة خائن ، ولا خائنة ، ولا مجلود في حد ، ولا ذي غمر على أخيه في عداوة ، ولا القاطع لأهل البيت ، ولا مجرب عليه شهادة زور ، ولا ضنين في ولاء ولا قرابة } . وقد رواه
أبو داود ، وفيه : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30051لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ، ولا زان ولا زانية ، ولا ذي غمر على أخيه } .
فأما الصغائر ، فإن كان مصرا عليها ، ردت شهادته ، وإن كان الغالب من أمره الطاعات ، لم يرد ; لما ذكرنا من عدم إمكان التحرز منه .
nindex.php?page=treesubj&link=16146_15988فأما المروءة فاجتناب الأمور الدنيئة المزرية به ، وذلك نوعان ; أحدهما ، من الأفعال ، كالأكل في السوق . يعني به الذي ينصب مائدة في السوق ، ثم يأكل والناس ينظرون . ولا يعني به أكل الشيء اليسير ، كالكسرة ونحوها . وإن كان يكشف ما جرت العادة بتغطيته من بدنه ، أو يمد رجليه في مجمع الناس ، أو يتمسخر بما يضحك الناس به ، أو يخاطب امرأته أو جاريته أو غيرهما بحضرة الناس بالخطاب الفاحش ، أو يحدث الناس بمباضعته أهله ، ونحو هذا من الأفعال الدنيئة ، ففاعل هذا لا تقبل شهادته ; لأن هذا سخف ودناءة ، فمن رضيه لنفسه واستحسنه ، فليست له مروءة ، فلا تحصل الثقة بقوله .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، في رجل شتم بهيمة : قال الصالحون : لا تقبل شهادته حتى يتوب . وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=91أبو مسعود البدري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12133إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى ، إذا لم تستح فاصنع ما شئت } . يعني من لم يستح صنع ما شاء . ولأن المروءة تمنع الكذب ، وتزجر عنه ، ولهذا يمتنع منه ذو المروءة وإن لم يكن ذا دين . وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12026أبي سفيان ، أنه حين سأله
قيصر عن النبي صلى الله عليه وسلم وصفته فقال : والله لولا أني كرهت أن يؤثر عني الكذب ، لكذبته . ولم يكن يومئذ ذا دين . ولأن الكذب دناءة ، والمروءة تمنع من الدناءة . وإذا كانت المروءة مانعة من الكذب ، اعتبرت في العدالة ، كالدين ، ومن فعل شيئا من هذا مختفيا به ، لم يمنع من قبول شهادته ; لأن مروءته لا تسقط به .
وكذلك إن فعله مرة ، أو شيئا قليلا ، لم ترد شهادته ; لأن صغير المعاصي لا يمنع الشهادة إذا قل ، فهذا أولى ، ولأن المروءة لا تختل بقليل هذا ، ما لم يكن عادته . النوع الثاني ، في
nindex.php?page=treesubj&link=16146_15988الصناعات الدنيئة ; كالكساح والكناس ، لا تقبل شهادتهما ; لما روى
سعيد ، في " سننه " أن رجلا أتى
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، فقال له : إني رجل كناس ، فقال : أي شيء تكنس ، الزبل ؟ . قال : لا . قال : العذرة ؟
[ ص: 171 ] قال : نعم . قال : منه كسبت المال ، ومنه تزوجت ، ومنه حججت ؟ قال : نعم . قال : الأجر خبيث ، وما تزوجت خبيث ، حتى تخرج منه كما دخلت فيه . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس مثله في الكساح . ولأن هذا دناءة يجتنبه أهل المروءات ، فأشبه الذي قبله .
فأما
nindex.php?page=treesubj&link=16146_15988الزبال والقراد والحجام ونحوهم ، ففيه وجهان ; أحدهما ، لا تقبل شهادتهم ; لأنه دناءة يجتنبه أهل المروءات ، فهو كالذي قبله . والثاني ، تقبل ; لأن بالناس إليه حاجة . فعلى هذا الوجه ، إنما تقبل شهادته إذا كان يتنظف للصلاة في وقتها ويصليها ، فإن صلى بالنجاسة ، لم تقبل شهادته ، وجها واحدا . وأما
nindex.php?page=treesubj&link=16146_15988الحائك والحارس والدباغ ، فهي أعلى من هذه الصنائع ، فلا ترد بها الشهادة . وذكرها
nindex.php?page=showalam&ids=11851أبو الخطاب في جملة ما فيه وجهان .
وأما سائر
nindex.php?page=treesubj&link=16146_15988الصناعات التي لا دناءة ، فيها فلا ترد الشهادة بها ، إلا من كان منهم يحلف كاذبا ، أو يعد ويخلف ، وغلب هذا عليه ، فإن شهادته ترد . وكذلك من كان منهم يؤخر الصلاة عن أوقاتها ، أو لا يتنزه عن النجاسات ، فلا شهادة له ، ومن كانت صناعته محرمة ; كصانع المزامير والطنابير ، فلا شهادة له . ومن
nindex.php?page=treesubj&link=16146كانت صناعته يكثر فيها الربا ، كالصائغ والصيرفي ، ولم يتوق ذلك ، ردت شهادته .
( 8360 ) مَسْأَلَةٌ ; قَالَ : ( وَالْعَدْلُ مَنْ لَمْ تَظْهَرْ مِنْهُ رِيبَةٌ . وَهَذَا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ،
وَإِسْحَاقَ ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=15971_15973_16155الْعَدْلَ هُوَ الَّذِي تَعْتَدِلُ أَحْوَالُهُ فِي دِينِهِ وَأَفْعَالِهِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14953الْقَاضِي : يَكُونُ ذَلِكَ فِي الدِّينِ وَالْمُرُوءَةِ وَالْأَحْكَامِ . أَمَّا الدِّينُ فَلَا يَرْتَكِبُ كَبِيرَةً ، وَلَا يُدَاوِمُ عَلَى صَغِيرَةٍ ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ أَنْ لَا تُقْبَلَ شَهَادَةُ الْقَاذِفِ ، فَيُقَاسُ عَلَيْهِ كُلُّ مُرْتَكِبِ كَبِيرَةٍ ، وَلَا يُجَرِّحُهُ عَنْ الْعَدَالَةِ فِعْلُ صَغِيرَةٍ ; لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=32الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إلَّا اللَّمَمَ } .
قِيلَ : اللَّمَمُ صِغَارُ الذُّنُوبِ . وَلِأَنَّ التَّحَرُّزَ مِنْهَا غَيْرُ مُمْكِنٍ ، جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11713إنْ تَغْفِرْ اللَّهُمَّ تَغْفِرْ جَمَّا وَأَيُّ عَبْدٍ لَك لَا أَلَمَّا ؟ } أَيْ لَمْ يُلِمَّ . فَإِنَّ " لَا " مَعَ الْمَاضِي بِمَنْزِلَةِ " لَمْ " مَعَ الْمُسْتَقْبَلِ . وَقِيلَ : اللَّمَمُ أَنْ يُلِمَّ بِالذَّنْبِ ، ثُمَّ لَا يَعُودَ فِيهِ . وَالْكَبَائِرُ كُلُّ مَعْصِيَةٍ فِيهَا حَدٌّ ، وَالْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ . وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=130أَبُو بَكْرَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=1538أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرَ ؟ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ [ ص: 170 ] اللَّهُ ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ . وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ ، فَقَالَ : أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ وَقَوْلُ الزُّورِ . فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا : لَيْتَهُ سَكَتَ . } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ : لَا تَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=16146_15970شَهَادَةُ آكِلِ الرِّبَا ، وَالْعَاقِّ ، وَقَاطِعِ الرَّحِمِ ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ لَا يُؤَدِّي زَكَاةَ مَالِهِ ، وَإِذَا أَخْرَجَ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ الْأُسْطُوَانَةَ وَالْكَنِيفَ لَا يَكُونُ عَدْلًا ، وَلَا يَكُونُ ابْنُهُ عَدْلًا إذَا وَرِثَ أَبَاهُ حَتَّى يَرُدَّ مَا أَخَذَهُ مِنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ ، وَلَا يَكُونُ عَدْلًا إذَا كَذَبَ الْكَذِبَ الشَّدِيدَ ; لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدَّ شَهَادَةَ رَجُلٍ فِي كَذِبِهِ . وَقَالَ : عَنْ
الزُّهْرِيِّ ، عَنْ
عُرْوَةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30051لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ ، وَلَا خَائِنَةٍ ، وَلَا مَجْلُودٍ فِي حَدٍّ ، وَلَا ذِي غِمْرٍ عَلَى أَخِيهِ فِي عَدَاوَةٍ ، وَلَا الْقَاطِعِ لِأَهْلِ الْبَيْتِ ، وَلَا مُجَرَّبٍ عَلَيْهِ شَهَادَةُ زُورٍ ، وَلَا ضَنِينٍ فِي وَلَاءٍ وَلَا قَرَابَةٍ } . وَقَدْ رَوَاهُ
أَبُو دَاوُد ، وَفِيهِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30051لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ وَلَا خَائِنَةٍ ، وَلَا زَانٍ وَلَا زَانِيَةٍ ، وَلَا ذِي غِمْرٍ عَلَى أَخِيهِ } .
فَأَمَّا الصَّغَائِرُ ، فَإِنْ كَانَ مُصِرًّا عَلَيْهَا ، رُدَّتْ شَهَادَتُهُ ، وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ مِنْ أَمْرِهِ الطَّاعَاتِ ، لَمْ يُرَدَّ ; لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ عَدَمِ إمْكَانِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ .
nindex.php?page=treesubj&link=16146_15988فَأَمَّا الْمُرُوءَةُ فَاجْتِنَابُ الْأُمُورِ الدَّنِيئَةِ الْمُزْرِيَةِ بِهِ ، وَذَلِكَ نَوْعَانِ ; أَحَدُهُمَا ، مِنْ الْأَفْعَالِ ، كَالْأَكْلِ فِي السُّوقِ . يَعْنِي بِهِ الَّذِي يَنْصِبُ مَائِدَةً فِي السُّوقِ ، ثُمَّ يَأْكُلُ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ . وَلَا يَعْنِي بِهِ أَكْلَ الشَّيْءِ الْيَسِيرِ ، كَالْكِسْرَةِ وَنَحْوِهَا . وَإِنْ كَانَ يَكْشِفُ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَغْطِيَتِهِ مِنْ بَدَنِهِ ، أَوْ يَمُدُّ رِجْلَيْهِ فِي مَجْمَعِ النَّاسِ ، أَوْ يَتَمَسْخَرُ بِمَا يُضْحِكُ النَّاسَ بِهِ ، أَوْ يُخَاطِبُ امْرَأَتَهُ أَوْ جَارِيَتَهُ أَوْ غَيْرَهُمَا بِحَضْرَةِ النَّاسِ بِالْخِطَابِ الْفَاحِشِ ، أَوْ يُحَدِّثُ النَّاسَ بِمُبَاضَعَتِهِ أَهْلَهُ ، وَنَحْوِ هَذَا مِنْ الْأَفْعَالِ الدَّنِيئَةِ ، فَفَاعِلُ هَذَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ ; لِأَنَّ هَذَا سُخْفٌ وَدَنَاءَةٌ ، فَمَنْ رَضِيَهُ لِنَفْسِهِ وَاسْتَحْسَنَهُ ، فَلَيْسَتْ لَهُ مُرُوءَةٌ ، فَلَا تَحْصُلُ الثِّقَةُ بِقَوْلِهِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ ، فِي رَجُلٍ شَتَمَ بَهِيمَةً : قَالَ الصَّالِحُونَ : لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ حَتَّى يَتُوبَ . وَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=91أَبُو مَسْعُودٍ الْبَدْرِيُّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12133إنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى ، إذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْت } . يَعْنِي مَنْ لَمْ يَسْتَحِ صَنَعَ مَا شَاءَ . وَلِأَنَّ الْمُرُوءَةَ تَمْنَعُ الْكَذِبَ ، وَتَزْجُرُ عَنْهُ ، وَلِهَذَا يَمْتَنِعُ مِنْهُ ذُو الْمُرُوءَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَا دِينٍ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12026أَبِي سُفْيَانَ ، أَنَّهُ حِينَ سَأَلَهُ
قَيْصَرُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصِفَتِهِ فَقَالَ : وَاَللَّهِ لَوْلَا أَنِّي كَرِهْت أَنْ يُؤْثَرَ عَنِّي الْكَذِبُ ، لَكَذَبْته . وَلَمْ يَكُنْ يَوْمئِذٍ ذَا دِينٍ . وَلِأَنَّ الْكَذِبَ دَنَاءَةٌ ، وَالْمُرُوءَةُ تَمْنَعُ مِنْ الدَّنَاءَةِ . وَإِذَا كَانَتْ الْمُرُوءَةُ مَانِعَةً مِنْ الْكَذِبِ ، اُعْتُبِرَتْ فِي الْعَدَالَةِ ، كَالدِّينِ ، وَمَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ هَذَا مُخْتَفِيًا بِهِ ، لَمْ يَمْنَعْ مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِ ; لِأَنَّ مُرُوءَتَهُ لَا تَسْقُطُ بِهِ .
وَكَذَلِكَ إنْ فَعَلَهُ مَرَّةً ، أَوْ شَيْئًا قَلِيلًا ، لَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ ; لِأَنَّ صَغِيرَ الْمَعَاصِي لَا يَمْنَعُ الشَّهَادَةَ إذَا قَلَّ ، فَهَذَا أَوْلَى ، وَلِأَنَّ الْمُرُوءَةَ لَا تَخْتَلُّ بِقَلِيلِ هَذَا ، مَا لَمْ يَكُنْ عَادَتَهُ . النَّوْعُ الثَّانِي ، فِي
nindex.php?page=treesubj&link=16146_15988الصِّنَاعَاتِ الدَّنِيئَةِ ; كَالْكُسَاحِ وَالْكَنَّاسِ ، لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا ; لِمَا رَوَى
سَعِيدٌ ، فِي " سُنَنِهِ " أَنَّ رَجُلًا أَتَى
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنَ عُمَرَ ، فَقَالَ لَهُ : إنِّي رَجُلٌ كَنَّاسٌ ، فَقَالَ : أَيَّ شَيْءٍ تَكْنُسُ ، الزِّبْلَ ؟ . قَالَ : لَا . قَالَ : الْعَذِرَةَ ؟
[ ص: 171 ] قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : مِنْهُ كَسَبْتَ الْمَالَ ، وَمِنْهُ تَزَوَّجْت ، وَمِنْهُ حَجَجْت ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : الْأَجْرُ خَبِيثٌ ، وَمَا تَزَوَّجْت خَبِيثٌ ، حَتَّى تَخْرُجَ مِنْهُ كَمَا دَخَلْت فِيهِ . وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُهُ فِي الْكُسَاحِ . وَلِأَنَّ هَذَا دَنَاءَةٌ يَجْتَنِبُهُ أَهْلُ الْمُرُوءَاتِ ، فَأَشْبَهَ الَّذِي قَبْلَهُ .
فَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=16146_15988الزَّبَّالُ وَالْقَرَّادُ وَالْحَجَّامُ وَنَحْوُهُمْ ، فَفِيهِ وَجْهَانِ ; أَحَدُهُمَا ، لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ ; لِأَنَّهُ دَنَاءَةٌ يَجْتَنِبُهُ أَهْلُ الْمُرُوءَاتِ ، فَهُوَ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ . وَالثَّانِي ، تُقْبَلُ ; لِأَنَّ بِالنَّاسِ إلَيْهِ حَاجَةً . فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ ، إنَّمَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ إذَا كَانَ يَتَنَظَّفُ لِلصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا وَيُصَلِّيهَا ، فَإِنْ صَلَّى بِالنَّجَاسَةِ ، لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ ، وَجْهًا وَاحِدًا . وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=16146_15988الْحَائِكُ وَالْحَارِسُ وَالدَّبَّاغُ ، فَهِيَ أَعْلَى مِنْ هَذِهِ الصَّنَائِعِ ، فَلَا تُرَدُّ بِهَا الشَّهَادَةُ . وَذَكَرَهَا
nindex.php?page=showalam&ids=11851أَبُو الْخَطَّابِ فِي جُمْلَةِ مَا فِيهِ وَجْهَانِ .
وَأَمَّا سَائِرُ
nindex.php?page=treesubj&link=16146_15988الصِّنَاعَاتِ الَّتِي لَا دَنَاءَةَ ، فِيهَا فَلَا تُرَدُّ الشَّهَادَةُ بِهَا ، إلَّا مَنْ كَانَ مِنْهُمْ يَحْلِفُ كَاذِبًا ، أَوْ يَعِدُ وَيُخْلِفُ ، وَغَلَبَ هَذَا عَلَيْهِ ، فَإِنَّ شَهَادَتَهُ تُرَدُّ . وَكَذَلِكَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ عَنْ أَوْقَاتِهَا ، أَوْ لَا يَتَنَزَّهُ عَنْ النَّجَاسَاتِ ، فَلَا شَهَادَةَ لَهُ ، وَمَنْ كَانَتْ صِنَاعَتُهُ مُحَرَّمَةً ; كَصَانِعِ الْمَزَامِيرِ وَالطَّنَابِيرِ ، فَلَا شَهَادَةَ لَهُ . وَمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=16146كَانَتْ صِنَاعَتُهُ يَكْثُرُ فِيهَا الرِّبَا ، كَالصَّائِغِ وَالصَّيْرَفِيِّ ، وَلَمْ يَتَوَقَّ ذَلِكَ ، رُدَّتْ شَهَادَتُهُ .