الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

مقالات في الدعوة والإعلام الإسلامي

نخبة من المفكرين والكتاب

الخطابة فن يحتاج إلى مواهب خاصة وثقافة واسعة

إن الخطابة فن عريق من فنون الدعاية، اهتدى إليه الإنسان منذ فجر [ ص: 61 ] التاريخ. ووظفته الحركات الدينية والسياسية في العصور كلها، وكان الإسلام أكثر هـذه الحركات توظيفا لهذا الفن الخطير، فارتقى به من الوسيلة إلى العبادة، وقرنه بفريضة صلاة الجمعة؛ وتحدثنا السيرة النبوية عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، كأنموذج للخطيب البارع، وتذكر لنا أنه كان إذا خطب في نهي أو زجر احمرت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه، كأنه منذر جيش، وإذا خطب في الحرب اعتمد على قوس، وإذا خطب في السلم اعتمد على عصا، وقد كانت خطبه عليه السلام من جوامع الكلم ، تتوفر فيها مقومات الخطبة المثالية المؤثرة جميعها.

والخطابة فن يحتاج إلى مواهب خاصة، وخصائص هـامة ليس أولها الصوت القوي المؤثر، والقدرة على الإقناع واستمالة الحضور، والتعبير بالحواس مع الكلمات، ومخاطبة العقل والقلب في آن معا، ومناسبة لهجة الإلقاء للمعاني، وليس آخرها وحدة الموضوع، وموضوعية الطرح، وترابط الأفكار، واستخدام الجمل القصيرة المعبرة، والألفاظ المألوفة.

والخطابة تحتاج أيضا إلى ثقافة واسعة في أمور الدين والمجتمع، وفهم دقيق لشرائح الناس الذين يترددون على المسجد وطبقاتهم الفكرية، وأحوالهم الاجتماعية، وظروفهم المعيشية، فلا حياة لإعلام لا يعيش مشاكل الجماهير وقضاياها، ولا أثر لخطبة لا تلمس أعماق الناس الوجدانية والفكرية والاجتماعية، فليحذر خطباؤنا من تحويل منابرنا إلى أبراج عاجية تحجبهم عن جمهورهم المسلم، وتبعدهم عن أوجاعه الحقيقية وواقعه المعاش.

التالي السابق


الخدمات العلمية