الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

مقالات في الدعوة والإعلام الإسلامي

نخبة من المفكرين والكتاب

صورة الأذان الإسلامي قيمة إعلامية كبيرة

ومما يكشف عن هـذه الحقيقة أن كلمات الأذان لم تكن ابتكارا أو اختراعا من أفراد الجماعة المسلمة؛ بل كانت وحيا من عند رب العالمين سبحانه.

يذكر البخاري في باب الأذان، وأبو داود في سننه وغيرهما قصة بدء الأذان بما يوحي بالأبعاد العظيمة لمهمته، وحكمة اختيار ألفاظه وكلماته: ( عن أبي عمير بن أنس ، عن عمومة له من الأنصار، قال: اهتم النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة، كيف يجمع الناس ؟ فقيل له: أنصب راية عند حضور الصلاة، فإذا رأوها أذن بعضهم بعضا، فلم يعجبه ذلك، قال فذكر القنع ، يعني: الشبور - البوق - وقال زياد : شبور اليهود ، فلم يعجبه ذلك، وقال: هـو من أمر اليهود، فذكر له الناقوس ، فقال: هـو من أمر النصارى ، فانصرف عبد الله بن زيد رضي الله عنه ، وهو مهتم لهم النبي صلى الله عليه وسلم ، فأري الأذان في منامه، فقال: فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبره، [ ص: 74 ] فقال: يا رسول الله، إني لبين نائم ويقظان؛ إذ أتاني آت، فأراني الأذان، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد رآه قبل ذلك، فكتمه عشرين يوما، قال: ثم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال له: ما منعك أن تخبرني؟ فقال: سبقني عبد الله بن زيد ، فاستحييت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا بلال ، قم فانظر ما يأمرك به عبد الله بن زيد، فافعله، فأذن بلال؛ قال أبو بشر : فأخبرني أبو عمير : أن الأنصار تزعم أن عبد الله بن زيد لولا أنه كان يومئذ مريضا لجعله رسول الله صلى الله عليه وسلم . مؤذنا. ) (مختصر السنن للحافظ المنذري ، ج1 رقم 468، 460.)

وفي رواية أخرى عن عبد الله بن زيد نفسه - رضي الله عنه - قال فيها: ( ( فلما أصبحت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبرته بما رأيت، قال: إنها لرؤيا حق إن شاء الله، فقم مع بلال، فألق عليه ما رأيت، فليؤذن به، فإنه أندى منك صوتا، فقمت مع بلال، فجعلت ألقيه عليه، ويؤذن به، قال: فسمع ذلك عمر بن الخطاب -وهو في بيته- فخرج يجر رداءه يقول والذي بعثك بالحق يا رسول الله، لقد رأيت مثل ما رأى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (فلله الحمد ) ) ( ابن ماجة ، والترمذي وقال: حسن صحيح ) .

وفي قصة الأذان على ما ذكرتها الكتب الصحاح، دلائل إعلامية ذات بال: منها أن الرسول عليه الصلاة والسلام حرص على أن تكون وسيلة الإعلام في الإسلام معبرة عن مبادئه، مذكرة بأصوله، مسايرة لأخلاقياته، ومن هـنا رفض وسائل الإعلام غير الإسلامية مثل بوق اليهود ، وناقوس النصارى ، ونار المجوس .

كما سارع إلى اختيار الكلمات التي أخبره بها الصحابي الجليل عبد الله ابن زيد الأنصاري رضي الله عنه والتي سمعها ممن نصحه بها في رؤياه، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: ( إنها لرؤيا حق إن شاء الله ) . [ ص: 75 ]

( وعندما قال عمر رضي الله عنه : إنه رأى مثلما رأى عبد الله ، قال النبي عليه الصلاة والسلام : الحمد لله. )

وفي الحديث نقطة إعلامية هـامة تدور حول عنصر الصوت، وما يحمله من عناصر التأثير التي تحرك المشاعر وتهز العاطفة وتدفع إلى الاستجابة؛ ( إذ قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله: فقم مع بلال ، فألق عليه ما رأيت فليؤذن به؛ فإنه أندى صوتا منك. )

والصوت الندي ينساب إلى الأسماع في رقة وسماحة ويسر، بما فيه من جمال، ونبرات مؤثرة متميزة بحيث يطمئن القلب لما يسمع فلا يحس كدرا ولا فزعا.

وقد جاء في صحيح البخاري : ( باب الأذان، " وقول عمر بن عبد العزيز لمؤذنه: أذن وليكن أذانك سمحا " ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية