[2] هـل التنمية هـي استخدام التكنولوجيا المتقدمة؟
يربط بعض الاقتصاديين بين التنمية واستيراد التكنولوجيا المتقدمة على أساس أن في ذلك مسايرة لركب التقدم التكنولوجي في العالم، ولطالما سمعنا زعماء في البلاد الإسلامية يقولون بضرورة أن نحصل على أحدث ما وصل إليه العالم من تكنولوجيا، حتى بدت التكنولوجيا وكأنها الحل السحري لأمراض التخلف وقضايا التنمية كافة.
وهذا الرأي يغفل أن التكنولوجيا هـي نتاج اجتماعي، وأن المستوى التكنولوجي لمجتمع ما يعكس تراكم الخبرات البحثية والعلمية لديه، وهكذا فإن الثورة التكنولوجية في البلاد المتقدمة، هـي تعبير عن تقدم [ ص: 26 ] طبيعي يتضمن نوعا من الاتساق بين هـذا التقدم والأنماط الفكرية والثقافية والقيم المادية السائدة في المجتعمات الغربية، أما استيراد هـذه التكنولوجيا إلى البلاد الإسلامية، فهو لا يعبر عن أمر طبيعي، ولكنه أمر مستعار ومضاف إلى هـيكل اجتماعي متخلف، ومن ثم لا يمكن أن يؤدي إلى التطور ، إن التكنولوجيا التي تطورت في الدول المتقدمة الغربية، لا تعكس في أغلب الأحيان الاحتياجات الحقيقية للبلاد الإسلامية، وهي عموما تستثمر أساسا في رأس المال، الأمر الذي يجعلها مكلفة للغاية بالنسبة للبلاد الفقيرة، وإن استيراد التكنولوجيا المتقدمة دون تطويعها وفقا لخصائص وظروف البلاد الإسلامية، يقلل من فائدتها ويخلق حالة من " الاعتماد " التكنولوجي والتبعية الجديدة.